عندما يحتدم النقاش بين ناقدين أدبيين تجاه مذهب من المذاهب الفكرية.. أو تجاه نظرية ما.. أو رؤية.. ويحمى وطيس النقاش، فإن هذا الأمر بلا شك يثري الثقافة الأدبية.. ويرحل بها إلى أجواء رحبة.. وعوالم لا تحدها حدود.. ولا تقيد بزمن، بل إن في احتدام النقاش إفساح المجال لأن نغوص أكثر في عمق كل ناقد مبحرين ومجدفين، لنجد أنفسنا قريبين من فكره، ملمين بشخصيته وإن تباعد بنا المكان.. وربما الزمان. ويؤكد أن الفكر لا يقيد بمنهج واحد.. وليس عقيماً.. وإنما منه تتناسل أفكار عدة.. وما هو بمحتجز ونحن نراه قابلاً للتمدد والتشكل بأي شكل كان في ذهن الأديب طالما سبق ذلك التشكل قناعة ذاتية.
والنقاش عندما يحتدم أيضاً قد يكون دافعه اتهاماً وجِّه ضد أديب ما من زميل له.. كحال الاتهام الذي أطلقه الكاتب العراقي كريم عبد ضد الناقد د. عبدالله الغذامي من أنه قام بانتحال بعض الأفكار التي سبق وأن طرحها عبد في مقالات متفرقة قام بنشرها في صحيفة (الحياة) في النصف الثاني من التسعينيات الميلادية، وشكلت (كما يزعم) الفكرة الرئيسية لكتاب (النقد الثقافي) الذي صدر عام 2000م للناقد الغذامي.. فهذا الاتهام الموجه ضد د. الغذامي من الكاتب كريم عبد.. اتهام ليس بالهين. ومع ذلك فقد تكفَّل الغذامي بالرد عليه مفنِّداً في رده هذه الاتهامات.. ليقدم لنا حقائق ما كنا لندركها لو لم يتلق الاتهام من كريم عبد.
وأنا هنا لا أشير إلى أن الغذامي بريء من التهمة.. ولست مع كريم عبد.. بيْد أني وكثيرون غيري نخرج من جراء هذه الاتهامات، وتلك النقاشات بحصيلة معرفية، ثقافية، وأدبية ما كان لها أن تحدث لو لم يقع المسبب.
إضافة إلى ذلك أن الأسلوب الذي يعتمد عليه في توالي النقاشات.. أو فضها.. أسلوب أدبي راق، بعيد عن المساس بذات الشخص، أو عرقه.. أو جنسه.. أو ديانته ومذهبه.. وهذا هو المطلوب حتى يسمو النقاش بالأدب والفكر الثقافي ويكون مهيأ للقبول.. أو الرفض بحسب قدرة الأديب على الإقناع، وبما لديه من كمٍّ معرفي وثقافي وفكري يهيئه للقبول. والكاتب العراقي كريم عبد قدم ما لديه ضد د. الغذامي من اتهامات والدكتور الغذامي فنَّد تلك الاتهامات.. بحقائق أبرزها في نقاط عدة.
وهنا استطيع أن أقول بأن ما حدث تحريك للمياه الراكدة.. وتحفيز المتابع لأن يحاول بطريقة أو بأخرى التحقق من صحة الاتهام الموجَّه أو عدمه معتمداً على الإثباتات والأدلة التي قدمها كلا الأديبين.
بيْد أن هناك من سيكتفي بمتابعة المطبوعة محل الاتهام طمعاً في معرفة الحقيقة لا أكثر..!!
ص. ب 10919 - الدمام 31443
فاكس: 8435344-03
|