تعتبر أمراض شرايين القلب التاجية السبب الأول لمعظم حالات الوفاة في الدول الصناعية المتقدمة، وفي كثير من الدول الأخرى، ومع أن نسبة الإصابة بهذه الأمراض في الدول المتقدمة أخذت في الانخفاض البطيء في السنوات الأخيرة، إلا أنه وللأسف الشديد بدأت هذه النسبة في التزايد في كثير من دول العالم النامي مثل دول أمريكا الجنوبية والصين وشبه القارة الهندية ودول الشرق الأوسط.
وتشير الدراسات إلى أن هذه النسبة ستصل إلى معدلات خطيرة في هذه الدول خلال العشرين عاما القادمة إذا استمرت بنفس الوتيرة التي تسير عليها حاليا.
ويرجع السبب في هذا الفرق الكبير بين الدول الصناعية والدول النامية إلى أنه عندما بدأت الدول الصناعية بالتحكم في كثير من عوامل الخطورة المساعدة لظهور هذا المرض، أخذت هذه العوامل بالتزايد في الدول النامية فعلى سبيل المثال، كانت نسبة المدخنين في أوروبا وأمريكا قد وصلت قمتها في الستينات والسبعينات من القرن الميلادي الماضي ثم بدأت بالتناقص تدريجيا، في حين أن هذه النسبة مازالت في ازدياد خطير في معظم الدول النامية، وأيضا نسبة المصابين بمرض السكري والذي يعتبر عامل خطورة مباشراً لهذا المرض أصبح في ارتفاع حاد لأسباب كثيرة ترجع لتغير نمط الحياة في الدول النامية، وكذلك ارتفاع نسبة الإصابة بكوليسترول الدم، وتزايد الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، وكل هذه الأمراض تمثل عوامل خطورة تساعد على الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية.
ما هي نسبة الإصابة بهذا المرض في المملكة؟
نسبة الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بالمملكة العربية السعودية ليست معروفة بالتحديد، ولكن الانطباع لدى الأطباء والجهات الصحية المختصة إضافة إلى واقع الممارسة اليومية والإحصائيات الشهرية والسنوية تعطي دلالة واضحة إلى أن النسبة مرتفعة وفي تزايد.
وهناك دراسات أجريت في السنوات الأخيرة ويتوقع أن تنشر نتائجها قريبا وعندها ستكون هناك أرقام دقيقة لنسبة انتشار الإصابة بهذا المرض، ومن المتوقع أن تظهر هذه النتائج أن نسبة الإصابة تكاد توازي نسبة الإصابة به في الدول الغربية.
*ما هي العوامل المسببة لأمراض ضيق الشرايين التاجية؟
هناك عوامل عديدة وسنذكر هنا أهمها وأخطرها:
التدخين، ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، ارتفاع نسبة كوليسترول الدم، التقدم في السن، عوامل وراثية في بعض الأحيان ولا يشترط وجود هذه العوامل مجتمعة لحدوث الإصابة ولكن كلما زاد عدد عوامل الخطورة زادت فرصة الإصابة ومثال على ذلك:
مريض السكري الذي يدخن يعتبر أكثرعرضة للإصابة بهذا المرض من مريض السكري الذي لا يدخن، وكلاهما أكثر عرضة من الشخص الذي لا يدخن ولا يعاني من مرض السكري.
* ما هي الأمراض والمخاطر الناتجة عن ضيق شرايين القلب التاجية؟
هناك عدة أمراض تنتج عن ضيق شرايين القلب التاجية بعضها مزمن وبعضها حاد يحتاج للتنويم الطارئ والمستعجل بالمستشفى للعناية، ومن هذه الأمراض:
الموت المفاجئ، الذبحة الصدرية المستقرة، الذبحة الصدرية غير المستقرة، احتشاء عضلة القلب نتيجة جلطة في الشرايين التاجية، هبوط القلب، اضطراب نبضات القلب نتيجة نقص التروية.
ومن أهم هذه الأمراض «احتشاء عضلة القلب نتيجة الجلطة بالشرايين التاجية».
مما لاشك فيه أن احتشاء عضلة القلب هو أخطر أنواع الأمراض الناتجة عن ضيق الشرايين التاجية.
وقد تكون جلطة شرايين القلب هي أول علامة لوجود ضيق بالشرايين التاجية أو قد تحدث لمرضى معروف أن لديهم ضيقاً بالشرايين التاجية ويعانون من أشكال أخرى من هذا المرض مثل أن يكون المريض يعاني من الذبحة الصدرية المستقرة.
* ما هي أعراض المرض؟
أهم أعراض المرض الشعور بألم شديد بالصدر غالبا ما يستمر لأكثر من عشر دقائق، وهذا الألم في معظم الأحيان يحس به المريض في وسط الصدر مع الشعور بانتقال الألم إلى مناطق أخرى كالحلق، والرقبة، والكتف الأيسر، وليس بالضرورة أن يشعر المريض بالألم في كل هذه المناطق في وقت واحد، وأحيانا يشعر المريض بأن الألم ينتقل إلى الظهر كما أن الألم قد يبدأ ويستمر في أعلى البطن، مرضى السكر وكبار السن قد لا يشعرون بالألم، وهناك أعراض أخرى غالبا ما تكون مصاحبة للألم مثل، القلق الشديد والتعرق والإحساس بالغثيان مع أوبدون قيء، مع احتمال حدوث ضيق بالتنفس والهبوط الشديد وفي بعض الحالات النادرة قد يتعرض المريض لفقدان الوعي.
*ما هو علاج احتشاء عضلة القلب الناتج عن الجلطة؟
بمجرد إحساس المريض بأي ألم بالصدر خصوصا إذا استمر لأكثر من عشر دقائق يجب عليه التوجه وبدون تأخير لأقرب مستشفى لمراجعة قسم الطوارئ، مع تناول قرص أسبرين إذا توفر ذلك، وعند وصول المريض بحالة احتشاء بعضلة القلب نتيجة جلطة الشرايين التاجية، يتم أولا تشخيص الحالة بعمل تخطيط للقلب وعمل فحوصات للدم، كما يتم إدخال المريض لوحدة العناية القلبية الفائقة حيث يتم إعطاء المريض مذيباً للجلطة عن طريق الوريد، وفي الواقع من أحدث طرق علاج مثل هذه الحالات هو عمل قسطرة قلبية مستعجلة لفتح الشريان المسدود ووضع دعامة معدنية بداخله.
*ما هي وحدة العناية القلبية الفائقة؟
في الواقع ترتبط حالات جلطات القلب ارتباطاً مباشراً بهذه الوحدة، وهي عبارةعن وحدة علاجية متخصصة ينوم بها مريض الجلطة، حيث يشرف على عملها استشاريون وأخصائيون في أمراض القلب ويتواجد بها على مدار الأربع وعشرين ساعة طاقم فني وتمريضي متخصص لرعاية المريض خلال تواجده بها، كما يتم في هذه الوحدة مراقبة تخطيط قلب المريض على مدار الساعة خلال شاشات يظهر عليها تخطيط القلب حيث يتم التدخل العلاجي المبكر والمباشر في حال وجود اضطرابات في نبضات القلب.
* ما هي طرق الوقاية من أمراض شرايين القلب؟
مقولة الوقاية خير من العلاج تنطبق بشكل مثالي على أمراض شرايين القلب حيث ان هناك عوامل خطورة مسببة للمرض من خلال تجنبها أو علاجها تقل نسبة الإصابة بها إلى حد كبير، ويمكن أن نوجز الخطوات الممكن اتباعها للوقاية من هذه الأمراض بإذن الله:
1- تجنب التدخين والامتناع عنه لمن يمارس هذه العادة غير الصحية
2- الكشف المبكر لارتفاع ضغط الدم وتشخيصه وعلاجه، مع ضرورة المتابعة للتأكد من أن ضغط الدم مسيطر عليه تماما، إذ لا يكفي أن نأخذ العلاج فقط، حيث ان نسبة كبيرة ممن هم تحت العلاج لا تزال مستويات ضغط الدم لديهم مرتفعة.
3- تشخيص مرض السكري ومعالجته بصورة دقيقة حيث ان كثيراً من مرضى السكري أيضا مستوى سكر الدم لديهم مرتفع بالرغم من تناولهم للعلاج.
4- تشخيص وعلاج ارتفاع مستوى كوليسترول الدم.
5- الالتزام بالتغذية الصحية وتجنب الإفراط في الأكل خصوصا تناول الدهون الحيوانية مثل السمن والزبد والأطعمة التي تزيد من نسبة الكوليسترول بالدم مثل الوجبات السريعة والتي انتشرت هذه الأيام والتي تعتبر نموذجاً للتغذية غير الصحية.
6- ضرورة إنقاص الوزن لمن تعتبر أوزانهم فوق المعدل الطبيعي مقارنة بأطوالهم.
7- ممارسة الرياضة بانتظام مما يؤدي إلى حرق الدهون ومنع زيادة الوزن وتقوية عضلة القلب.
وهنا نذكر بأن المشي يناسب معظم الناس باختلاف فئاتهم العمرية، خصوصا في هذا العصر الحديث والذي أصبح الإنسان يعتمد اعتماداً كلياً على السيارة في تحركاته وتنقلاته مما قلل كثيرا من المشي حتى ولو لخطوات معدودة، وهنا ربما يمكننا أن ننصح الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون في مبان متعددة الطوابق إلى أن يستخدموا الأدراج بدلا من المصاعد من وقت لآخر حيث ان هذا ينعكس على أجسامهم بفائدة عظيمة، ولا بد لنا أن نذكر مرة أخرى على أهمية سرعة التوجه للمستشفى في حال كان هناك إحساس بألم في الصدر طالت مدته لأكثر من عشر دقائق. ودائما نقول الشفاء بإذن الله.
(*) استشاري أمراض القلب مستشفى المركز التخصصي الطبي
|