لقاء خالد الدوس
على مدى تاريخ نادي النصر العريق.. لم تنجب ساحته الرياضية لاعباً في خط وسطه مثل نجمه المثالي الرائع.. سعد الجوهر.. الذي لمع اسمه وعلا شأنه في عقد الثمانينيات.. حيث حمل شارة الكابتنية لفريقه في وقت مبكر من عمره الرياضي.. غير أنه كان كبيراً بقدرته الفنية وسماته القيادية الفذة التي اضاءت له دروب التألق والنجاح..
لعب ضمن أول جيل مثل منتخب المملكة رسمياً في دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390ه.. فبقي طوال مشواره الرياضي الذي امتد ل«15 عاماً» نجماً مثالياً .. قاد المجموعة النصراوية لمنصات التتويج..!
الجزيرة.. وكعادتها في متابعة شؤون وشجون اللاعبين السابقين قامت بزيارة قائد النصر الخلوق «سعد الجوهر» في المستشفى العسكري بعد اجراء عملية بتر لقدمه الأخرى «اليمين» اثر اصابته بالغرغرينا - شفاه الله -..
الى محصلة الزيارة..
خراج مفاجىء..!
قبل ما ينيف عن شهر شعرت «وحسيت» ببعض الآلام في قدمي اليمنى واكتشفت انه خراج مفاجىء.. استمر معي عدة أيام فذهبت لاحد المستوصفات الأهلية القريبة من سكني.. وبعد معاينة الطبيب لموضع الخراج بالقدم نصحني ان اتوجه لمستشفى حكومي.. حيث احدثت الاصابة بالخراج التهابات لا أدري كيف تعرضت لهذا الخراج..!!
فشل «عملية التنظيف»..!
وفي ظل الالتهابات توجهت للمستشفى العسكري بالرياض.. حيث اتضح ان الدم لا يسري في الأوعية الدموية بصورة طبيعية وبعد الفحص المبدئي ونتائج التحاليل قرر الأطباء إزاء ذلك ضرورة بتر القدم التي توقف عنها الدم واكتشف أنها غرغرينا..!
طبعاً بعد دخولي للمستشفى تم اجراء عملية تنظيف وعلى مدى اسبوعين مرتين مدة كل مرحلة ساعة ونصف.. غير ان تلك المحاولات باءت بالفشل فبدأ لون القدم يسودّ فتقرر بتر القدم قبل 21 يوماً حيث بترت مع الساق الى ما دون الركبة التي انقطع عنها الدم..!!
استئصال القدم اليمنى..!
حين أخبرني الأطباء بضرورة بتر القدم وبصورة عاجلة حتى لا تحدث مضاعفات تقبلت الأمر بصدر رحب لأنني وجدت نفسي أمام العملية ولا مناص منها!! لاسيما وأنها لا تتحمل التأخير طبقاً لما ذكره الأطباء حيث ان ترك القدم لفترة أطول سيترتب عليه مضاعفات قد يتم بتر القدم من جزء أعلى وخصوصا وكما أشرت آنفا ان محاولات عملية التنظيف التي أجريت لي لم تنجح! وأمام ذلك رضخت للأمر الواقع والحمد لله هذا قضاء الله وقدره في كل حال.. وقبل اجراء العملية وبتر القدم عاد الدم يسري بشكل طبيعي في الجزء المتبقي من القدم.. وقد استغرقت مدة العملية «3» ساعات وانتهت باستئصال القدم..!
طبعاً هذه العملية الثانية التي يتم فيها بتر القدم حيث سبق وان تم بتر القدم اليسرى لنفس السبب قبل سنة ونصف تقريباً حيث تم اجراء استئصال من القدم اليسرى وبعد عشرين يوماً من هذه العملية تم بتر القدم والساق الى ما دون الركبة.. بعد ان انقطع عنها الدم في الأوعية الدموية ويبست الرجل لأن الكلسترول معي منذ فترة وهذا ما أحدث تجلط الدم في الشرايين وتوقف الدم عن الرجل «لستودّ» فتقرر بترها كما أشرت سابقاً قبل سنة ونصف تقريباً!!!.
معنوية عالية
بالتأكيد عندما قرر الأطباء بتر القدم اليمنى لم أُصدم ولم ينتابني خوف أو متاعب نفسية لأنني مؤمن أولاً بقضاء الله وقدره.. المؤمن لاشك دائما مبتلى.. وثانياً لا أنسى دور الأطباء الذين هيؤوني نفسياً ورفعوا من معنوياتي بصورة أفضل قبل وبعد اجراء عملية البتر.. بفضل الله ثم بفضل المعاملة الانسانية والأسلوب الحضاري من هؤلاء الأطباء الذين اشرفوا على حالتي لحظة دخولي المستشفى الى جانب العناية والمتابعة المستمرة التي وجدتها سواء من حيث متابعة قياس الضغط والسكر أو متابعة نتائج البرنامج الغذائي الذي أعد لكي يتناسب مع حالتي الصحية بعد العملية.
فجزاهم الله عني كل خير على هذا الاهتمام وهذه العناية الفائقة التي غمروني بها بالمستشفى..!
البرامج التأهيلية
حتى الآن لم يتقرر خروجي من المستشفى.. وهناك احتمال ان انتقل للمستشفى التخصصي للشروع في البرامج التأهيلية. وهما العلاج المهني والطبيعي لوجود أطباء متخصصين بالأطراف الصناعية الى جانب توفر العلاج الطبيعي والتأهيل لاستخدام الأطراف الصناعية والتأقلم عليها وبالنسبة للعلاج المهني يقصد به تدريب المريض في كيفية الاعتماد على الذات وكيف يقضي احتياجاته في المنزل وخلاف ذلك..! وحتى الآن لم يتحدد متى أزاول العلاج الطبيعي والتأهيلي.
شخصيات رياضية
ثمة شخصيات رياضية واجتماعية غمرتني بزيارتها واتصالاتها المستمرة والسؤال عن حالتي الصحية والاطمئنان عليَّ ومن الصعب ان اذكر أسماءهم خشية ان اتجاهل أحدها.
ومن اللاعبين السابقين هناك لاعبو النصر القدماء حيث زارني عدد كبير منهم الى جانب بعض لاعبي الأندية الأخرى ولاشك ان تلك الزيارات ساهمت في تخفيف معاناتي ولاسيما الجسدية واسأل الله جل شأنه ان يجزيهم عني كل خير وان ينجيهم من كل مكروه..!!
أعتز بزيارة لاعبي الأمس..!
زيارة الأصدقاء القدماء بالذات اللاعبين السابقين لاشك لها واقع في نفسي ومردود معنوي حيث يخالجني شعور بالفرح والسرور حين اشاهد هؤلاء الزملاء سواء بنادي النصر أو من الأندية الأخرى على اعتبار ان تلك الزيارات تعيدني للوراء سنوات حفلت بالكثير من الذكريات والطرف التي لا تنسى.
بل البعض لم أشاهده منذ فترة طويلة وعلى سبيل المثال أخي وصديقي العميد صالح العميل لم أشاهده منذ أكثر من 30 عاماً وأيضا فهد بن بريك وهؤلاء تربطني بهم علاقة قوية حيث لعبنا سوياً في صفوف منتخب الوسطى في النصف الثاني من عقد الثمانينيات وبعد الاعتزال تفرقنا وابعدتنا السنوات لذا أجد نفسي في سعادة بالغة حين يزورني أحد من أبناء جيلي من الرياضيين.. أو التقي به صدفة..!
نقاط من الزيارة
* يرافق الكابتن سعد الجوهر في المستشفى ابنه (وحيد) الذي ضرب أروع الأمثلة في البر والوفاء لوالده.. وتجلى ذلك في ملازمته والوقوف بجواره وتلبية كل ما يحتاجه بكل أدب واحترام وهذه بلا شك ثمرة تربية والده (شفاه الله) الذي جبل على الطيبة المتناهية والخلق الرفيع.
* حين زار مهاجم الشباب سابقا صالح العميل سعد الجوهر في المستشفى بحضور «الجزيرة» حصل عناق حار بينه وبين رفيق دربه سعد الجوهر الذي ذرفت دموعه بعد أن شاهده لأول مرة بعد انقطاع دام 30 عاماً حيث لعب الاثنان في صفوف أشبال النصر قبل أربعة عقود ثم انتقل العميل للشباب عام 1384هـ.
* ميزر أمان ذكر العديد من المواقف والطرف المضحكة للجميع مما أضفى جواً من المرح والفرح في نفوس الحاضرين وهنا تدخل ابن بريك وذكر قصة هدفه في شباك ابن نفيسة حارس النصر الذي لا ينساه النصراويون على حد قوله.. فحاز حديث الذكريات على نصيب اكبر من اهتمامات رباعي الثمانينيات.
* يرقد سعد الجوهر في الدور الرابع غرفة 4050 مبنى كبار الشخصيات بالمستشفى العسكري.
* عبر سعد الجوهر عن شكره وامتنانه ل«الجزيرة» على اهتمامها ومتابعتها لحالته الصحية مؤكداً بأن تلك اللفتة غير مستغربة من هذه الصحيفة السباقة دائما في متابعة أحوال الرياضيين القدامى بالتحديد.
***
* في لفتة رائعة جسدت عمق الترابط والتآلف بين نجوم الرياضة السعودية السابقين قام كل من نجم النصر وهدافه في الثمانينيات ميزر أمان ومهاجم الشباب صالح العميل وهداف النجمة والشباب فهد بن بريك بمرافقة «الجزيرة» وذلك لزيارة قائد فريق النصر السابق سعد الجوهر الذي يرقد حاليا على السرير الأبيض في المستشفى العسكري.
* الجزيرة.. التقت بهؤلاء النجوم «نجوم الثمانينيات» فرصدت حديثهم عن رفيق دربهم (سعد الجوهر) شفاه الله لنتناولها عبر السطور التالية:
***
ميزرأمان: ثقتي بأمير الشباب وسمو نائبه بتكريم النجم الخلوق سعد الجوهر!
ميزر أمان هداف النصر (سابقا) يقول: بلاشك أخي العزيز سعد الجوهر اعتبره قد جمع الفضائل النادرة التي نجحت في الجمع بين الاداء الفني المتميز والاخلاق العالية.. حيث كان يمثل لنا كلاعبين قدوة في خلقه وانضباطه . أتذكر جيدا انه حمل شارة القيادة الصفراء رغم صغر سنه لكنه كان كبيرا بقدراته الفنية وسماته القيادية وفي قوة شخصيته عشق النصر وكنا نتأثر بتوجيهاته وأسلوبه لبث الحماس والقتالية في نفوسنا ووجداننا.صحيح انني حزنت كثيرا عقب العمليات المتوالية التي أجراها (شفاه الله) خلال سنة ونصف ولكن إن شاء الله انها تكفير للذنوب.وأتمنى في الوقت ذاته من المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وعلى رأسهم أمير الشباب وسمو نائبه تبني فكرة تكريم هذا النجم الخلوق الذي خدم الرياضة السعودية سنوات طويلة وارتداء شعار الوطن في كثير من المناسبات لاسيما في ظل وضعه الصحي والظروف الحالية وثقتنا بأمير الشباب وسمو نائبه لا حدود لها في تكريم الرجال المخلصين والأوفياء أمثال سعد الجوهر.!
***
فهد بن بريك: «الجمجمة الذهبية» صنعت لفريق النصر أمجاده وبطولاته ..!
أما فهد بن بريك مهاجم فريق نجمة الرياض والشباب (سابقا) فيلتقط خيط الحديث عن قائد النصر وجمجمته الذهبية سعد الجوهر.. قائلا: الحديث عن لاعب بحجم وتاريخ الكابتن سعد يطول ويطول ولكن يكفي انه أحد الأسماء اللامعة والشهيرة التي فرضت نفسها على الساحة الرياضية سواء من الناحية الفنية أو من الناحية السلوكية.. حيث كان يعد نموذجا ومثالا يحتذى به في فنه واخلاصه وقيادته وأعتبره بالفعل أحد نجوم عصره الذين قاد فريقهما لاحراز العديد من الانتصارات الذهبية والانجازات المتعددة.
لعبت معه في صفوف منتخب الوسطى في الثمانينيات وكان قائدنا آنذاك ففرض احترامه على الجميع والكل كان يقدره ويحبه لمثاليته وموهبته الكروية الفذة. ولا أعتقد انني أوفيه حقه وأعطيه نصيبه عبر هذه الاسطر القليلة لأنه قامة عملاقة تستحق الاشادة والاطراء.. ولكن أسأل الله عز وجل ان يكسوه بثوب الصحة والعافية وان يغادر المستشفى قريبا إن شاء الله.
***
د.صالح العميل: الكابتن «سعد الجوهر» مدرسة كروية في قيادته ونجوميته
في البداية تحدث العميد دكتور صالح العميل عن رفيق دربه قائلا: سعد الجوهر لاعب غني عن التعريف.. وعلاقتي به بدأت منذ أن كنا نلعب في أشبال النصر قبل أكثر من (35 عاما) حيث كان يتميز بالخلق الرفيع والأدب الجم إلى جانب أدائه الفني البديع.. حتى علاقته مع لاعبي الاندية الأخرى كانت علاقة متميزة ولا يوجد له خصم أو عدو.!! مهما خسر فريقه أو فاز تجده سعد الانسان الهادي جداً وروحه الرياضية العالية لذا من الصعب أن تنجب الساحة النصراوية لاعبا مثله في مثالية وقتالية وقيادته الفذة.
ومهما أقول عن الكابتن سعد الجوهر فشهادتي فيه مجروحة.. ولكن سنظل نفتخر به وبأمثاله الذين اقتدي بهم وبحسن أخلاقهم وصورتهم المثالية التي رسموها داخل ميدان المنافسة.وأتمنى له الشفاء العاجل ومغادرة السرير الأبيض وهو مفعم بالصحة والعافية.. والسعادة الدائمة.
|