إن أعظم أساس تقوم عليه حياة الفرد المسلم هو توحيد الله عز وجل فهو يمثل المقصد الذي من أجله خُلِق الإنسان قال تعالى: {وّمّا خّلّقًتٍ الجٌنَّ وّالإنسّ إلاَّ لٌيّعًبٍدٍونٌ} فوجوده مناط بعبادة الله عز وجل، ولا تستقيم العبادة إلا بتوحيد الله عز وجل فقد أخبر سبحانه وتعالى عن أساس دعوة الرسل، مبيناً تقديم التوحيد فيها على العبادة فقال: {وّمّا أّرًسّلًنّا مٌن قّبًلٌكّ مٌن رَّسٍولُ إلاَّ نٍوحٌي إلّيًهٌ أّنَّهٍ لا إلّهّ إلاَّ أّنّا فّاعًبٍدٍونٌ} لهذا أجمع العلماء على وجوب شهادة ان لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله قبل جميع العبادات المفروضة. ومن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة».
يقول الإمام الذهبي معلقاً على هذا الحديث: «يدخل الجنة على ما كان منه من خير وشر، وعلى ما يتم عليه من تعذيب أو عفو». وواضح ان الحديث هنا يحمل إشارة في فضل من مات على كلمة التوحيد، وهذه الكرامة من الله لها أثر تربوي في نفوس العباد، إذ تبعث فيهم الأمل وتدفع القنوط واليأس، خاصة عند أصحاب المعاصي من أهل التوحيد.
لذلك أهل التوحيد لهم منزلة مباركة عند الله عز وجل، أما صاحب الهوى فلا يسلم من الشرك في أعماله أو أقواله، ومن هنا رد الإمام الذهبي على قولة الحلاج في موقف عرفة، والناس في الدعاء، التي جاء فيها: أنزّهك عما قرفك به عبادك، وأبرأ إليك مما وحدك به الموحدون» فعلق الإمام الذهبي عليها مبيناً فسادها، بقوله: «هذا عين الزندقة، فإنه تبرأ مما وحّد الله به الموحدون الذين هم الصحابة والتابعون وسائر الأمة، فهل وحدوه تعالى إلا بكلمة الإخلاص التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قالها من قلبه، فقد حَرُم ماله ودمه» وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فإذا برئ الصوفي منها، فهو ملعون زنديق، وهو صوفي الزي والظاهر، متستر بالنسب إلى العارفين، وفي الباطن فهو من صوفية الفلاسفة أعداء الرسل». والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
(*) قاضي محكمة محافظة الأسياح في القصيم
|