إن أمتنا أمة إسلامية يلعب التعليم بمختلف مراحله دوراً جوهرياً في تطور حركة المجتمعات فيها، وذلك لأنه يركز في جوهره على دعوة سماوية جليلة، بدأت بكلمة تلقاها سيد البشرية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن هذه الكلمة انطلقت جوانب عدة أدت لتنمية العامل البشري، ذلك العامل الذي يُعد أساس كل تطور وتنمية، بل يمكن القول بأن التطوير إذا اقتصر فقط على مجرد عمليات التحديث والتطوير المادية دون أن يواكبه على الطرف الآخر تطور مماثل على مستوى العلم والكوادر المتعلمة من الأفراد فان هذا التطور المادي سوف يندثر لعدم وجود العقول القادرة على الحفاظ عليه.
ولا شك أن كل مجتمع بحاجة إلى كوادر علمية مؤهلة في مختلف مجالات الحياة، وقادرة على اكتساب العلوم والمعارف، والعمل على تنميتها، ولعل مجتمعنا العربي عامة، والمجتمع السعودي بوجه خاص أحوج ما يكون إلى الاعتماد على القوة الذاتية من أبنائه، فقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات واسعة في مجال التقدم العلمي، إلا أن إحدى العقبات التي تواجهها مؤسسات التعليم فيها كغيرها من الدول النامية هي تلك التي أشارت إليها ندوة ماذا يريد المجتمع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع.
فإذا كنا تحدثنا عن المعلم وهو حجر الزاوية بالنسبة للعملية التربوية التعليمية إلا أنه لا يمكن أن نغفل أن المعلم أو المعلمة يتأثر بعواطفه وما يتعرض له من ضغوط وما يدور في بيئته فإذا لم توفر له البيئة المدرسية المناسبة للعطاء سيكون عطاؤه أقل بكثير من المطلوب منه، فما يجده المعلم من إمكانيات بعد تخرجه أقل بكثير مما توقعه ذلك.
كذلك هو بحاجة للتأقلم وإغلاق الهوة ما بين النظرية والتطبيق.
وإننا نرجو من وزارة المعارف أن نقف وقفة جادة لوضع سياسة واستراتيجية واضحة لتشجيع المعلم والأخذ بيده بدلا من أن نلومه، بالإضافة إلى دعم جهود المؤسسات التعليمية الهادفة إلى رفع المستوى التعليمي وتوسيع وتطوير نطاق الممارسات التربوية مع إبراز دورها كمركز إشعاع وبما يسهم في تطوير البيئة والمجتمع، وتهيئة مناخ اجتماعي يوفر الفرصة لتحقيق التفاعل الاجتماعي السليم بين الطلاب والتربويين وأولياء الأمور وتعميق الوعي التربوي في المجتمع لا سيما بين أولياء الأمور وبما يتيح التكامل في الجهود والرعاية التربوية للطلاب، وأن نعطي للمسؤول والمسؤولة على وجه الخصوص صلاحيات لدعمهما معنوياً مما يسهم في اكتشاف الطاقات الكامنة فيهما وقدرتهما على إدارة زمام الأمور بكل قوة وثبات نابع من سياسة تعليمية بحمد الله تقوم على مبادئ للعقيدة الإسلامية الحنيفة، هذه السياسة التي منذ صدورها في وثيقة التعليم أنشأت أجيالا من المتعلمين والمتعلمات لهم أدوارهم القيادية في بلادنا، خاصة ونحن في قرن يستلزم تطوير القوى البشرية بتحسين وضع الأفراد والجهات التي يعملون بها، ذلك أن التحدي الذي يفرضه عصرنا المعلوماتي الجديد، خاصة وأن ما تفرضه بيئة الأعمال اليوم على التربية والعاملين فيها اكتساب معارف ومهارات جديدة للتعامل مع هذه التحديات، الأمر الذي سوف يقود إلى استقرار عطاء الطرفين،.
ومن ثم سيقدم لنا مستقبلاً يقوم على الاستثمار في الأفراد وهو من أهم جوانب الاستثمار لأي دولة وسر تنميتها وتطورها.
(*) مديرة إدارة الإشراف التربوي بمحافظة جدة
|