|
|
تعيش منطقة الخليج العربية تقلبات وأحداث سياسية خطيرة لها انعكاسات سلبية على المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ليس فقط في الدول موطن الحدث ولكن ايضاً في جميع دول العالم، وبينما نحن ننتظر نتائج تلك الأحداث وما ستؤول اليه المنطقة في المستقبل، يتابع المراقبون في العالم حالة اسواق النفط العالمية بمتغيراتها المختلفة على اعتبار أنها واحدة من أهم الأسواق التي تتأثر مباشرة بالمتغيرات السياسية وتقف مباشرة وراء الكثير من الأحداث السياسية العالمية. وبغض النظر عن دور هذه السوق كباعث للأحداث السياسية الحالية، فإن من المتوقع ان تشهد اسواق البترول تغيرات هيكلية خطيرة تؤدي فيها إرادة القوى السياسية دوراً مؤثراً وبشكل ربما تؤول معه موازين القوى مرة أخرى لصالح الشركات النفطية العالمية التي كانت تسيطر على الأسواق النفطية قبل قيام منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك». وفي اعتقادي ان المنطقة الخليجية مقبلة على حالة جديدة تشكل معالمها مجموعة من المتغيرات السياسية والاقتصادية التي يتحكم في حركتها واتجاهاتها عناصر خارجية لها مصالحها الخاصة التي ربما تتناقض مع مصالح الدول المصدرة للنفظ بشكل عام ودول المنطقة بشكل خاص. ومن أهم المتغيرات الجديدة التي تؤدي نتائجها في صالح الدول المستهلكة للنفط والشركات النفطية العالمية، التوجه القوي لإحداث تحول سياسي في العراق تحت اشراف وإدارة الدول التي تتبع لها الشركات النفطية مما يعني امكانية تهيئة البيئة المستقبلية لتتلاءم مع مصالح الدول ذات النفوذ السياسي القوي وشركاتها النفطية. وإذا اضفنا الى ذلك التكاليف العالية التي ستتحملها دول المنطقة كنتيجة حتمية لمسار الأحداث السياسية، والمصاعب الحالية التي تعاني منها موازناتها العامة، فإن من المتوقع ان يصاب الاستثمار النفطي في المنطقة بحالة وهن طويلة الأمد مما سيؤثر في الإنتاج المستقبلي للنفط ويقيم الحاجة الى الاستثمارات الاجنبية في هذا المجال المهم تحت ضوابط خاصة تفرضها الأحداث السياسية وتتحكم فيها إرادة اللاعب المؤثر في الساحة السياسية. واذا انتقلنا الى امريكا الجنوبية وما تتعرض له فنزويلا من أحداث خطيرة، فإن من المنطقي ان نتجاوز بمخاوفنا حدود المنطقة الى شكل سوق النفط العالمية وهيكله الذي ربما ينتهي الى حل منظمة الاوبك والعودة كرهاً الى زمن الأخوات السبع خدمة لاغراض سياسية واقتصادية يضع معالمها القوي على الساحة السياسية. وهنا لا بد من الاشارة الى انه على الرغم من الجهد المبذول من قبل الدول الاعضاء في المنظمة لتهدئة مخاوف الدول المستهلكة، إلا ان البواعث السياسية والاقتصادية الحالية تتشكل في بيئة شبه عسكرية لا تحكمها الحكمة السياسية والمنهجية الاقتصادية بقدر ما تتأثر مكوناتها بحرص القوي على تعظيم مكاسبه ومغانمه من المعركة غير المتوازنة، وبالتالي فإن من اروع المكاسب الاقتصادية والسياسية التي ربما يسعى القوي الى تحقيقها من خلال هذه المعركة تغيير هيكلة اسواق النفط العالمية بالشكل الذي يضعف من قنوات التنسيق بين الدول المصدرة ويسهم في تقوية نفوذ الشركات النفطية الذي لن يتحقق إلا من خلال إزالة منظمة الاوبك باعتبارها مظلة التنسيق النفطي بين الدول المصدرة للنفط، ولعل أهمية هذا الإنجاز بالنسبة للدول المستهلكة للنفط ذات النفوذ السياسي القوي تبرز من خلال الاحصاءات الدقيقة التي أثبتت عدم قدرة مصادر الإمداد النفطي من خارج المنظمة بشكل عام ومن خارج منطقة الخليج بشكل خاص على تأمين توازن القوى في أسواق النفط العالمية مما يبقي الأسواق النفطية تحت تأثير مباشر لإدارة الدول الأعضاء في المنظمة وهذا ما لا تسمح به التوازنات السياسية الحالية بأهدافها ومكوناتها المستحدثة. وفي اعتقادي ان التحول باتجاه تغيير هيكلة أسواق النفط العالمية سيسبقه ارتفاع هائل في الأسعار النطفية كنتيجة حتمية لنشوب الحرب في منطقة الخليج مما سينعكس سلباً وبشكل مباشر على طبيعة الإنتاج والاستهلاك في الدول المستهلكة للنفط ومعه سيتسابق الاقتصاديون والسياسيون على اتخاذ الإجراءات الممكنة التي تحقق لهم مكاسب اقتصادية وانتخابية ملموسة بغض النظر عن المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول المصدرة للنفط. فهل يتحقق ذلك؟ الله أعلم.. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |