Monday 27th January,2003 11078العدد الأثنين 24 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

29/10/1389هـ - 6/1/1970م العدد 276 29/10/1389هـ - 6/1/1970م العدد 276
مع الأيام،، من حقيبتي
بقلم: عبدالعزيز ناصر الحمود

في ذات يوم من الأيام خطر ببالي فكرة زيارة صديق عزيز. نفذت الفكرة وتوكلت على الله وشددت الرحال الى بيت صاحبنا وقابلني بالترحاب ثم دعاني الى الدخول ففعلت ما طلب مني، وما هي إلا لحظات حتى طرق الباب، فذهب ليستفسر من يكون الطارق وإذا به صديق عزيز على صاحبنا كثيرا ما حدثني عنه وعن التفوق الذي يحصل عليه في دراسته، حضر هذا الصديق الى مكان ما كنت جالساً فيه، ثم قمت احتراما واجلالا، كما هي العادة في استقبال الضيوف، مع العلم انني لم أكن المضيف - مددت يدي لكي أصافح هذا القادم إلينا وقام المضيف بدور الوسيط فعرّفه بي وعرّفني عليه وأخذ يعدد محاسنه مما خيل الي انه - أي صديقي - يشعر بالفخار تجاه هذا الصديق، وبينما كان صديقي يعدد محاسن هذا الصديق إذا به يشد على يده ويهنئه بتهنئة خيل إلي أنها خرجت من أعماق قلبه على تخرجه من كلية اللغة العربية بالرياض وحصوله على تقدير جيد جدا غير انه أبهرني وحيرني ما لاحظته على وجه صديقي، وذلك بأن رأيت قطرات من الدمع تنساب على خديه، وسيطر على شعور غريب، وقلت في نفسي لا بد أن أتطفل لكي أعرف أسباب ما حدث، قلت وبدون مقدمات: ماذا دهاك يا صديقي؟ هل هذا من شدة الفرح؟ أم هل هذا شيء غريب لا أعرفه؟ أم ماذا؟
أجاب صاحبنا بعد فترة قليلة وبعد أن أخرج منديله ومسح الدمع الذي على وجهه أتريد أن تعرف الحقيقة؟
قلت له نعم.. نعم.. لا بد أن أعرف الحقيقة حلوة كانت.. أم مرة.. وبعد ذلك اعرته سمعي وبصري.
قلت له: هيا هيا هات ما عندك.
قال: لقد كنت أنا وصديقي هذا مشتركين ضمن أحد الأندية الرياضية، وكنا نزاول هوايتنا المفضلة - قلت في نفسي ما دخل هذا بذاك.. ثم تراجعت وقلت: لماذا أتعجل الحوادث دعها تسير حتى النهاية لكي أعرف النتيجة - كرة القدم وكنا ضمن مجموعة كبيرة من الشباب، ثم وجه الي الكلام وقال: أنت تعرف أن الأندية الرياضية تضم مجموعة كبيرة من الشباب، الطالب الذي يواصل دراسته سواء في المرحلة الجامعية أو ما قبلها، وتضم أيضا شبابا لديهم أعمال متفاوتة بالاضافة الى ما تضمه من الشباب العاطل عن العمل أو الذي ترك الدراسة وانقطع عنها لكي يتفرغ لهوايته. قلت: طبعا.. طبعا.. هذا هو الواقع.
قال: وأنت تعرف أن أفضلية أحدهم على الآخر تأتي بمقدار ما يبذله اللاعب في الملعب وبمقدار كفاءته في ضرب الكرة.. وليس هناك قيمة للمؤهلات الثقافية والعلمية.. وليس لك قيمة حتى لو كنت طالبا في المرحلة الجامعية أو على درجة كبيرة من الثقافة إذا لم تكن لاعبا ماهرا فعليك السلام ولست أعني بقيمة الشخص كلاعب ولكن كقيمته في المجتمع الرياضي ومدى احترامهم له.
قال: أضرب لك مثلا على ذلك «لقد ضحينا بالكثير من وقتنا وتبنينا نحن الاثنان انا وزميلي هذا الذي أمامك فكرة انشاء مكتبة في النادي وفكرة اصدار صحف حائطية، وقبل طلبنا من إدارة النادي بعد الجهد الكبير الذي بذلناه في اقناعهم بفائدتيهما..
المهم لا أحب ان أطيل عليك أنشأنا المكتبة وكنت أمينها، ومن ثم أصدرنا الصحف الحائطية الشهرية، وفي ذات يوم حصل بيني وبين بعض اللاعبين سوء تفاهم ولعل الذي أغاظني هو عندما قال لي أمام الزملاء «أنت فراش للمكتبة تكنسها وتلم الأوراق وتنفض الغبار وبس وهذا عملك في النادي» هذه كلمة بسيطة وصغيرة ولكنها في معناها كبيرة!!
فقدمت خطاب شكوى إلى إدارة النادي ولكن لم يلتفتوا الى شكايتي لان صاحبنا لاعب كبير والنادي مقبل على مباراة كبيرة وأهملوا موضوعي ونسوه لقد سخروا مني أنا وزميلي هذا وكنا محل السخرية منهم.. وتشاء إرادة المولى عز وجل ونحن نسير في طريق العلم والتحصيل وهم يسيرون في طريق مسدود أوقفهم عند حدهم الذي لم يتجاوزوه.
هذا زميلي تخرج هذا العام وأنا في الطريق بإذن الله أتخرج بعده بقليل من كليات جامعة الرياض..
قلت له: وأين زملاؤك الآن الذين سخروا منك، قال: لقد تدهور النادي وتفرقوا وهاموا على وجوههم، منهم من يعمل فراشا ومنهم من يعمل خارج الهيئة، وأكثرهم عاطل عن العمل وترك الدراسة وانقطع عنها والقليل منهم والذين لا يعدون على أصابع اليد واصلوا دراستهم وشقوا طريقهم بايمان لا يلين وعزيمة جبارة.
قلت له: وكأني أريد ان أمتحنه وما هي الحكمة التي خرجت بها من هذه التجربة في هذه الحياة؟
قال في خشوع: قوله تعالى: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا لا يّسًخّرً قّوًمِ مٌَن قّوًمُ عّسّى" أّن يّكٍونٍوا خّيًرْا مٌَنًهٍمً} صدق الله العظيم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved