فرضت المذبحة الشنيعة في غزة، فرضت نفسها بقوة على أجندة الحوار الفلسطيني بالقاهرة، واعتُبرت بمثابة رسالة إلى هذا اللقاء الذي كان يبحث بشكل عام إفساح المجال أمام التسوية والتنسيق فيما يتصل بمواجهة إسرائيل بما في ذلك البحث عن هدنة من العمليات.
ومن الواضح أن التصعيد الذي يلجأ إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي يخدم في ذات الوقت عدة أهداف، فهو يتطلع إلى تعزيز صورته في أوساط المتطرفين الصهاينة كإرهابي عتيد ومرتكب مذابح طبقت شهرته الآفاق، وهو أمر ينسجم مع توجهاتهم الدموية وذلك قبل يومين من الانتخابات العامة.
وكما سبقت الاشارة فإن لهذا النهج الدموي تداعياته على العمل الفلسطيني وعلى عملية السلام المتوقفة، وبينما تضغط مختلف الأطراف الدولية على الفلسطينيين من أجل التهدئة وبينما ينخرط الفلسطينيون في حوار من أجل الدفع باتجاه السلام، فإن جرائم شارون لا تترك مجالاً لسوى الرد والانتقام، وهذا ما تعهدت به عدة فصائل فلسطينية في أعقاب المذبحة.
وفي إطار الأجواء الانتخابية انطلقت تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي بأن عملية غزة ما هي إلا بداية لاجتياح كامل للقطاع، وكل ذلك يهيئ المسرح لفترة دامية في الطريق ربما تبلغ ذروتها يوم الثلاثاء وهو يوم الانتخابات الإسرائيلية، وسيكون شارون في أحسن حالاته وهو محاط بالدماء والأشلاء البشرية بينما يظلُّ يتوعد ويهدد بالمزيد من المذابح دافعاً بالمتطرفين للالتفاف حوله وتأييده، فهو خير من يعبِّر عن نزوعهم القوي للعنف والارهاب.
في مواجهة هذا الجبروت والطغيان الصهيوني، فإن مساحة المأساة الفلسطينية آخذة في الاتساع، وخصوصاً في ظل السعي المتعمد إلى ذلك من قِبَل الدول الكبرى وفي ظل هيمنة الخطط الأمريكية بضرب العراق، على كامل الشأن الدولي.
فمن الواضح أن الشعب الفلسطيني يحتاج لحماية دولية من هذا الذبح اليومي الذي يمارسه عليه شارون، وعلى العالم أن يثبت أنه يتحلى بقدر من الإنسانية وشيء من الموضوعية وعلى الدول الكبرى ألا تدع الأمور تفلت من بين يديها إلى الدرجة التي تفرض فيها دولة مارقة كإسرائيل مرئياتها على الساحة الدولية.
|