قرأت قبل فترة في الصحف تصريحاً للدكتور عبدالواحد الحميد الأمين العام لمجلس القوى العاملة مضمونه أن هناك دراسة لتعويض العاطلين عن العمل وأنها في مراحلها الأولى، ولا شك أن وجود هذه الدراسة في الوقت الراهن مهمة جداً في ضوء تكدس خريجي الجامعات في كل التخصصات العلمية والنظرية، المهنية منها وغير المهنية، إضافة إلى آلاف الخريجين من الثانوية الذين لا يجدون مقاعد في الجامعات والكليات.
ومن وجهة نظري أن تلمس حاجة الشباب للعمل من أوجب الواجبات؛ تأمينا لحاجة الشاب للمال وحفظاً له من الانجراف إلى مهاوي الجريمة، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر إمام الصلاة بتخفيف الصلاة تقديراً لحاجة المحتاج أليست حاجة هؤلاء الفتيان والفتيات لما يعصمهم من السلوك الخاطئ في حق أنفسهم وحق مجتمعهم من أولى الحقوق لهم.
ومن وجهة نظري أن أولى أولئك بوجود مرتب هم خريجو الجامعات الذين وجدوا أنفسهم دون دخل بعد التخرّج، ومنهم من لا والد له ينفق عليه أو أن والده ذو حاجة، وفي تقديري أن أنسب مرتب يصرف له هو 50% من مكافأته في الجامعة حتى تتاح له فرصة عمل، وهو مبلغ قليل يسدُّ حاجته مؤقتاً ولا يغنيه عن البحث عن العمل، ومعروف أن صرف مثل هذه الرواتب هو لسد الحاجة مؤقتاً لا لتأمين كل تكاليف الحياة.
هؤلاء الشباب الذين يحملون ملفاتهم الخضراء من إدارة إلى أخرى سينفد صبرهم في يوم من الأيام والخشية أن يتحولوا من أفراد صالحين درسوا على مدى سنوات إلى مجرمين تدفعهم الحاجة إلى مواطن الجريمة، وهؤلاء الشباب كثير منهم يفوقون من سبقهم بالتخرج في السنين الماضية حين كانوا يختارون العمل الذي يرغبونه، لكن الزمن استدار، وجاءوا إلى الزمن في شيخوخته كما قال الشاعر:
أتى الزمان بنوه في شبيبته
فسرهم وأتيناه على الهرم
وإعطاء المرتب لا بد أن توضع له ضوابط على محدوديته، منها تحديد المدة وإيجاد فرص عمل، والعمل الجاد بأن يدرك القطاع الخاص أن إحجامه عن توظيف الشباب أو عدم التعامل مع من يتوظف منهم بكرامة سينقلب خسارة على القطاع الخاص عاجلاً أو آجلاً، فلا بُدَّ من تدارك الأمر قبل زمن عضِّ الإصبع ندماً.
القطاع الخاص لا يكفي منه أن يكتب بعض منتسبيه عن أدبيات التوظيف والسعودة أو يهدد بنقل استثماره للخارج، فإن الأمن الذي ينعم به في هذه البلاد على أمواله لن يجده في بلد آخر وبخاصة أن تهمة الإرهاب أصبحت أسهل من جرثومة الانفلونزا في بداية فصل الشتاء.
إن فكرة إيجاد رواتب تسدُّ رمق الشباب العاطلين فكرة جيدة، ولو أن صندوق تنمية الموارد البشرية رعاها لكان أفضل من تقديم إعانات للتجار من مالكي المدارس الأهلية وغيرهم، وشيء جيّد أن نتحسس آلام شبابنا وشاباتنا قبل أن يصدر ألمنا منهم، ولو في سنين بعيدة، والمبادرة بخروج الفكرة للوجود من أهم الحلول لمشكلة الشباب، وإن كانت حلاً قصير الأجل وحلاً مؤقتاً.
للتواصل: ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|