على مدار أسبوع تقريبا، نشرت صحيفة الجزيرة ثلاث مواد صحافية مختلفة المصدر والفكرة تناولت مسألة حليب الأطفال الأمريكي المجرثم بأنواعه الثلاثة (أس 26) و(بروميل) و(بروجرس) التي تنتجها شركة (وايث) للتغذية ففي العدد رقم (11013) الصادر يوم 18/9/1423ه، نشرت الجزيرة تفصيل البرقية العاجلة التي بعثها معالي وزير التجارة لجميع الغرف التجارية بالمملكة منوها بأن الوزارة قد اتخذت عددا من الإجراءات الاحترازية بشأن الحليب المجرثم، كما عمَّدت الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري، وفروع الوزارة بسحب المنتجات المستوردة من شركة (وايث) فوراً!! كونها تسبب أمراضا بكتيرية خطيرة وبالذات المنتج خلال الفترة (12) يوليو (25) سبتمبر للعام 2002م، بناء على ما ورد في موقع إدارة الغذاء والدواء الامريكية حيال هذه المنتجات.
غير انه في عدد الجزيرة رقم (11017) بتاريخ 22/9/1423ه، أصدرت سفارة إيرلندا بالرياض بيانا توضيحيا حول منتجات حليب الأطفال التي تم سحبها من السوق السعودية مؤخرا، جاء فيه أن منتجات الحليب المجرثم هي فقط التي تتوفر للبيع في الولايات المتحدة الامريكية، ففي شهر سبتمبر من العام 2002م قرر مصنع شركة (وايث) نيرتر يشينال في مدينة (فير مونت) بالولايات المتحدة سحب المنتجات التي مضت عليها فترة عشرة أسابيع من السوق بسبب وجود محتمل لبكتيريا ضارة، في حين ان الحليب الموجود في السوق السعودية من منتجات شركة (وايث) سواء (إس 26) أو (بروميل) أو (بروجرس)، يأتي أصلا من مصنع الشركة الكائن بمدينة أسكيتون بإيرلندا! وهذا يعني ان هناك خلطا تم في تحديد مصدر الحليب المجرثم، ولكن مع نشر هذا البيان الرسمي اتضحت الصورة بشكل جلي بالنسبة للمستهلك وزال الخلط خاصة وأن زيارة عابرة لأية صيدلية وهو ما قمت به بالفعل والبحث بين أنواع حليب الأطفال، يجعلك تقف على حقيقة أن الأنواع (إس 26) و(بروميل) و(بروجرس) مصنوعة في ايرلندا وليس في الولايات المتحدة الأمريكية كما ورد في بيان سفارة إيرلندا!! وأكدته شركة (مخزن الأدوية العربي السعودي) كما نشر في عدد الجزيرة رقم (11018) وهي موزع منتجات شركة (وايث) للتغذية، بأن منتجات وايث من سوق حليب الرضع (إس 26) (بروميل) و(إس 25) و(بروجرس)، جميعها تستورد من مصنعها المطور في مدينة أسكيتون بجمهورية ايرلندا تحت ترخيص هيئة (ISO) الملائمة للمواصفات والمعايير المعمول فيها بالمملكة.
مما سبق يتضح أن وزارة التجارة هي آخر من يعلم! على الأقل في مسألة حليب الاطفال المجرثم من جهة، ومن جهة أخرى أنها أحدثت بلبلة بين المستهلكين قبل أن تتيقن من حقيقة الواقعة كونها بالأساس لا تملك جهاز معلومات عن المنتجات المستوردة من حيث اختلاف مكان تصنيعها وأن كانت تتبع منشأ أو شركة واحدة!! بقي ان أشير إلى نقطة جديرة بالاعتبار، وهي أنه في يوم قراءتي تصريح وزارة التجارة حول الحليب المجرثم، راجعت أكثر من صيدلية للوقوف على أخر التطورات بهذا الشأن كونها نقاط بيع يفترض أنها محط اهتمام وزارتي الصحة والتجارة معا، لاكتشف الكارثة! فالباعة في الصيدليات التي مررتها بها لم يسمعوا عن هذا التصريح التحذيري فضلا عن أن يقرؤوه! بل لم يهتموا بذلك لأنهم اعتادوا كما قال أحدهم أن يظهر بين وقت وآخر مسائل من هذا النوع!!
وعليه يكون السؤال.. من هو المسؤول عن هذا البلبلة التي تدل على انعدام المتابعة وفقر المعلومة فيما يتعلق بالمنتجات المستوردة؟! فهذه البلبلة سببت لي خسارة مادية بحكم تغيير نوع الحليب لطفلتي (أكثر من مرة) كي يلائمها! ناهيك عن القلق الذي ولّد خوفاً مستمراً بسبب ما ورد في تصريح وزارة التجارة التي أتضح أنها آخر من يعلم، فهي تحذر من حليب أمريكي مجرثم والموجود في أسواقها ايرلندي ولكن الشركة المصنعة كانت واحدة!!
هذا ما كان والله المستعان.
محمد بن عيسى الكنعان
| 
