بلغ عدد الأميين من بين البالغين العرب حوالي 65 مليوناً ثلثهم من النساء بالإضافة إلى 10 ملايين طفل عربي تتراوح أعمارهم من ست إلى خمس عشرة سنة غير ملتحقين بالمدارس!! وهذا حسب تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002م الصادر عن المكتب الإقليمي للدول العربية بإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقد أوضح التقرير ان المؤشرات للتغلب على هذه الظاهرة غير مشجعة، وان نسبة الأمية سترتفع خلال العشر سنوات القادمة، ما لم يكن هناك خطط وبرامج تعليمية طموحة ومكثفة لصياغة التعليم وإصلاحه وتعزيز العلاقة بين التعليم والمجتمع وحاجاته. لاشك ان الوطن العربي يواجه تحديات كبيرة في القضاء على هذه المشكلة التي تعوق مسيرة التنمية الشاملة وتؤثر سلبا في جهود التطوير في المجالات الحيوية الأخرى.
الكثير من الدول العربية حرصت على نشر التعليم ومكافحة الأمية، بالرغم من التكاليف المالية المصاحبة لذلك وكذلك ما صاحب ذلك من تردٍ في نوعية التعليم وجودته بالإضافة إلى غياب الخطط والسياسات التعليمية والاستراتيجية.
لقد أدى هذا الغياب الاستراتيجي لمكافحة الأمية ونشر المعرفة إلى اتساع الفجوة بين طبقات المجتمع في كثير من الدول العربية لأسباب سياسية واقتصادية.
ان التحديات الكبيرة التي تواجه الجهات المعنية بالتعليم في الوطن العربي تجعل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم ضخمة وشاقة، ابتداء من مكافحة الأمية ونشر المعرفة للكبار والصغار، تطوير المناهج وأساليب التدريس، وتحسين بيئة المدرسة وغير ذلك من المجالات التعليمية والتربوية التي يحتاج لها الصغير والكبير، خصوصاً ان التحسين المستمر في هذه المجالات عامل أساسي في مكافحة الأمية ونشر المعرفة.
لاشك ان المملكة العربية السعودية حرصت على نشر التعليم ومكافحة الأمية من خلال التوسع الجيد في فتح مدارس وفصول دراسية لمحو الأمية وتعليم الكبار، وتكثيف الحملات الصيفية وغير ذلك، ونجد أنه من الضروروي ومن المصلحة الوطنية ألا نترك أي فرد في هذا الوطن المعطاء من أهل القرى والمناطق النائية والبادية دون ان نوفر فرصة التعليم له ولأفراد أسرته والعمل على تشجيعه وتوجيهه للالتحاق في هذه الفصول الدراسية المخصصة لمكافحة الأمية كي يساهم بفاعلية في رفع مستوى الوعي والمشاركة في دفع مسيرة التنمية في المجالات كافة .
لاشك ان الأميين هم الذين يجهلون القراءة والكتابة وهم المستهدفون في برامج مكافحة الأمية ولكن ماذا عن إنصاف الأميين ممن هم على قدر بسيط من التعليم لايؤهلهم لمتابعة القراءة والكتابة بشكل جيد ومن ثم انعدام الاستفادة في إدارة شؤون حياتهم، وهذا مايجعلنا نتساءل عن مدى وجود خطط للمتابعة والتقييم لمعرفة حجم الاستفادة من مدارس محو الأمية وفصولها ؟ وهل يوجد خطط لتطوير أنصاف الأميين؟ وماهو المستوى التعليمي الذي يجب ان يصل إليه الدارسون في مدارس محو الأمية؟ ولابد أيضا من تطوير المناهج والوسائل التعليمية الخاصة بالكبار وإنصاف الأميين تتناسب مع الحالة السيكولوجية لهم.
إن توفير التعليم يجب ألا يقتصر على فئة ممن يجهلون القراءة والكتابة وإنما نحتاج إلى تعليم وتثقيف شامل بما في ذلك هؤلاء الأشخاص الذين يعملون في أعمال وحرف مختلفة من أصحاب التعليم المحدود والقدرات المحدودة للرفع من مستوى المعرفة لديهم وفق أساليب وطرق متعددة وخصوصاً أننا نعيش عصر التقنية المتطورة التي جعلت من العالم قرية صغيرة وبالتالي الاستفادة منها في إشاعة المعرفة وتعميمها ولكي نحد من انتشار ظاهرة الأمية في الوطن العربي أو للتقليل من سلبياتها، فإنه من الضروري وضع الخطط الاستراتيجية الوطنية وبمشاركة الأطراف والجهات ذات العلاقة كافة، تتضمن الفئات المستهدفة والمستوى التعليمي المطلوب، والعمل على إنشاء قاعدة معلومات متخصصة وشاملة ومشتركة لمكافحة الأمية في الوطن العربي.
ALSHAMMARIH@HOTMAIL.COM
|