تتقافز فوق الجروح...
ليس ثمَّة من يوقفها... تلك انبجاسة الدِّماء تغلي... ترتفع فجأة فتدُّك وجهها... وتنخفض فجأة فتصعق أطرافها...، وبين الحدَّين تدور بها طوائف من الأسئلة،... تتاخم حدَّ الشَّفرة والشَّفرة مع كلِّ انفعالات الغيظ، وحنق الحيرة، وضغوط اللا حول، ومنتهى فقدان القوَّة... تلك حال الحال والنَّاس بكلِّ تأكيد، لا تستطيع أن توقف هدير الأسئلة، أو تصد سيول الحيرة وهي تتدفَّق: هل للمصير من مصير، وهل من شيء يمكنه أن يوقف زحمة الحياة في تداخل أمورها، والنَّاس هنا... النَّاس هناك... ليس أكثر من ترديد الحيرة، واتقاء انبجاس الشَّرايين دماءً تصعد وتنخفض... ولا حيلة سوى الوشوشات بصوت مرتفع... إذ لم يعد الصَّمت سواراً يطوِّق، ولا الاطمئنان يمنطق خواصر الصُّدور...
والسُّؤال: متى وكيف، وإلامَ؟...
خطوات تتقافز نحو الجروح...
وثمَّة جرح أكبر يعلو صوته المبحوح كما صوت فحيح يأتي من غار بعيد، يعلن استيقاظه الآن؟! الآن أيُّها النَّاس، وقد فرَّطتم في القيم العليا فيكم، وجريتم في القافلة، تلك التي عبرت بكم دروب الانبهار، وخدَّرت في هبوبها عروق الفروسية فيكم،... الآن؟
والقافلة حطَّت بكم في فخاخ غابات الخدر... وتركتكم الآن... تتململون... تستيقظون ولكن.. تحاصركم المسافة والهوُّات، وضعف القوة.. فما عساكم تفعلون... وليس حالكم أفضل من حال السُّجناء الطُّلقاء،... الطُّلقاء السُّجناء: في إثر التَّخدير الذي عمَّ كامل ذرات دمائكم... ولمَّا تزالوا الآن.. تتهيبون لتدارك سريان تيار الألم لانبجاس دماء الجروح فيكم!!...
وأوَّاه... أوَّاه...
الجروح تغور...
والمسافات تطول...
والفحيح يصمُّ منافذ الإصغاء فيكم...
بل... الإفضاء...
|