ربما أن أحد أبرز مشاكل الاختناقات المرورية بمدينة الرياض.. هو تقارب الإدارات ذات العلاقة بالمواطن.. وكمثال.. إدارة جوازات منطقة الرياض وإدارة تعليم البنات بالرياض.. وبجوارهما أيضاً.. الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وحولهما.. الإدارة الرئيسية للبنك العربي الوطني.. وليس ببعيد عنهما احدى إدارات البنك السعودي البريطاني والغرفة التجارية بالرياض وكلها في منطقة ضيقة محصورة في مساحات محدودة.. وهناك شح شديد في المواقف.. لأن الشارع الرئيسي «طريق الملك فهد» لا يمكن الوقوف فيه لأنه طريق سريع.. والشوارع الفرعية كلها صغيرة وضيقة فأين يقف المراجع لهذه الجهات؟
** إن أكثر المراجعين يظل يدور لأكثر من ساعة حتى يجد موقفاً.. وفي دورانه لهذه الساعة أو تزيد.. هو بنفسه يشكل زحمة.. لأنه يمشي ويقف ويتلفت.. فهو فوق أنه صار عن مائة سيارة بدورانه مائة مرة.. فهو أيضاً.. يعرقل الحركة بسيره وتوقفه غير المنظم.
** نعم.. هناك مناطق اختناقات داخل مدينة الرياض.. وكمثال آخر.. شارع المطار القديم.. فهو كما تعلمون.. شارع ضيق.. لأن عمر الشارع فوق خمسين سنة.. وكان لسيارات ما قبل نصف قرن «ساعة كاملة تنتظر خط البلدة؟!!» ويعج بأكثر من عشر وزارات ودوائر أخرى.. حتى وزارة الشئون الإسلامية.. الوزارة الوليدة.. لم يحلُ لها المقر ولا السكنى إلا بجوار الازدحام والاختناقات.. وكان بوسعها «الله لا يْضيِّق علينا» أن تحل كما حلت وزارات وُلدت قبلها.. مثل وزارة الاشغال والشئون البلدية والقروية في مكان متسع بعيداً عن صداع الاختناقات.. لكنها فضَّلت أن تكون بينهم في أضيق بقعة..
** فشارع المطار القديم.. يتحول صباحاً إلى كتلة واحدة من السيارات.. فهذا مراجع لوزارة الصحة.. وآخر للزراعة.. وثالث للمواصلات وعاشر للداخلية القديمة وآخر للدفاع وهكذا التأمينات الاجتماعية والمعارف والتجارة.
** الشوارع الفرعية خلف هذه الوزارات تشبه حراج السيارات بعد العصر.. زحام شديد.. واختناقات وإغلاق للمداخل والمخارج و«طْقاقْ» ومعارك.. ولو أردت مراجعة إحدى هذه الوزارات.. فإن عليك أن تمشي أكثر من كيلوين.. أو تركب ليموزين.. أو تبحث عن سائق لذلك اليوم ومعه جوَّال.. وعندما «تقضي لزومك» تتصل به.
** مشكلة هذه الدوائر.. أنها غير معنية بالمراجع.. وهكذا بعض الدوائر الجديدة التي استأجرت مواقع جديدة.. ليس من شأنها المواقف أبداً.. ولا يهمها المراجع.. بل تبحث عن مكان يتسع للموظفين كمكاتب فقط.. ولو كان هناك مساحات مواقف بسيطة «وَزَّعوها» على الموظفين بأرقام و«سلاسل» وستين لوحة مكتوب عليها «ممنوع الوقوف.. للموظفين فقط» أما المراجع.. فلا يشكل لهم أي هم على الإطلاق.
** ويبدو لي.. أنه لا يوجد وزارة أو جهة اهتمت بالمراجع مثل وزارة الداخلية.. التي خصصت مواقف للمراجعين داخل الوزارة وخارجها.. وحجزت مساحات شاسعة لهم ونظمتها تنظيماً جيداً.. كما نظمت دخولهم وخروجهم وترتيب أمورهم بشكل منضبط جيد يحفظ الأمن ويحفظ حقوقهم ويسهل أمورهم.
** إن المراجع له حق.. وكما أنه يجب الاهتمام به ومساعدته داخل الإدارة وقضاء حاجته.. فله أيضاً.. على الإدارة حق لتيسير أمره.. من مواقف وخلافه.. كتنظيم الدخول والخروج وترتيب أموره والقضاء على الفوضى الموجودة في بعض الدوائر أو الهيئات أو المؤسسات.. لكن مشكلتنا دائماً وأبداً.. أن الأذن «صَقْها» والعين «حَمْصا» والتفكير «حْدِجِهْ».
|