إنتاجية الموظف الحكومي إلى أين؟
راشد محمد الفوزان

في بحث ميداني تم نشره مؤخرا وقام به الدكتور صلاح بن معاذ المعيوف والدكتور محمد بن عبدالعزيز المهنا من معهد الادارة العامة وركز البحث في مجمله على إنتاجية الموظف الحكومي من خلال 172 جهة حكومية سعودية وموزعة على مناطق المملكة ال 13، والتي أظهرت نتائج هذا البحث الى عدم انتظام والتزام موظفي الحكومة بأوقات العمل الرسمية، واظهرت الدراسة ان هناك ابعادا أربعة لعدم انتظام موظفي الحكومة بأوقات الدوام وهي التأخير عن العمل في الصباح والخروج والعودة اثناء الدوام، ومغادرة العمل قبل نهاية الدوام والغياب عن العمل. من خلال البعد الأول أظهرت الدراسة التي تمت على 2200 موظف ان الذين يتأخرون عن العمل صباحا تصل نسبتهم الى 50% وأن مدة التأخير تصل الى 15 دقيقة وأكثر من ساعة!! ويضيف البحث الى أن من يتأخرون عن العمل لا تتم معاقبتهم او يتم اتخاذ أي إجراء ضدهم من أي نوع وتصل نسبة هؤلاء الى 6 ،8% وأن 9 ،64% فقط يتم التنبيه لهم شفويا!! و2 ،13% يتم إنذارهم رسميا عند تأخرهم وأن 2 ،13% يتم الخصم من رواتبهم ويشير البحث أن السبب الرئيسي للتأخير يتم لأسباب مرض احد افراد العائلة أو بسبب زحام حركة السير!! كذلك اعذار اخرى هي توصيل الأبناء والبنات للمدارس، ويشير البحث الى مفارقة غريبة وهي أن كل ما زاد المستوى التعليمي للموظف الحكومي زاد تأخيره وذكر البحث الى رقم محدد للتأخير وهي 42 دقيقة في الشهر يتأخرها ذو المستوى العلمي المرتفع بعكس ذوي المستوى التعليمي الأقل الذين يلتزمون أكثر وأشار البحث أن ذوي شهادات الماجستير والدكتوراه هم الأكثر تأخرا عن العمل!.
البعد الثاني وهو الخروج والعودة أثناء العمل، وأظهرت الدراسة من خلال الذين تمت عليهم الدراسة أن 2 ،68% يخرجون ويعودون أثناء العمل!! منهم 7 ،46% يعودون خلال ساعة وأن من يخرج من ساعة الى 3 ساعات تصل نسبتهم الى 33% وأن من يخرج لأكثر من 3 ساعات 2 ،26% ولم تشر الدراسة الى نسبة من يخرج ولا يعود؟! أما البعد الثالث وهو من يغادر قبل نهاية العمل أشار البحث الى أن 54% منهم يغادرون العمل قبل نهاية الدوام وأن منهم 60% يغادرون قبل نهاية الدوام بأقل من ساعة، وأن 7 ،21% يغادرون بأقل من ساعتين، وأن 7 ،11% يغادرون قبل نهاية العمل ب 3 ساعات وأن 60% يغادرون بدون أذن كتابي، وأن 50 ،14% يتم الخصم منهم بسبب مغادرتهم بدون
إذن وأن أسباب
المغادرة كما تشير الدراسة أما توصيل الزوجة أو الاطفال أو الإرهاق الخاص بالعمل، أو توفير بعض احتياجات المنزل أو لعدم وجود عمل ووجود فراغ لديهم، وأظهرت الدراسة أن 6 ،35% يتغيبون عن العمل، منهم 69% يتغيبون يوما واحدا في الشهر، وأن 8 ،21% يتغيبون يومين في الشهر، وأن 9% يتغيبون 3 أيام في الشهر.
هذا ملخص سريع للبحث الميداني الخاص بالتزام الموظف الحكومي والذي يظهر مدى التزام الموظف الحكومي بعمله من خلال اوقات العمل ولم تكن الدراسة تشير الى الإنتاجية في العمل وهو الأهم. لقد أظهر هذا البحث من خلال العينة بعدد 2200 موظف وبمختلف المستويات ول 13 منطقة أن التزام الموظف الحكومي دون المستوى وبدرجة كبيرة، وان هناك خلل في الالتزام وبالتالي إنتاجيته التي ستتأثر بها بالتأكيد، فليس هناك توافق بين عدم الالتزام بوقت العمل والإنتاجية بل كل ما كان هناك التزام بأوقات العمل وهو المطلوب كانت هناك الإنتاجية كمحصلة نهائية، هذه الدراسة تظهر أنه يجب أن يكون هناك اعادة دراسة للموظف الحكومي وإنتاجيته وأن تكون هناك إعادة نظر في وضع الموظف الحكومي، وهذا الخلل من خلال عدم الالتزام وبالتالي الإنتاجية يكلف الدولة ماليا أموالا طائلة ويكلف العمل نفسه التأخير وعدم الإنجاز خصوصا حين يمس المواطن مباشرة، وأن هناك مسؤولية كبيرة على المسؤولين في هذه الجهات الحكومية وتقنين الهدر الذي يتم، وأيضا أهمية تفعيل دور ديوان المراقبة العامة لدى الجهات الحكومية والمتابعة لها. وبالرغم من هذا الهدر الكبير على الدولة والمواطن من خلال الهدر الزمني والمالي، فإننا نجد أن هناك موظفين حكوميين بلا وظيفة أي بلا عمل، أي وجود بطالة مقنعة في هذه الوزارات وتكدس موظفين لديها ومع ذلك لا التزام بالوقت وبالتالي لا عمل يقومون به، وتكدس الموظفين الحكوميين يمكن ملاحظة ذلك في كثير من الوزارات وبدون أي عناء، يجب أن تكون هناك إعادة نظر في التزام موظفي الدولة ويجب أن يكون هناك قياس العمل بالإنجاز وأن لا يكون الموظف الحكومي مجرد مستلم راتب بدون أي عمل.