Sunday 26th January,2003 11077العدد الأحد 23 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحديث... عن (تهميش) الكفاءات في أجهزة (البلديات)..!! الحديث... عن (تهميش) الكفاءات في أجهزة (البلديات)..!!
حمّاد بن حامد السالمي*

.. حدثتنا الصفحة الأخيرة من جريدة (المدينة) عدد يوم الأحد الموافق للتاسع عشر من شهر يناير 2003م قالت: إن عددا من كبار الموظفين (المهندسين) من أصحاب المراتب العليا بين العاشرة والثالثة عشرة في جهاز بلدية الطائف، يعانون جراء قرارات إدارية تعسفية قضت بإقصائهم عن مهامهم الإدارية والهندسية دون وجه حق فأضحوا بذلك منذ (عدة سنوات)..! موظفين (مهمشين) لا دور لهم يذكر، أو عمل رسمي يظهر، وانحصر همهم -كما يقولون- في التوقيع على دفاتر الحضور والانصراف واستلام المرتبات آخر كل شهر..! وأضافت (الصفحة) إياها قائلة: إن رواتب هؤلاء المهندسين تكلف الخزينة العامة للدولة (300 ألف ريال) شهرياً..!
.. انتهى حديث الصفحة الأخيرة من صحيفة (المدينة) ولم تنته معاناة أكثر من عشرين مهندساً سعودياً من الشباب يوصفون هنا بأنهم (أكفاء) بل سبق حديث الصحيفة هذا، حديث تليد عتيد، ظل يتكرر منذ أربع سنوات، ذلكم هو حديث المهندسين المتضررين أنفسهم فهم تحدثوا مع إدارتهم التي همشتهم، حتى تململت من حديثهم فملوا منها..! ثم تحدثوا مع أجهزة عليا في وزارتهم العريقة حتى (طفشت) من تكرار حديثهم..! ثم تحدثوا إلى جهات أخرى كثيرة طالبين النظر في معاناتهم ومعاملتهم بعدل وإنصاف، حتى أرهقهم كثر الحديث وسئم منهم كل سامع لهذا الحديث، ثم ها هم اليوم وبعد ان ملَّهم الكل ملُّوا هم من الحديث المعاد المكرر مع الغير فراحوا يتحدثون مع أنفسهم..! حتى أصبح بعضهم (يكلم نفسه)..! وغداً.. وليس هذا الغد ببعيد سوف يملُّ منهم حديثهم وقد تلفظهم نجواهم مع ذواتهم، فلا أدري ما يفعلون بعد ذلك، وما يفعل الله بهم..!
.. هذه حالة غريبة عجيبة حقا تحدث بيننا في أقدم بلدية في المملكة وفي أعرق جهاز بلدي في وزارة البلديات..!
إن الكفاءات الوطنية المؤهلة في كل مكان في هذا الكون، يُحتفَى بها فتوضع في أمكنتها المناسبة لتقدم لوطنها ومواطنيها العطاء الجيد والأداء المطلوب، إلا في هذا الجهاز في وزارة البلديات، حيث يكافأ وكيلها ومساعد رئيس بلديتها ورئيسها المكلف على مدى عشرين عاما متصلة، بالتهميش والإقصاء..! ويعامل أكثر من عشرين مهندساً مدنيا من قيادييها ورؤساء أقسامها المعروفين، وكلهم من حملة الليسانس والماجستير على أنهم موظفون عاقون غير مرغوب في وجودهم في الجهاز، ويُكتفَى بتجريدهم من مهامهم، ووضعهم على الرف..!
.. نحن نعرف جيدا ان الموظفين.. كل الموظفين، قياديين أو معاونين، ليسوا من المعصومين وهم كذلك ليسوا فوق المساءلة والمحاسبة.. ولذلك.. كنت من أولئك الذين يرقبون ما يجري داخل البلدية من بعيد منذ العام 1420هـ حتى اليوم، في انتظار توجيه إدانات صريحة لهذا العدد الكبير من الكفاءات العلمية الوطنية (المركونة).. ثم محاكمتهم ومساءلتهم قانونياً، فإذا ثبت ضدهم ما يدينهم وظيفياً فهم - قطعاً - ليسوا جديرين بشرف الوظيفة، ومن حق الوطن في هذه الحالة معاقبتهم كل حسب ما اقترف من جرم، وفق النصوص القانونية المعروفة في البلاد ومن ذلك، تسريحهم وإعادتهم إلى دورهم التي أتوا منها إذا اقترفوا ما يوجب هذه العقوبة، ومن ثم توفير مقاعدهم ومرتباتهم من المال العام، لمن هم أخلص وأوفى وأجدر منهم.. فإن لم يدانوا في شيء فمن حقهم إنصافهم ورفع الحيف عنهم، ومن حق الوطن كذلك، تمكينهم من أعمالهم ووظائفهم، والاستفادة من الخبرات العلمية التي حصلوا عليها بمال عام كذلك، ومجازاة المتسبب في هذا التعطيل مدة أربعة أعوام وتغريمه مرتبات أكثر من عشرين مهندساً ظلوا بدون انتاج طيلة هذه الأعوام..!
.. إن مسألة كهذه تتعدى الحدود الفردية وتتجاوز المزاجية الذاتية إلى ما هو أعم وأهم فالمواقف الشخصية بين الافراد، لا ينبغي ان تتدثر بدثار الوظيفة فتدلف مع الموظفين إلى مقار وظائفهم، لأن هذه المقار ملك عام، ولأن الموظف للوظيفة وليس العكس وهذا ما ينبغي ان يكون عليه حال العلاقة بين موظف وآخر في كل موقع.
.. نحن هنا أمام حالة غريبة عمرها أربع سنوات بل هي ظاهرة في واحد من أقدم أجهزة البلديات في المملكة وأدعو الله ان لا تتكرر في جهاز غيره، وأجد أنه من حقنا كمواطنين، يهمهم صلاح وفلاح أجهزة البلديات ان نتساءل:
(؟) لماذا نعامل أبناءنا المؤهلين بهذه الطريقة ونحن الذين نفرح بزيادة عددهم في كافة الأجهزة عامة أو خاصة..؟
(؟) ماذا حدث بالضبط من أكثر من عشرين مهندساً مدنياً كانوا ملء العين والبصر، وكانوا يتسنمون مناصب قيادية لسنوات طويلة وظلوا يديرون الجهاز بكفاءة عالية ثم تحولوا في يوم واحد في شهر واحد في عام واحد إلى غير ذلك..؟
(؟) ما هي المآخذ الإدارية والفنية أو غيرها تلك التي تسببت فيما وقع لهم وحرم البلاد من خبراتهم العلمية..؟
(؟) إذا كان هناك من مآخذ تدين هؤلاء الموظفين فلماذا هم باقون على ملاك هذا الجهاز وتصرف رواتبهم دون انقطاع..؟!
(؟) لماذا لم يبت في أمرهم طيلة أربع سنوات فينصفون من إدارتهم أو تنصف منهم إدارتهم..؟!
(؟) سؤال آخر بالفصيح: هل هذا لغز من ألغاز الشؤون البلدية والقروية يصعب حله..؟!!
.. ثم.. ماذا بعد.. أليس هذا من الأمور المحيرة..؟ فأين وزارة البلديات من هذا الذي يجري..؟ وأين الأجهزة الرقابية من شكايات وتظلمات هؤلاء المهندسين التي شرقت وغربت، حتى ارتدت عليهم فارتمت آخر المطاف بكلكلها على صفحات الصحف..؟!
.. وهناك سؤال من سيل الأسئلة يحيرني في سياق هذه القضية العجيبة، وهو مدى صحة ما يقال بأن بعض هذه الكفاءات المهمشة والمركونة وجد كما يقولون (حلاوة) في هذا (التهميش) و(طلاوة) في هذا الركن، فهو عنده عقاب محبوب وجزاء مرغوب لأنه يقوم على نظرية (لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم)..! فالعمل الوظيفي في ظل سياسة التهميش هذه لا يتعدى بصمة يومية أو اسبوعية في دفتر الدوام، واحتساء كوب من الشاي الدافئ وقراءة الصحف ثم قبض المرتب في آخر الشهر، وربك سامع الدعاء..!
.. أود ان أقف على إجابة من هؤلاء المهندسين أنفسهم.. هل ما يقال عن بعضهم بهذه الصورة هنا صحيح..؟
.. أما الصحافة في الطائف، أو في غيرها من المدن فهي قطعا لن تُرضي أحداً بالمطلق، مهما تناولت من قضايا عامة، لأن هذه هي طبيعة البشر، وهي اليوم مثلما فعلت بالأمس تمارس دورها الطبيعي، وتؤدي رسالتها الإيجابية في المجتمع، فها هي تكشف المستور حتى لو عدّ بعضهم شكاوى الشاكين وتظلمات المتظلمين من نوع التجاوزات الإدارية الخطيرة التي تستوجب الردع وتستدعي التذكير بين وقت وآخر، بأنه ليس من حق الموظف نقد الإدارة التي يعمل بها أو كشف ما يراه هذا البعض من الأسرار في حين ان القيادة العليا للدولة تنادي بالشفافية في كل الأمور وخاصة ما تعلق منها بالإدارة العامة، وما اختص منها بمعالجة الفساد الإداري والمالي، فهذا الفساد لا غيره مسؤول عن كل نقص في الأداء الخدمي للمواطنين، ومسؤول بالقدر نفسه عن كل حيف أو تهميش أو تطفيش ينال الكفاءات الوطنية الجادة التي تريد أن تعطي وتعمل وأن تقدم شيئاً مفيداً لوطنها ومواطنيها.
.. كتبت هنا أكثر من مرة عن هذا الجانب في جهاز البلديات وضربت مثلا بكفاءات وطنية مهمشة تجلس وراء مقاعد خشبية وهي تنتظر المجهول، وضربت مثلا بحالة مهندسي الطائف الأكفاء، وتذكرت مرة هنا ان رئيس بلدية في المرتبة الخامسة عشرة ظل أربع سنوات على وظيفة مع وقف التنفيذ، وظل يقبض مرتبه دون نقصان فلم يُدنْ في شيء ولم يكلف بعمل أياً كان حتى ملَّ المكتب الذي كان يجلس عليه بل ملَّه المكتب الخشبي فتقاعد من وظيفته الوهمية، وهاجر للعمل في دولة مجاورة..!

fax: 027361552

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved