يقولون إن الشوق نارٌ ولوعة

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة سلمه اللهطالعت ما طرحه الدكتور حسن الهويمل يوم الثلاثاء 27/10/1423ه بعنوان «مُنخنقات: المعية والضدية وتفخيخ الأسئلة» العدد 11051 وقد اجتهد كثيراً فيما طرحه.. لكني اختلف معه كثيراً في بعض الجوانب.. وما أقصده تحديداً كثرة الاسئلة ومبالغة ومغالاة الدكتور الهويمل في ذم ووصف البعض بالقصرية والتغرض في الأسئلة التي يطرحونها.. ولا أدرى هل غاب عن ذهنه أنَّ هناك شريحة كبيرة من هؤلاء وما أعنيه تحديداً الأسئلة الثقافية والفكرية العامة.
فيا أستاذي لا يعرف الشوق إلا من يكابده حقيقة ليس مثلي من يختلف مع د. الهويمل فأنا أعرف هذا الفكر والثقافة التي يحملها فهي ثقافة عُليا لكنه في نظري بالغ في الوصف والتحذير من الأسئلة المفخخة على حد وصفه.. وأنا هنا لا اتكلم من فراغ بل إني اتكئ وانطلق من منطلقات مفصلية ففي الإبداع الفكري والثقافي ما قد يكون رافداً ومشايعاً لما اراه فقد كتب الدكتور عبدالله الغذامي في خطاب نقدي ثقافي عن ثقافة الأسئلة وذلك من خلال كتابه «ثقافة الأسئلة» حيث يرى الدكتور الغذامي - واللفظ له والمعنى لي - ان الاسئلة تعتبر مهارة لا يفْتَنْ ولا يبدع اتقانها إلا من يمتلك خلفيات فكرية شاملة حيث يرى ان المباشرة في السؤال قد تقلل من جمالية السؤال ويرى د. الغذامي ان لكل سؤال منهجية واستراتيجية خاصة وذلك من خلال طرحه والتلويح به ولعله لا يخفى على استاذي ان جهابذة وفطاحلة العلماء والمفكرين كانوا يمنحون السؤال أهمية كبيرة بعيداً وفي منأى عن المماحكات والفذلكات، وفي رأيي ان صناعة السؤال تعتبر فناً من أصعب الفنون المنطقية والفلسفية، ومع الأسف ترجع بعض المعارك والخلافات الأدبية في الغالب الى اسئلة لها مرامٍ ذات بُعدٍ مُتغرض، .
ولو نظرنا الى من ارتقى بهم السؤال ورفع من شأنهم الفكري والأدبي فإننا لا بد ان نذكر ابا هلال العسكري الذي كانت له قدرة عجيبة وهائلة في صنع السؤال والشروع في معمعة اجتهادية عنوانها «أسأل كي أستفيد» وفي عصرنا الحاضر برز وبشكل واضح الأديب عزيز ضياء وافضل واجمل ما في اختلافات عزيز ضياء هو إثارته دوماً للتحدي والمجابهة عموماً اختلافي مع الهويمل لا يتنافى مع اعجابي الشديد بفكره وأدبه فهو المنافح الأكبر للأدب الإسلامي.