أنقش كلماتي هذه بدم من عروقي.. على جبال من ثلج.. يا ترى ماذا أنقش؟ وماذا أكتب على هذا الجبل؟! أقف حائرة! أنقش كلمات فراق بدون لقاء.. أم أكتب كلمات شوق إلى ذلك النهر المعطاء.. يا ترى ماذا أفعل؟ أخذ الجبل يذوب شيئاً فشيئاً.. وأخذت الأرض تمتص الدماء المنسكبة مني.. اتصبح كلماتي هذه مأسورة في الفؤاد تبحث عمن يحررها..؟
فها هي أحرفي.. تسابق بعضها البعض.. لتخرج عبر حنجرتي.. وها أنا أحاول نظم عقد أحرفي.. بخيط دموعي.. وأربطها بحزني لأبعثها عبر الأثير.. تتراقص بين جزيئات الهواء.. على نغماته.. قلبي وقلمي ودمعي يصفق لها.. تجتاز كل الصعوبات التي تجدها أمامها.. لتصل ذرات تراب.. وحُصيات.. وجسد تحت طيات التراب.
والدي الحبيب:
كم حزنت عندما كُسيت وشاح المرض. كم كثر رقودك على السرير الابيض.. الذي اعتدت عليه.. كم هي لحظة لقائي الاخير بك محزنة.. وتقبيلي لجبينك.. ولقدميك وأنت على النعش.. وعبق الكافور والمسك والعود قد طبعت على حجابي.
إليك..
أبعث كلماتي هذه محملة بكل معاني الشوق لك.. والحزن على فراقك.. أبعثها محملة بأريج الزهور.. وتغريد العصافير.. علها تصل إليك.
والدي كم لحظة فراقك صعبة.. كم هي محزنة.. كم هي مؤلمة.. عندما ذهبت مسافراً ناسيا حقائبك عندنا.. سيارتك تناجيني عنك.. كرسيك يسألني عنك.. مسباحك وثيابك تحدثني عنك..
والدي الغالي.. أبا محمد
لك مني باقة ورد محملة بكل معاني الحب والوفاء.. وبلسان لا يكف عن الدعاء.. وبقلب يتعصر دماً على فراقك..
لن أقول لك وداعاً.. وداعاً.. ولن أقول للقلم كف عن البكاء.. فأنت ذهبت جسداً وبقيت أحمل اسمك وساماً على صدري مدى الحياة.
|