الذي يتابع إنجازات وزارة المعارف يرى أنها تحرص على التوازن بين التعليم المعرفي والتعليم القيمي، وهذا يؤكد ولله الحمد استنادها التام على مرجعية الدين الحنيف في صياغة استراتيجياتها التربوية، فالإنسان دون الأخلاق والفضيلة لا شيء، فنحن في هذه البلاد بقيادة رائد التعليم الأول في بلادنا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله فخورون بأننا في وطن يتفرد عالميا بتطبيق احسن نظام وأسمى دستور الا وهو كتاب الله عز وجل وسنة نبيه الشريفة. وقد جاء الإسلام الحنيف على إتمام الأخلاق وترسيخها في الناس، وقد امتدح الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه على خلق عظيم فقال جل من قائل: {وّإنَّكّ لّعّلّى" خٍلٍقُ عّظٌيمُ}.
وحثت السنة على ذلك والاحاديث كثيرة في هذا الموضوع منها:
قال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، (الدين حسن الخلق)، (الدين المعاملة).
لقد أكبرت المشروع القيمي الذي قامت به وزارة المعارف وهو بعنوان (برنامج عدم إيذاء الطفل) حيث عمم على مدارس المملكة والذي يهدف الى الرفق في معاملة الاطفال بالمدرسة والمنزل، والابتعاد عن استخدام العنف والشدة اثناء ممارسة العملية التربوية معهم، فالرفق والرحمة خير الوسائل المعززة لتربية نبيلة تخرج طلابا على درجة عالية من الخلق الطيب والمعرفة الجادة.
فالرفق كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه).
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فلم يرد عنه عليه الصلاة والسلام انه استخدم الشدة مع الاطفال بل كان يداعبهم ويحسن معاملتهم.
كان عليه الصلاة والسلام يطيل السجود حين يركب الحسن على ظهره حتى ينزل مخافة عليه أن يقع.
وحين ورد عليه الأقرع بن حابس وهو يقبل أحد ولديه، تعجب الرجل فقال: أوتقبّل الأطفال يا رسول الله، قال: نعم، قال عندي عشرة من الولد ما قبلتهم قط، قال: لقد جعل الله قلبك حجراً).
وعامر كان طفلاً ولديه عصفور يحمله ويلعب عليه وكان يلاطفه صلى الله عليه وسلم فيقول: (يا عمير ماذا فعل النغير) فهنا استخدم التصغير للتحبيب واللطف.
برنامج عدم إيذاء الطفل مشروع تربوي رائع جاء توثيقا تاريخيا لحقوق الطفل في الإسلام وعممت رسميا على المدارس للعمل بها وتعزيز ثقافة المعلمين وأولياء امور الطلاب بهذه الحقوق التي كفلها الله تعالى للأطفال.
حتى علماء التربية وعلماء النفس اقروا ما جاء به الإسلام بحقوق الطفل التي حث عليها برنامج عدم إيذاء الطفل، ولسنا بحاجة إلى دعم ما جاء به الإسلام الحنيف لهذا المجال.
لكن نورد ما دوّنه العلماء في ذلك للفائدة والاستئناس:
يقول كرتوول وبلوم وماسيا: ان عملية اكتساب المهارات المهنية والقيمية لا تتولد عند الطفل إلا في جو مفعم بالتسامح والاحترام الذي يجب ان يسود البيئة التعليمية.
كما ان مرحلة الرغبة في استقبال المعلومة تتوقف على مستوى مناسبة الجو النفسي اثناء ممارسة الموقف التعليمي.
وهذه المرحلة مرحلة الرغبة في استقبال الخبرة الجديدة ضرورية جدا لفهم الخبرة واستيعابها فإذا لم تتوفر للطفل فإنه يكون غير قادر على التفاعل الايجابي مع المدرسة والمراحل التي تعقب هذه المرحلة هي:
مرحلة ضبط الانتباه.
مرحلة مستوى الاستجابة.
والتي منها:
مرحلة الإذعان.
مرحلة الرضا بالاستجابة.
مستوى التقييم ويندرج تحته:
مرحلة تقبل القيمة.
مرحلة تفضيل القيمة.
مرحلة الالتزام بالقيمة.
مستوى تنظيم القيم ومنها:
مرحلة تنظيم المنظومة القيمية.
مرحلة التركيب القيمي.
بيّن ثوروندايك thorndike أن العقاب ليس فعالا، اي لا يؤدي إلى كف السلوك غير المرغوب، وأن أسلوب التعزيز الايجابي أكثر فاعلية في تعديل سلوك الطفل، والذي دلت عليه الدراسات النفسية في مجال التربية ان المدرسة الجذابة التي يعتمد على قيمة التسامح والمودة العاطفية لطلابها، هي اكثر المدارس محبة عند الطلاب، وطلابها اكثر من غيرهم تفوقا في الاخلاق والمعارف.
هذه الدراسات اثبتت ان الطلاب لدى معلمين اكثر تسامحا ومراعاة للجوانب النفسية للاطفال، اكثر تفوقا من الطلاب الذين يجدون المعاملة عكسها.
بارك الله هذاالبرنامج، ونسأل الله ان يوفق الآباء والمعلمين بتطبيقه وممارسته مع أولادهم.
فهو وثيقة ربانية مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ووسيلة جادة ومناسبة لممارسة التربية سواء في البيت او المدرسة.
|