Saturday 25th January,2003 11076العدد السبت 23 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
متى يتقافز المعلمون فَرَحاً؟
خيرية إبراهيم السقاف

كنت دوماً أتساءل: لماذا نحاصر طلاَّبنا وطالباتنا بمراجع محدَّدة، أو بما نقول في المحاضرات، ولأنني لا أفعل ذلك، فقد كانت زميلاتي يتحيَّرن في أمري، ويعجبن لنجاح طالباتي...، ولعلَّ الحدَّ بيني وبينهن، أنَّ هناك من يدرس نظريات التعلُّم والتعليم، ويضع للدارسين والدارسات هرمية المهارات التي يسعى المربُّون أو تسعى هذه النظريات لتطبيقها بلوغاً إلى مستويات الإدراك، وهرمية الصعود إليها أو النزول نحوها!!.. وتتلوَّى ألسنة المربين والمربِّيات وهم يسجِّلون أمام طلابهم أسماء العلماء الذين وضعوا ما يُقاس، ممَّا يحقق من الأهداف، بل ما يُرسم من الأهداف كي نتحول إجرائياً إلى سلوك يؤدي في النهاية إلى محصلة خبروية تقابل مستويات الإدراك عند من يتلقى ومن يجلس أحياناً كالصَّنم أمام تدفق ألسنة الأساتذة المعلِّمين بكثيرٍ ومثيرٍ، ومعروفٍ وغامض، وسطحيٍّ وعميق، وقريبٍ وبعيد، ولكنَّه في النهاية يقودهم إلي مرجع كذا؟ أو مذكرةٍ في مكان ما... ويأتي الدارسون والدارسات في يوم الاختبار وهم يشمِّرون عن سواعدهم كي يزيحوا ما تراكم بأيديهم عن ذواكرهم ممَّا استظهروه عن ذلك المرجع أو تلك المذكرة.. وفي النهاية يأتي الطلبة بحصيلة تتراوح بين جيِّد، وجيِّد جدّاً، ورسوب، ونادراً ممتاز...، لكنَّ السؤال الذي يوجَّه للأساتذة هو: هل فعلاً أسئلتكم، وإجاباتهم، حَقَّقت حصيلة بلوغ أهداف قياس ما أردتم أن تقولونه لهم وأنتم ترسمون لهم هرميَّات، تصعدون بها وتنزلون، وتردِّدونها بأسماء منظِّريها، ولا تكلِّون عن استعراض مهارات تذكّركم لها، ولا يعينكم حينذاك مدى استيعابهم؟ لما كنتم تقولون، هل حقيقةً وضعتم أهدافاً عند دخولكم قاعات الدرس، وعملتم على تحقيقها، وتأكدتم من تحقيقها خلال تقويمكم النهائي، هل حقيقة حصول طلاَّبكم على معدلات النجاح والرسوب هو المقياس الصادق لبلوغكم التحقيق، ولبلوغهم المستوى من المهارات ولتقافز قدراتهم الخاصة فوق أوراق الإجابات؟ أم إنَّه تحصيلٌ لما حفظوه عن ظهر غيب عن الكتاب المرجع، أو المذكرة، المحشوَّة المكثَّفة؟... وهل حقيقةً ستظلُّ هذه الخبرات المعرفيَّة التي قدّمتموها لهم داخل قاعات الدرس، الثمرة التي يقتاتونها في تجارب حياتهم، تموُّلهم بالغذاء، وتفتح لهم الأبواب، وتكون الدافع لمهاراتهم الخاصة، ولقدراتهم الذَّاتية؟ أم أنَّها سوف تتبخّر مع مضيِّ الزمن، بل مع حصولهم على خبر نجاحهم، ومعرفة معدَّلهم؟
ألا وما أجمل شعور من يتقافز سروراً فوق صفحات أوراق إجابات من يدرِّسهم، وهو يجدهم يتبارون كي يكشفوا له عن مستويات إدراك تفوق طموحه، وتتجاوز أهدافه.. عندما يطلق عقولهم نحو آفاق لا يحاصرها كتاب، ولا تقيِّدها مذكرة...

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved