أعتقد أن ظاهرة وجود الخادمات في البيوت السعودية بدأت قبل حوالي عشرين سنة تقريبا ويمكن أن أرد جزءا من وجودها إلى العقاريين الذين فرضوا على الأسرة السعودية بيتا لا تقل مساحته عن خمسمائة متر مربع.
كما لا يمكن لنا أن نتجاهل أن أحد أسباب وجود الخادمة في البيت السعودي هو نشوء طبقة من الرجال المتنورين الكرام الذي رأوا أن من حق زوجاتهم العيش برغد طالما توفر لديهم المال الكافي. ومن الأسباب الأخرى أيضا ظهور طبقة كبيرة من النساء السعوديات العاملات. وهناك أسباب كثيرة أخرى. والخادمة أو الخادم هو إنسان جاء من بلاده للعمل بأجر معلوم لمدة معلومة بموافقة رب البيت وربة البيت والسلطات السعودية والمجتمع كله.
من يقرأ الصحف يلاحظ أن هناك حملة عداء لهؤلاء الخادمات من النادر أن نقرأ مقالا واحدا يعبر عن تعاطفه أو احترامه أو أقل تقدير تسامحه تجاه تلك الخادمات وكأن تلكم الخادمات مفروضات على المجتمع السعودي بقوة استعمارية أجنبية. وقد تخصصت فئة من المجتمع لتكون رأس الحربة في الحرب على الخادمات بنقل الأخبار الكاذبة وترويج الإشاعات والاتهامات. فمرة نقرأ أن عائلة سعودية مكونة من سبعة أفراد قضت بسبب الخادمة. ومرة نسمع أن خادمة ذبحت مخدومها بساطور غليظ ومرة نسمع أن خادمة دست السم لطفل برئ، ومرة نسمع أن خادمة وضعت السحر لرب الأسرة وتزوجته. ورغم ذلك مازالت البيوت تستفيد من خدمات تلك النسوة ومازالت تثق فيهن وتترك أطفالها معهن ومازالت مكاتب الاستخدام تتنافس بقوة لتأمين الخادمات المناسبات. هذا كثيرا ما يجعلني أفكر لماذا كل هذا التناقض بين الحقيقة القائمة وبين الإشاعات. بين الاستفادة الفعلية من الخادمات وبين الإساءات التي يرددها هؤلاء عن تلك الخادمة. من هي تلك الشريحة الاجتماعية السعودية المستفيدة من زرع الكراهية لتلك الفئة البائسة التي جاءت واغتربت من أجل لقمة عيش شريفة.
والتي جاءت إلى بلادنا على أساس أن الإنسان السعودي إنسان مسلم ويحب الخير لإخوانه المسلمين وأنهن سينتهين إلى حضن شعب عطوف هذبه الإسلام ألف وخمسمائة سنة. ليأتين في النهاية ويواجهن حملة عنصرية لم يسبق مثلها أبدا حتى في بلدان العنصرية الكريهة. ففي فرنسا أو المانيا عندما يواجه المهاجرون العنصرية يجدون بعض المثقفين الشرفاء من أبناء البلد نفسها يدافعون عنهم ويقيمون الدعاوى القضائية لمصلحتهم. لماذا تواجه قضية العنصرية على الخادمات في بلادنا بكل هذا الصمت؟ لماذا لا تقوم الجهات المعنية بنشر الحقائق فور ظهور إشاعة مغرضة للنيل من تلك البائسات. والأهم والأخطر هو الصحف التي تنشر دون تروي أي إشاعات عنهن، وخصوصا عندما تأتي تلك الإشاعات مندسة في مقالات بعض الكتاب العنصريين أو السذج. وآخر ما قرأت مقالة في عزيزتي الجزيرة (الاربعاء 16/11/1423هـ) كتبتها امرأة تدعى جواهر الكنعان لخصت بالفعل روح العنصرية البغيضة التي تواجهها تلكم الخادمات في بلادنا تقول جواهر (.... فأكثر تلك الخادمات تكون لديهن نزعات اجرامية وحقد بدون سبب واضح من مخدوميها فهن يمارسن السحر والقتل للأطفال وتليوث الطعام...) تقول جواهر ايضا (فنجد أغلب الخادمات يعرفن العمل في بلادنا أغلب المنازل مريحة فالأجهزة الكهربائية من مكنسة وغسالة وخلافة متوفرة فليس هناك عمل مرهق يستدعي أن تفكر قبل ان تأتي هل سوف تقدر على هذا العمل أم لا لكن أكثر الخادمات أصبح عندهن قناعة أنهن يأتين للسياحة وجمع المال) وتستمر جواهر قاتلة: (فأغلب الخادمات اللاتي نستقدمهن لا يعرفن أبسط تعاليم الإسلام وأغلبهن لا يعرفن الفاتحة فأن وجود رجال دين داخل هذه المعسكرات المليئة بالخادمات المجندات للعمل في السعودية وهن مجندات بالسحر والأعمال المشينة).
توقفت عن نشر سلسلة المقالات (صورة الفنان....) مؤقتا لأدين هذا الكلام جملة وتفصيلا وأحتج على نشره لأن هناك فرقاً بين حرية الرأي والترويج للكراهية والعنصرية البغيضة التي يشجبها ديننا الحنيف.
فاكس 4702164
|