القرار الذي أصدرته الدول الست التي اجتمع وزراء خارجيتها في اسطنبول يعد من وثائق السلام التي يجب عدم التسرع بالحكم عليها إلا بعد قراءة «البيان الختامي» بدقة وتحليل الأبعاد التي تضمنتها فقراته المصاغة بدقة متناهية، مشخِّصة الصعاب والأسباب التي خلَّفت الازمة العراقية الحالية، التي تتوزع مسئولياتها على الأطراف المتداخلة الآن وهي العراق والولايات المتحدة الامريكية، والأمم المتحدة.
فبالنسبة للعراق كانت اللغة التي صيغت تتميز بالصراحة الواجبة في مثل هذه الظروف الدقيقة التي يؤدي عدم التعامل معها بوضوح وصدق إلى حدوث كارثة تتخطى العراق الى الدول الأخرى تكون الدول الست فيها الأكثر تضرراً ، ولهذا فقد كان الكلام الموجه للعراق واضحاً وصريحاً إلى ابعد حدود الصراحة، وخاصة فيما يتصل بالالتزام التام لتنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي أدى التلكؤ في تنفيذها إلى الحالة الحرجة التي يعيشها العراق والمنطقة الآن، وأولى صور التعاون مع الأمم المتحدة، هو إبداء التعاون المطلق مع المفتشين الدوليين حتى يؤدوا مهمتهم.
أما النقطة المهمة الأخرى التي يجب على العراقيين التعامل معها بجدية فهي الإسراع في إجراء مصالحة وطنية تنهي المحاولات التي لا تخفى على العراقيين الساعية إلى تقسيم أرض العراق وتجزئة شعبه. وهذه المصالحة يجب أن تدور ضمن الأساليب المكررة التي تستهدف التسويق الداخلي، فهذه المرة الاخطار حقيقية، وبعض القوى الدولية المعادية للعراق والعرب تتداول أربعة كيانات تقام على العراق، والإسراع في إجراء مصالحة وطنية عراقية ينهي التآمر الدولي ويعيد العافية للعراق.
القرار الوثيقة الذي تضمنه البيان الختامي للدول الست، حتى وإن لم يذكر الولايات المتحدة الأمريكية بالاسم، إلا أنه لم يغفل تحديد مسئولية امريكا لإنجاح الحل السلمي للأزمة العراقية، ولعل عبارة مطالبة الأسرة الدولية بالالتزام بالقوانين الدولية.. عبارة موجهة بالتحديد إلى واشنطن، تنبيهاً لها بإبقاء معالجة الأزمة ضمن نطاق الأمم المتحدة والعودة الى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرار المناسب مع تأكيد الدول الست على إعطاء الوقت وفرص النجاح لجهود الحل السلمي الذ ي أصبح ممكناً إذا ما وجدت آراء ومطالب الدول الست، آذاناً صاغية وتعاوناً صادقاً من بغداد وواشنطن على حدٍ سواء.
|