* دبي الجزيرة:
لا تزال منطقة الخليج تستقطب اهتمام العالم ليس بسبب موقعها الجغرافي وحسب، ولكن بسبب ما تحتويه من احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي والتي تقدر بحوالي 65% من إجمالي الاحتياطي المؤكد في العالم.
وعلى الرغم من التحولات والتطورات الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، إلا أن دول المجلس نجحت ولو بدرجات متفاوتة في المحافظة على حالة من الاستقرار السياسي الملحوظ. ولكن دول المجلس لا تزال تواجه العديد من المصادر الداخلية والخارجية القائمة والمحتملة لعدم الاستقرار السياسي.
وبينما تقف المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، بادر مركز الخليج للأبحاث بالتعاون والتنسيق مع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن بعقد حلقة دراسية في قاعة الاجتماعات في المركز بدبي يومي 8 9 يناير 2003م لمناقشة العوامل الخارجية المهددة للاستقرار السياسي في دول المجلس. وقامت مجموعة من الأكاديميين المتميزين ونخبة من أصحاب الخبرة في شؤون المنطقة من دول مجلس التعاون واليمن ومصر وإيران وأمريكا وأوروبا وشرق آسيا بمناقشة الأوضاع في العراق والسياسة الأمريكية وإيران واليمن وشبه القارة الهندية والجماعات المتطرفة والنفط وتأثير هذه العوامل القائمة والمحتملة على الاستقرار السياسي في دول المجلس.
في كلمته الافتتاحية رحب عبدالعزيز بن عثمان بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، بالحضور وأكد على أن عنوان اللقاء ومحاوره الأساسية تم تحديدها انطلاقاً من الظروف والمعطيات التي تحيط بمنطقة الخليج والتي تجعل اللقاء يكتسب أهمية استثنائية. فالمنطقة مقبلة على تغيرات كبيرة قد تطال العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي لا بد من رصدها وتحليلها.
الدكتور جون تشيبمان «John Chipman» مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أكد على أهمية المنطقة وما تشهده من تطورات و شكر مركز الخليج للأبحاث على استضافته لهذا اللقاء الهام.
أدار جميع جلسات الحلقة الدراسية الدكتور يزيد صايغ مستشار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لشؤون الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة كامبردج، وأثرى النقاش بمساهمته القيمة.
المحور الأول تناول الأوضاع في العراق وقدم الدكتور تشارلز تريب «Charles Tripp» من قسم الدراسات السياسية في كلية الدراسات المشرقية والافريقية بجامعة لندن عرضاً سريعاً لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في العراق وانعكاسات ذلك على دول مجلس التعاون. وبالرغم من انه أعرب عن اعتقاده بأن الحرب الأمريكية على العراق أصبحت بحكم المؤكدة إلا أنه أضاف بأن دول المجلس لن تشعر بالارتياح بغض النظر عن وقوع الحرب من عدمه. في حال عدم وقوع الحرب، فان وجود القوات الأمريكية في المنطقة والمعارضة لهذا الوجود من بعض الجماعات في دول المجلس وإيران وكذلك عمليات الرقابة المكثفة فوق مناطق حظر الطيران في شمال وجنوب العراق ستبقي المنطقة في حالة من التوتر. أما في حال شن حرب على العراق فإن العراق قد يقوم بأعمال انتقامية ضد الكويت وربما دول أخرى في المنطقة، وسيزيد التعاطف الجماهيري مع الشعب العراقي وسترتفع وتيرة المعارضة الايرانية والسورية للتواجد الأمريكي في العراق، وقد يطلب كذلك من دول المجلس المساهمة في تكاليف الحرب وكذلك تكاليف إعادة الإعمار في وقت قد يتدفق فيه آلاف اللاجئين إلى الدول المجاورة الأمر الذي سيترتب عليه تحديات أمنية جديدة.
الدكتور جريجوري جوز أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيرمونت وأحد الأكاديميين الأمريكيين المختصين في شؤون منطقة الخليج تحدث عن احتمال أن تؤدي الحرب إلى تقسيم العراق وانتشار حالة من الفوضى العارمة في جميع أرجائه. لذلك يجب على دول المجلس أن تستعد لعراق ما بعد الحرب وما يمكن أن يفرزه الوضع الجديد من تحديات أمنية لها.
الأستاذ الدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، أكد على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للأزمة العراقية مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية وذلك حتى لا تصبح الحرب الثالثة، إذا ما وقعت، تحضيراً لحرب الخليج الرابعة.
وفي الوقت الذي دعا فيه الدكتور شفيق غبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، إلى استيعاب العراق ليس كدولة مهزومة وذلك لتفادي دورة عنف جديدة في المنطقة، تحدث الدكتور جاسم الخلوفي عن الانعكاسات المحتملة للحرب الأمريكية على العراق وكيف ينظر إليها البعض على أنها الخطوة الأولى باتجاه فرض إصلاحات أو تغيير أنظمة في دول المنطقة. ووافق البروفسور أنوشي إحتشامي من قسم الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية على وجود هذا التوجه وأضاف أن البعض يعتقد بأن سوريا بعد العراق ستصبح ثمرة يانعة حان قطافها.
الأستاذ الدكتور جياكومو لوسياني أستاذ الاقتصاد السياسي ومدير برنامج البحر الأبيض المتوسط في مركز روبرت شومن من ايطاليا تحدث عن ضرورة أن تقوم دول المجلس بطرح رؤية محددة وموحدة حول مستقبل العراق وتقديم حلول بنّاءة ومبتكرة للتعامل مع الملف العراقي بغض النظر عن استيعابه في مجلس التعاون أو انخراطه في تحالف مع دول المشرق.
الجلسة الثانية عن السياسة الأمريكية في منطقة الخليج ترأسها الدكتور جريجوري جوز الذي استهل حديثه بالقول ان الحرب على العراق أصبحت بحكم المؤكدة وانه في حال شن هذه الحرب وتغيير النظام فان العلاقات السعودية الأمريكية ستشهد تغيراً جذرياً وخصوصاً أن معظم القوات الأمريكية الموجودة في السعودية تقوم بعملية مراقبة حظر الطيران في جنوب العراق. بعد تغيير النظام العراقي فانه لن تكون هناك حاجة لوجود هذه القوات في السعودية وسيتم سحبها.
أما على صعيد إقامة نظام ديمقراطي في العراق فأعرب جوز عن اعتقاده بأن العراق سيكون مجرد مثال لدول المنطقة بحيث سيمر بمرحلة انتقالية بدلا من التحول الكامل للديمقراطية. وبالرغم من انه ليس لدى الولايات المتحدة خطط عسكرية للتدخل في ايران الا أن أمريكا ستمارس ضغوطاً سياسية على سوريا وايران وستستخدم إيران كذريعة لإبقاء قواتها في المنطقة بحجة أن ايران تشكل تهديداً لأمنها ومصالحها القومية.
تساءل الأستاذ الدكتور تيم نيبلوك مدير معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة اكسيتر عن المصالح الأمريكية الأساسية من وراء شن حرب على العراق. هل هي خدمة للمصالح الاسرائيلية أو تصحيح الأوضاع التي نشأت بعد حرب الخليج الثانية أو لتحقيق مصالح اقتصادية أم هي الحرب على الإرهاب؟ وأضاف أن السبب الرئيسي لهذه الحرب ليس زيادة القدرات العسكرية العراقية وما يمكن أن تشكله من تهديد للمصالح الأمريكية ولكن الشعور بالانكشاف غير المسبوق الذي شعرت به أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر. لقد حاولت أمريكا في بداية الأمر إيجاد دليل على علاقة بين العراق والإرهاب، وعندما فشلت في ذلك اتهمت العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل تشكل تهديداً لأمن استقرار أمريكا والعالم.
الدكتور شفيق غبرا تحدث عن الغموض الذي يكتنف السياسة الأمريكية في المنطقة. باستثناء أن واشنطن تريد حرباً على العراق، فان ما يعرف عن الأهداف الأمريكية في المنطقة لا يزال مجهولاً وهذا ما يثير قلق دول منطقة الخليج. وأضاف غبرا أن أحداث 11 سبتمبر أطلقت يد مجموعة من المسؤولين الأمريكيين في وزارتي الخارجية والدفاع.
ترأس الجلسة الثالثة عن الأوضاع في ايران الأستاذ الدكتور أنوش احتشامي الذي بنى مداخلته على الربط بين المتغيرات التي تتعلق بكيفية عمل بعض المؤسسات مثل الحرس الثوري والصراع بين الإصلاحيين والمحافظين وأثر الأوضاع الاقتصادية الصعبة على الأوضاع الداخلية. ولذلك يرى إحتشامي أن السياسة الخارجية الايرانية اتجهت إلى الشأن الداخلي. أما المتغير الآخر فيتعلق بنظرة ايران إلى الولايات المتحدة كدولة معادية لها تحاول أن تحاصرها وتعزلها وخصوصاً بعد توسيع حلف الناتو في أوروبا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق ووجود قوات أمريكية في أفغانستان وبعض دول الخليج. لذلك فان لدى إيران مخاوف من أن تكون الهدف الثاني بعد العراق.
السيد علي أكبر رضائي الممثل المقيم لمعهد الدراسات السياسية والدولية في السفارة الايرانية في لندن لم يوافق كليا على رأي إحتشامي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية وارتدادها إلى الداخل وقال ان ايران قدمت الكثير من التسهيلات خلال الحرب الامريكية في أفغانستان ولكن واشنطن تجاهلت هذا الدور وأصرت على تصنيف ايران كأحد أطراف محور الشر.
وأضاف علي أكبر أن ايران حريصة على إقامة علاقات طيبة مع دول المجلس واستعدادها للتنسيق مع دول المجلس في مجالات النفط والأمن والقضايا الأيديولوجية المذهبية إلا أن أزمة الثقة القائمة بين ايران وواشنطن تعيق إقامة علاقات طبيعية وتسوية بعض القضايا العالقة مع دول المجلس وخصوصاً بعد تضخيم القدرات العسكرية الإيرانية واتهامها بالسعي لامتلاك أسلحة نووية وتصويرها على انها مصدر تهديد لأمن واستقرار دول المجلس والولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر منافٍ للحقيقة كما يقول علي أكبر.
ترأس الجلسة الرابعة عن الأوضاع في اليمن السيد نصر طه مدير تحرير وكالة الأنباء اليمنية سبأ، وحرص على ذكر أهمية اليمن الاستراتيجية للخليج وانها امتداد طبيعي لشبه الجزيرة العربية. كما أن الديمقراطية وتعزيز الاستقرار بعد عام 1994م والإصلاحات الاقتصادية بمساعدة صندوق النقد والبنك الدوليين، وقدرة اليمن على بسط نفوذه على كافة أراضيه دفعت باليمن إلى مزيد من الاستقرار.
وأضاف نصر أن الإرهاب ليس ظاهرة يمنية وانما ورد من دول خارجية.
وذكر الباحث باقتراح سبق طرحه حول قيام مشروع مارشال جديد تتبناه دول المجلس لتنمية اليمن وهذا في رأي نصر أكثر أهمية من انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن، تحدث المشاركون وأعربوا عن ضرورة أن تقوم الحكومة ببسط نفوذها وفرض سيادة القانون على كافة الأراضي اليمنية، وبينوا أهمية الفوارق الاقتصادية والديمغرافية بين اليمن ودول المجلس، إلا أنهم أكدوا على أهمية دعم البرامج التنموية والتأهيلية في مختلف المجالات التعليمية والصحية في اليمن ودول المجلس والتنسيق في المجالات الأمنية.
ترأس الجلسة الخامسة عن شبه القارة الهندية السيد أتول أنيجا «Atul Aneja» مراسل صحيفة «the Hindu» في البحرين. فيما يتعلق بعلاقة الهند مع دول مجلس التعاون أكد السيد أتول على أن الهند تعتمد إلى حد كبير جدا على نفط الخليج. كما عقدت الهند اتفاقيات مع قطر لتزويدها بالغاز الطبيعي. أما مئات آلاف الهنود الذين يعملون في دول المجلس وما يرسلون من تحويلات مالية لذويهم فيشكلون أحد الروافد الهامة للعملة الصعبة بالنسبة للهند.
على صعيد علاقات دول المجلس مع باكستان، أشار السيد أتول إلى العلاقات المتينة بين باكستان من ناحية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من ناحية أخرى وخصوصاً بعد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان.
وأضاف انه بالرغم من أن علاقات دول المجلس مع الهند جيدة، إلا أنها لم ترق إلى مستوى علاقات دول المجلس مع باكستان بالرغم من أن عدد المسلمين في الهند يفوق إجمالي عدد السكان في باكستان. وأضاف ان النزاع القائم بين الهند وباكستان على كشمير والعلاقات الهندية الاسرائيلية وقدرات الهند العسكرية الهائلة أدت إلى خلق الكثير من الشكوك والمخاوف لدى دول المجلس وأبقى العلاقات مع الهند عند مستواها القائم حتى الآن.
أشار أحد المشاركين إلى أن القضية الأهم هي: ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه دول مجلس التعاون لكسب الهند إلى جانبها وضمان تأييدها لقضاياها العادلة في المحافل الدولية، وعدم إتاحة الفرصة لاسرائيل الاستفراد بالهند.
ولكن على صعيد العلاقات الهندية الاسرائيلية وما تركته من انعكاسات على علاقة الهند بدول المجلس، علق أحد المشاركين أن التعاون بين الهند واسرائيل لا يقتصر على الجانب العسكري ولكنه يتعدى ذلك إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية أيضا. فخلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الاسرائيلي السابق إلى نيودلهي أدلى بتصريح قال فيه: «إننا جميعا في خندق واحد في حربنا ضد الإرهاب الإسلامي». وخلص إلى القول ان الموقف الهندي يقترب تدريجياً من الموقف الاسرائيلي.
الدكتور جريجوري جوز من جامعة فيرمونت أكد على أهمية العلاقات الاقتصادية بين دول المجلس والهند قائلا انه بغض النظر عن الصراع العربي الاسرائيلي والنزاع على كشمير فان دول المجلس لا تزال ترغب ببيع النفط للهند وباكستان، وأعرب عن اعتقاده بأنه ليس من المحتمل أن تؤدي الخلافات السياسية إلى التأثير على العلاقات الاقتصادية.
أما فيما يتعلق بالعمالة الوافدة من شبه القارة الهندية، قال جوز إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن العمال الوافدين هم أكثر انضباطاً واحتراماً لأمن واستقرار البلد التي يعملون بها ولم يتسببوا بأعمال شغب أو اضطرابات تذكر.
الأستاذ الدكتور أنوش إحتشامي من قسم الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية في جامعة درام البريطانية طرح سؤالاً حول إذا ما كان للعلاقات الصينية الاسرائيلية نفس التأثير للعلاقات الهندية الاسرائيلية على دول المجلس والعالم العربي.
عبد العزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أشار إلى تحسن مستوى التبادل التجاري بين دول المجلس والصين على أثر حرب الخليج.
وأضاف جوز أن العلاقات الصينية الاسرائيلية لم تترك أثراً يذكر على علاقات بكين مع دول المجلس وخصوصاً أن الصين لم تتخذ مواقف منحازة مع أي من أطراف الصراع في منطقة الخليج.
السيد لي جوفو «Li Guo Fu» مدير قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وافريقيا في المعهد الصيني للدراسات الدولية قال إن علاقات الصين مع دول مجلس التعاون في غاية الأهمية بسبب أمن طاقة الصين وزيادة اعتمادها النفطية على نفط المنطقة. فالصين تستورد نسبة لا بأس بها من احتياجاتها من منطقة الخليج ويرتفع استهلاكها للنفط بحوالي 5 ،4% كل عام. لذلك من مصلحة الصين أن ترى دول المجلس تنعم بالاستقرار وذلك لضمان استمرار تدفق النفط بأسعار معقولة.
وأشار فو إلى أن هناك إمكانيات هائلة لزيادة التبادل التجاري بين الصين ودول المجلس في العديد من المجالات. فالصين تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات العربية التي لا تزيد على مائتي مليون دولار حتى الآن.
في تعقيبه الختامي للجلسة حرص السيد أتول على تأكيد أن الهند لا تسعى للمواجهة أو الحرب مع باكستان ولكن اعتداء 13 سبتمبر على البرلمان الهندي لم يترك خياراً أمام الهند سوى ممارسة الضغط على باكستان لتمنع تسلل الجماعات الإرهابية عبر الحدود وشن هجمات داخل الهند، وتتطلع الهند إلى إقامة علاقات استراتيجية مع دول مجلس التعاون.
في معرض تقديمه لمحور الجماعات المتطرفة «الجلسة السادسة» قال الأستاذ الدكتور حسنين توفيق ابراهيم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن هذا الموضوع يكتسب أهمية خاصة لانه مرتبط بجميع المحاور التي تناولتها الحلقة الدراسية، وبسبب الدور المركزي الذي يلعبه الإسلام في العملية السياسية في معظم الدول العربية والإسلامية. فالأنظمة السياسية تستخدم الإسلام كمصدر لشرعيتها، بينما الحركات الإسلامية المتطرفة والمعتدلة تستخدمه لتبرير معارضتها لهذه الأنظمة.
وطرح الدكتور حسنين القضايا الأساسية ذات العلاقة المباشرة لموضوع الجلسة على النحو التالي:
1 ما هي جذور ظاهرة التطرف الإسلامي وما هو دور العوامل الخارجية بشكل عام ودور الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص في خلق وانتشار هذه الظاهرة وخصوصا فيما يتعلق بالحرب ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان وسياسات أمريكا اتجاه القضايا العربية والإسلامية؟.
2 كيف يمكن أن نعرّف الحركات الإسلامية العالمية؟.
3 ما هي طبيعة ودور الحركات الإسلامية في دول مجلس التعاون وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر . السؤال الذي لا بد من طرحه ومناقشته في هذه الحلقة الدراسية هو: هل تمثل الحركات الإسلامية القائمة والمحتملة تحديات لهذه الحكومات؟.
4 ما هي عواقب الاستراتيجية المتعددة التي استخدمتها الحكومات في التعامل مع الحركات الإسلامية ؟.
وأكد الدكتور حسنين على النقاط التالية:
* إن العمليات العسكرية والحلول التي تفرضها الأجهزة الأمنية لا تكفي وحدها لمواجهة الحركات الإسلامية المتطرفة. وأعرب الدكتور حسنين عن اعتقاده بأن الحل الحقيقي يكمن في معالجة جذرية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تساهم في خلق هذه الجماعات المتطرفة وانتشارها ولكن هل الأنظمة السياسية القائمة تمتلك القدرة والرغبة للتحرك جدّياً في هذا الاتجاه؟.
* إن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب والسياسات الأمريكية الأخرى اتجاه العالمين العربي والإسلامي هي عوامل مهمة في عملية استشراف مستقبل الجماعات الإسلامية المتطرفة.
تحتاج الولايات المتحدة وفي أقرب وقت ممكن أن تجد حلا للتناقض الكبير في اثنين من أهداف سياستها الخارجية وهما «الحرب ضد الإرهاب»، و«نشر الديمقراطية». أثناء حربها على الإرهاب وضعت الولايات المتحدة جانبًا قيمها الديمقراطية وسعت إلى المزيد من توثيق علاقتها مع بعض الأنظمة اللاديمقراطية في الشرق الأوسط وآسيا. من ناحية أخرى يعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين أن الديمقراطية هي الحل الوحيد والأفضل للتطرف والإرهاب.
كيفية معالجة الإدارة الأمريكية لهذا التناقض سيشكل أحد أهم العوامل التي ستحدد السياسة الخارجية الأمريكية في المستقبل.
قال الدكتور جريجوري جوز إن الولايات المتحدة لا تعارض مشاركة الإسلاميين في النظم السياسية. ولكن الأمر المهم يبقى كيفية احتواء أو إبقاء الحركات الإسلامية بعيدا عن ممارسة العنف السياسي، وما هي أهم القضايا على جدول أعمالها وكيف تتصرف هذه الجماعات خارج حدودها الوطنية ؟.
الأستاذ الدكتور جياكومو لوسياني «Giacomo Luciani» أستاذ الاقتصاد السياسي ومدير برنامج البحر الأبيض المتوسط في المعهد الأوروبي قال ان الأنظمة التي تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية تلجأ إلى الشرعية الإسلامية. ولكن لا بد من توفر بعض الشروط لتستحق هذه الأنظمة شرعيتها الإسلامية. القضية الثانية هي أن بعض الأنظمة اعتقدت خطأ انها قادرة دائما على السيطرة على الحركات الإسلامية. ولكن أحداثا كثيرة وقعت وأكدت انه لا يمكن دائما السيطرة على الحركات الإسلامية.
أما القضية الأخيرة فهي صعوبة إيجاد كادر تعليمي قادر على إيصال رسائل وقيم جديدة. وأخيرا اتفق مع وجهة النظر القائلة بأن وحش التطرف خرج عن نطاق السيطرة ولا بد من التعامل معه بأساليب جديدة.
في معرض ردّه على سؤال وجهه السيد ابراهيم المراشي الباحث في مركز دراسات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في الولايات المتحدة عن أين ذهب المد الشيعي العالمي الذي ازدهر في الثمانينات، قال الدكتور جاسم ان فتوى أصدرها الشيخ مهدي شمس الدين مفتي المجلس الشيعي الأعلى في لبنان عام 1999 قال فيها ما معناه أن ولاء أي شيعي يجب أن يكون للبلد الذي يعيش فيه. لقد أدت هذه الفتوى إلى تراجع الحركة الشيعية العالمية وكذلك إلى تحسين العلاقات بين السعودية وايران.
عبدالعزيز صقر قال انه يعارض تماماً تسييس الإسلام وإرساء استخدامه لأهداف سياسية وأضاف أن انسحاب القوات الأمريكية من بعض دول المجلس لن يؤدي بالضرورة إلى تغيير موقف الحركات الإسلامية العالمية لأنهم سيبحثون عن مبررات جديدة لمعارضة الأنظمة مثل الفساد الإداري وغياب الشفافية والمشاركة السياسية والصراع العربي الاسرائيلي وغيره من الذرائع.
الدكتور جاسم قال ان الولايات المتحدة تعمل دائما على خلط الأوراق في الوطن العربي لتجعل العرب دائماً يقفون في موقف الدفاع عن النفس وتضع المعتدلين في موقف صعب لا يشجعهم على تأييد السياسة الأمريكية حتى لا يبدو وكأنهم ينفذون جدول أعمال الآخرين.
جون تشيبمن مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قال إن السياسة الخارجية للدول الكبيرة والصغيرة تدور حول السياسات المحلية لدول أخرى وتسعى للعب دور في سياسات الدول الأخرى المحلية وتوجيهها بما يخدم مصالحها. في مداخلته الختامية لهذه الجلسة قال الأستاذ الدكتور حسنين إن هناك خلطاً بين الإسلام والحركات الإسلامية، وكذلك عدم تمييز بين الحركات الإسلامية المعتدلة وتلك المتطرفة.
ترأس الجلسة السابعة عن النفط ودوره في الاستقرار السياسي في دول المجلس الأستاذ الدكتور جياكومو لوسياني «Giacomo Luciani» الذي قال بأن الاعتقاد السائد بأن المستورد الرئيسي لنفط الخليج سيكون شرق آسيا ليس صحيحاً وخصوصاً أن الحقائق تفيد انه بحلول عام 2030، ستكون الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول المستوردة للنفط لأن عجزها سيصل إلى حوالي 16 مليون برميل في اليوم. وأضاف جياكومو انه بالرغم مما أشيع في تسعينيات القرن الماضي بأن بحر قزوين سيكون المصدر الأول للنفط في العالم، إلا أننا نعرف الآن أن ذلك ليس صحيحاً. فمخزون العراق وحده من النفط يفوق كامل ما هو موجود في بحر قزوين علاوة على وجود نسبة عالية من الكبريت فيه بالإضافة إلى مخاطر النقل والشحن وارتفاع التكلفة. لذلك فان الولايات المتحدة الأمريكية تعد نفسها لمواجهة تزايد حاجتها للنفط منذ الآن.
وبالرغم من الاحتياطيات النفطية في أمريكا اللاتينية والدعوة لزيادة الاستثمارات هناك، إلا أن تجربة فنزويلا أكدت أن الاعتماد على نفط الخليج سيستمر لعقود طويلة قادمة.
وفي معرض إجابته على سؤال طرحه الأستاذ الدكتور فرانسوا هايزبورغ مدير معهد الدراسات الاستراتيجية في باريس حول دور النفط في اقتصاديات دول المجلس قال جياكومو ان دول الخليج ستستمر في البحث عن توسيع وتطوير قاعدتها الاقتصادية ولكن التوسع في الاكتشاف والإنتاج في البترول سوف يُبقي اقتصاديات دول الخليج اقتصاديات نفطية، ومع ذلك فهذا ليس حتمياً خصوصاً مع إدخال أنظمة ضرائبية فاعلة التي قد تزيد من دخل الدولة من مصادر غير نفطية.
وأكد جياكومو على النقاط الرئيسية التالية:
1 إن تزايد نجاحات القطاع الخاص يجعل منه ممولا قوياً للاستثمارات في الأجل المتوسط مما سيخفف من أعباء الدولة وكذلك يخفف من مخاوف تقلبات أسعار النفط وآثارها على الاقتصاديات المحلية للدول المنتجة.
2 ليس صحيحاً أن التحكم في أسعار البترول يقع خارج إطار سيطرة دول الخليج إذ إن بإمكانها فعل ذلك بطرق عديدة مباشرة وغير مباشرة وعلى سبيل المثال توسيع أنشطتها لتشمل التكرير والتوزيع والتسويق.
3 بإمكان دول الخليج إنتاج بترول نظيف غير ضار بالبيئة وبأسعار معقولة مما يلغي أي منافسة محتملة من أي منتج آخر.
4 لن يكون البترول هو قاطرة النمو الاقتصادي في الخليج وذلك بعودة رؤوس الأموال واتساع أنشطة القطاع الخاص وتزايد معدلات النمو الاقتصادي، إرساء قوانين وأنظمة ضرائبية أكثر فاعلية.
5 ستبقى دول منطقة الخليج ولعقود طويلة المصدر الأهم للطاقة في العالم.
في الجلسة الختامية تم عرض النقاط التالية:
من المهم أن تعمل دول المجلس معا لتحديد رؤية سياسية موحدة حول كيفية حماية مصالحها الوطنية انطلاقاً من مصلحة شعوبها.
العراق دولة عربية مسلمة وجارة لدول المجلس، والتعامل معها لا بد أن ينطلق من مصلحة شعوبها حاضراً ومستقبلا.
ضرورة بذل المزيد من الجهود لرفع مستوى الوعي بترابط وتشابك القضايا السياسية والاقتصادية من ناحية والأمن الإقليمي والدولي من ناحية أخرى.
بعد أحداث 11 سبتمبر أصبح التوجه السياسي لأمريكا نحو المنطقة يتسم بخصوصية معينة. وأن التعامل معها لا بد وأن يستند إلى مصلحة شعوب المنطقة.
وجود نوع من التباين في مفهوم الأمن لدى الدول ومفهومه لدى مواطني دول مجلس التعاون.
لا بد من تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والعمل على تطوير مؤسسات الدولة في مختلف القطاعات.
|