* قلوة - جمعان علي الكرت:
في احدى الليالي الربيعية الدافئة بمحافظة قلوة بمنطقة الباحة امتزجت قطرات المطر برحيق الشعر فغدت القصائد كقلائد الجمان أو شلالات الفضة اتسمت الأمسية الشعرية التي نظمها نادي الباحة الأدبي وأحياها الشاعران أحمد زربان ومسفر العدواني بجمال الوصف وبهاء اللغة وحسن البلاغة.. استهلت الأمسية التي حضرها محافظ محافظة قلوة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بالرقوش وعدد من رجال الفكر والتربية والأدب بالقرآن الكريم.. بعد ذلك عرّف مدير الأمسية الشاعر حسن الزهراني بالشاعرين وحضورهما البارز في ذاكرة المتلقي بمنطقة الباحة. افتتحت الأمسية بقصيدة جميلة لزربان تحت عنوان تحية لأهل قلوة قال في ثناياها:
لقلوة قد شددت الرحل أرنو
لأجمل بقعة وأعز إخوه
بها نصب الجمال له خياماً
يغرد روحة فيها وغدوة
ولو سئل الندى ما خير أرضٍ
بها تنوي المقام لقال قلوه
وانعطف الشاعر زربان الى وصف حالة الفقر والجهل في أرض الجزيرة العربية قبل توحيدها على يد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي لم شتاتها وشاد بناءها على أساس الدين والعقيدة السليمة.. وكانت القصيدة بعنوان أرض الجزيرة ومائة عام من البناء
قرن من الانجاز يحكي قصة
لتكامل وتلاحم ووفاء
مائة من الأعوام اضحت سلماً
نرقى به للقمة الشماء
وطن تفيأنا ظلال نعيمه
ونعيش في أمن به ورخاء
وجاء دور الشاعر مسفر العدواني ليحلق في فضاء الشعر بقصائد حسان نقتطف من قصيدته بيتين جميلين
جداول الشعر من عينيك تنسكب
فيثمر الوسن الفواح والسكب
أماه يا بسمة بالحب خالدة
اليك كل حنان الكون ينتسب
أعقبها قصيدة يصف جراح الأمة الاسلامية وما آل اليه تفكك.. لينبري الشاعر زربان بإلقاء قصيدة بعنوان فلسطين
في فلسطين تستباح حقوق
دنستها براثن العدوان
في ثراها السليب قد ضيم شعب
سيم سوء العذاب في كل آن
في ثراها السليب يُغتال شهم
عربي مجاهد ربّاني
وكان الشاعر يصف المعاناة المريرة لشعب فلسطين من قتل وتشريد وتعذيب محاولاً استنهاض الأمة الاسلامية لتفيق من سباتها وتتحمل مسؤولياتها.
أعقبها قصيدة بعنوان معشوقة الشعر يقصد بذلك منطقة الباحة..
ضرب من السحر أم طيف من الصور
هذا الذي سكب اللذات في نظري
أم أغنيات هوى قد أرسلت طرباً
لحناً يهيم على اتعامه وتري
وقد أفضى الشاعر عن مكنونات نفسه وولهه بالباحة وما تحويه أرضها من هواء وجبال ونبات وأودية ومدن وسكان وبما حباها الله من مناخ عليل وطبيعة آسرة.
واستمر شلال الشعر متدفقاً عذباً.. إذ القى مسفر العدواني عدداً من قصائد التفعيلة ومن بينها واحة الموت يقول فيها:
صغير ينام على
حافة القبر يحمل
في كفه صورة القدس حباً
وفي عينيه من أنين المواجع يحمل عبره
بعد ذلك حول الشاعر زربان دفة الشعر الى الغزل حيث يقول:
يا عاشقاً في الهوى تاهت مسالكه
فبات يشقى بأحلام له زمنا
يا شاعراً مغرماً جاءت قصائده
تبين بعض الذي في القلب قد سكنا
وعندما أدرك زربان بأن الهوى والتشبب لم يعد يصلح لمن هم في سنه القى قصيدة «خريف الحب» وهي في محتواها دعوة للاقلاع عن الهوى والحب البعيد عن حياة العاشقين ومعاناتهم فيقول:
ذبلت زهرة الغرام بقلبي
فانتشلت الجذور من أعماقي
شمس حبي قد آذنت بمغيب
وهي لما تلوح بالاشراق
واختتم مشاركته بقصيدة تحت عنوان نسل الكرام بمناسبة حصول الأمير فيصل بن محمد نائب أمير منطقة الباحة على درجة الدكتوراه في الادارة الدولية:
وانت بنيلها ما رمت عزاً
اليك العز ينتسب انتسابا
وتتابعت القصائد من العدواني «رسالة من القلب الى القلب السعادة، عجباً، واختتم مشاركته بقصيدة وطنية بعنوان أمجاد المجد يقول»:
يحلق المجد في دُنيا آمانينا
فيصبح العلم بدراً في ليالينا
جئنا لنملأ أنفاس الورى ثقة
ونصنع الخبز والإسلام يكفينا
وفي أعقاب الأمسية الشعرية الجميلة سُمح للدكتور سعيد بن عطية أبوعالي عضو نادي الباحة الأدبي والمسؤول عن المناشط الثقافية بمداخلة.. أعرب عن سعادته بزيارة مدينة قلوة وقال بأنها مدهشة بعمرانها وجبالها وأهلها وتطرق للمسيرة التعليمية والجهود البارزة للمربي الفاضل الشيخ سعد المليص.. وذلك حينما مشط المحافظة منذ نصف قرن وحدد الاحتياج من المدارس في ذلك الحين.. وتطرق لمكارم أهالي قلوة كما أبدى استغرابه الشديد من عدم احتواء تلك القصائد الشعرية دواوين شعرية أو بثها عن طريق أشرطة الكاسيت أو عن طريق المواقع في الانترنت.. وأعجب الدكتور بقصيدتي مريم لزربان وشمعة البيت للعدواني وقال بأنهما عبرا عن عاطفتهما الجياشة نحو الأم والبنت وتمنى ان يشارك أبناء تهامة في المنتديات الثقافية.
لقطات من الأمسية
- الأمسية تأتي ضمن مشاركات نادي الباحة الأدبي في فعاليات مهرجان الربيع بمحافظة قلوة.
- قدم الشيخ سعد بن عبدالله المليص رئيس النادي الأدبي بالباحة درعاً تذكارياً لمحافظ محافظة قلوة الشيخ عبدالعزيز بالرقوش وأيضا درعين تذكاريين لفارسي الأمسية فضلا عن عدد من الشهادات التقديرية للمساهمين في انجاح الحفل الثقافي.
- الترحاب والبشاشة كانت تنضح من محيا أهالي قلوة وعلى رأسهم الشيخ يحيى أبوالقرون والأستاذ عباس الهميطي.
- معزوفة المطر صاحبت الأمسية الشعرية مما أضفى جواً شاعرياً بديعاً.
- الغرفة التجارية قامت بتوزيع دليل سياحي تحت عنوان «قلوة شتاء الباحة الدافىء».
- الأستاذ عبدالله أحمد غريب قدّم الحفل.