* الرياض وهيب الوهيبي:
عقدت ظهر امس الخميس الجلسة الختامية لندوة المعارف التربوية الكبرى بحضور معالي وزير المعارف الدكتور محمد الرشيد ومعالي نائبه ووكيل الوزارة للتعليم الدكتور خالد العواد ومنسوبي الوزارة حيث قدم الدكتور صالح الضبيبان وكيل الوزارة المساعد للتعليم الموازي البيان الختامي للندوة.
أولاً: لقد اثرى مضامين هذه الندوة مشاركة مجتمعية واسعة من خلال ورش العمل التي سبقت الندوة والتي عقدت في مختلف مناطق ومحافظات المملكة وشارك فيها قرابة «5000» مشارك ومشاركة، ثم اثريت حوارات هذه الندوة عبر ندوة جماهيرية شارك فيها نخبة من مثقفي ومفكري المجتمع من نخبة من التربويين، وذلك بغرض الوصول الى رؤية مشتركة بين المجتمع والتربويين من اجل تعليم وتربية افضل في بلادنا.
وقد خرجت الندوة بالعديد من الرؤى والافكار والتوصيات، التي ستساعد على وضع تصور مشترك لتطوير التعليم في المملكة العربية السعودية.
علماً بانه سيتم مع هذا البيان الختامي ارفاق كافة اوراق العمل والمشاركات والتوصيات للافادة منها عند وضع آلية عمل التصور المشترك.
ثانياً: ملامح التصور المشترك لتطوير التعليم في المملكة العربية السعودية.
لاتقوم حياة المجتمعات ونهضة الامم على الاجراءات والمعالجات الآنية، بل لابد من ان تنطلق مسيرتها من خلال خطط ومعالجات استراتيجية تنبثق عن رؤية شمولية متكاملة للتطلعات القادمة.
وتظهر الحاجة ملحة في المملكة العربية السعودية الى وضع رؤية علمية طموحة تنطلق من الواقع لتواجه المستقبل وتوجهه حيث يشكل النمو السكاني المرتفع تحدياً امام المخططين وسيحمل ربع القرن القادم بمشيئة الله في طياته نمواً هائلاً لاعداد السكان ممن تتراوح اعمارهم بين «5ـ19» سنة، اذ يتوقع ان يتجاوز عددهم خمسة وعشرين مليون نسمة من الذكور والاناث، ولاشك في ان دلالات هذه الارقام تحمل في طياتها جوانب سلبية، كما تحمل في الوقت نفسه جوانب ايجابية، فهذه الفئة العمرية تمثل ضغطاً على التعليم والصحة وغيرهما، مما يتطلب اعداد العدة لاستيعابها وتوجيهها، كما انها تحمل بشائر ايجابية اذا استثمرت ووجهت نحو تطوير قدراتها المختلفة كي تسهم في تسريع عجلة التنمية.
من هذا المنطلق فالسؤال الملح هنا: من المسؤول عن التعليم؟ ان الجواب الامثل هو: نحن، اي اعضاء المجتمع بكافة عناصره ومنهم التربويون، وهذا هو الواجب الطبيعي الذي يفترض ان تبنى عليه قاعدة التشاركية بين التربويين والمجتمع، والذي بدونه يصبح النظام التعليمي والمدرسة بشكل خاص كبش الفداء لأي قصور في عملية النمو الاجتماعي والاقتصادي.
لكن هذه المشاركة بين التربويين والعناصر المكونة للمجتمع لن تتفعل ولن تجدي مالم تنطلق من اصحاب القرار على مستوى الدولة، وما لم تجد الدعم السياسي لها من مؤسسات الدولة العليا، دعما يتمثل في ايجاد النظم والمؤسسات الاجتماعية التي تكون القنوات لهذه العلاقة التشاركية التربوية.
ان تقاسم المسؤولية والمشاركة في اتخاذ القرار يقود وبشكل قوي الى شعور جميع اعضاء المجتمع من العاملين في المؤسسات التربوية او خارجها بالانتماء اولاً الى تلك القرارات وثانياً الى المجتمع الذي اصدر تلك القرارات، وهذا الشعور يؤدي ايضا الى تبني القرارات وتفعيلها بشكل ايجابي يحقق الاهداف المرجوة، ونتيجة لتفعيل العلاقة المجتمعية التشاركية يبدأ مفهوم الثقة المتبادلة ينتشر في المجتمع، ويبدأ احساس العاملين في المؤسسات التربوية بالاطمئنان والثقة عند تبني الاعمال والافكار التجديدية داخل العملية التعليمية بكافة عناصرها مما يكون له كبير الاثر في دعمها وتطويرها.
ان الرؤية المستقبلية لما يتوقعه التربويون من المجتمع السعودي هي ان يكون «مجتمع تعلم» توظف موارده المالية والفكرية على جميع المستويات والشعبية معاً سواء في داخل المدرسة او خارجها لتنمية المواطن المتعلم الذي اكتسب القيم والعلوم والمعارف والمهارات والاتجاهات المطلوبة، واصبح قادراً على المشاركة في بناء المجتمع بشكل فعال.
وفي «مجتمع التعلم» الذي ننشده تركيز كبير على التعليم المستمر وانشطة التعلم مدى حياة الفرد، وعدم تركيزها فقط على مراحل التعليم العام.
ان هناك حاجة ماسة للانتقال من مجتمع يركز على الحصول على شهادات وتكون قيمة الفرد فيه معتمدة على الدرجة التي حصل عليها او الجامعة التي تخرج فيها الى مجتمع يقيم الفرد بناءً على ما لديه من قيم ومعارف وعلوم ومهارات واتجاهات بغض النظر عن المستوى التعليمي الذي وصل اليه او الشهادة التي حصل عليها.
ولتحقيق التعليم الامثل المؤسس على افكار الروية المستقبلية «الانفة» القائمة على مفهومي «العمل التشاركي» و«مجتمع التعلم» فإنه لابد من تفعيل ما يلي:
** التأكيد على حسن اعداد واختيار وتأهيل المعلمين.
** قيام القطاع الخاص ومؤسساته بتقديم الدعم المادي للعمليات التعليمية وتطويرها باعتبار ذلك من اهم جوانب العملية التشاركية بين التربية والمجتمع والذي يجب ان يكون وفق تنظيم واضح لا يقوم فقط على التبرع والهبات بل على فائدة الطرفين، كما انه على القطاع الحكومي توفير الحوافز والتسهيلات للقطاع الخاص للقيام بهذا الدور.
** ضرورة ان يواكب تطوير التعليم تطوير مماثل في باقي منظومات الحياة في المجتمع السعودي، وإلا فان الجهود التي سوف يبذلها العاملون في مجال تطوير التعليم سوف تذهب سدى: فالفرد مهما نال حظاً متطوراً من التعليم يظل اعداده وتدريبه ناقصاً بدون تظافر جهود القطاعات الاخرى في توعيته وتثقيفه وحثه على العمل.
** اختيار فريق من التربويين ومن المجتمع لمراجعة هذه الرؤى والتوصيات وتكوينها بالصورة النهائية، تمهيداً لرفعها الى الجهات العليا لاقرارها والتوجيه بوضع آلية مجدولة لتنفيذها واعمالها.
** صياغة مناهج التعليم بصورة تراعي:
الاهتمام بالافراد كأفراد وتعزيز الشخصية الاسلامية، وقبول الفروق الفردية بينهم سواء كانت في التعليم او القدرات العقلية والمستويات الاجتماعية والاقتصادية والتوزيع الجغرافي. جعل الطالب محور العملية التعليمية التعلمية في بنية صحية آمنة.
الاهتمام بجوانب النمو «الجسمي، والعقلي، النفسي، والاجتماعي» للطلاب وتعزيز السمات الانسانية في شخصياتهم. تعزيز الترابط الاسري، والانتماء نحو المجتمع الاكبر، والشعور بالوطنية على المستوى المحلي، والاسلام على المستوى الاوسع، وتدريب الطلاب على سماع الرأي الآخر، والتعامل معه بهدوء وثقة.
توعية الطالب والطالبة بأهمية العمل التطوعي وتدريبهما عليه، لما فيه من فوائد عظيمة تتمثل في القضاء على صور الفراغ المتعددة، واكتساب الصفات الشخصية الايجابية، والتخلص من السلبية، وتعلم ضبط النفس، والقدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار، وتحقيق مفهوم الانتماء والمواطنة.
ايجاد مجالس تربوية دائمة تكرس الشراكة بين مؤسسات التربية «البيت، المدرسة، المسجد، الاعلام، الاندية» وترعى الانسجام وتعزز الفعالية بين تلك المؤسسات، مما يساعد على توحيد التوجهات التربوية، واقتراح الحلول التي تتناسب مع الظروف البيئية والاجتماعية لكل مدينة او حي، ويعيد للمدرسة دورها الريادي في النهوض بالمجتمع.
الاستمرار بصورة دورية «كل سنتين مثلاً» في عقد حوار وطني تربوي على غرار ندوة «ماذا يريد المجتمع من التربويين؟ وماذا يريد التربويون من المجتمع؟» يتابع ماتم الاتفاق عليه من اقتراحات وتوصيات ويفعل تنفيذها، كما يناقش الرؤى التربوية المستجدة في العالم.
ثالثاً: ان المشاركين في هذه الندوة وعلى رأسهم وزير المعارف الدكتور محمد بن احمد الرشيد ورئيس اللجنة المنظمة الدكتور خالد العواد واعضاء اللجنة المنظمة واللجان الفرعية والفرق العلمية ليرفعون اسمى آيات الشكر والتقدير الى راعي هذه الندوة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز على رعايته الكريمة لها، والى صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز على تفضله بافتتاحها.
|