لما هو آت
بعد أن انفضَّ الجمع!!
خيرية إبراهيم السَّقاف

التفتت إليَّ صديقتي..
فهمتُ منها وهي تناظرني وبين عينيها استفهام...، قلتُ: تظاهرة جميلة... لكنَّني مللت من صخب الكلام...
هزَّتْ رأسها: هذه أنتِ تقولين ذلك؟، حركتُ رأسي بالإيجاب.. قالتْ: وماذا يقول الذين لم يتعهَّدوا طفولة الكلام؟...
لكنْ، يا صديقتي هناك كلام وهناك كلام...
الجمع لم يكن لا يقول، كما أنَّه كان يقول...
أوراق كثيرة محزومة لا يكاد يتحمَّلها ساعد شخص في وزن ملاكمي العالم من الوزن الثَّقيل، ولا حاملي الأثقال، أو حتى متدرِّبي الحديد...، فكيف بهذه السَّواعد الرَّخوة من الرَّفاه...، ونعومة التَّرطيب...، ألمْ تلاحظي كم واحدة فتحت حقيبتها وتعطَّرت؟، وكم واحدة فتحت حقيبتها وترطَّبت؟... فاحت العطور عبقاً، قلَّل من ضغط الأنفاس، ألم تلاحظي كم واحداً مدَّ يده إلى أرنبة أنفه يمسح عنها عرق الصمت، أو حظر المكان؟ صديقتي، حملت الأوراق، ودعتني بحيرة مضاعفة لتلك التي ارتسمت بين حاجبيها...
الجمع انفضَّ...
والطاولات لا تزال تنصب فوقها أجهزة تكبير الصَّوت، وبقايا ورق وأقلام، بعضٌ نسي أن يحمل حقيبة زيِّنت بعنوان الاجتماع...، وبعضٌ تلهَّف عليها كي يأخذها!!!
وماذا...
خرجتُ ألحق صديقتي...
وتركتُ من خلفي يعجُّ غبار السُّؤال...
كانت في الخارج تنتظرني...
كي أحمل أثقالها معها... كي نقوى على وعورة الخروج من بين أكداس النَّاس الذين اجتمعوا بسلام...
اقتعدنا العربة في داخلها... كنَّا نلتفت لبعضنا...
وعلى ألسنتنا: وماذا بعد أن انفضَّ الجمع.
ماذا بعد الكلام؟...