يا ترى.. إلى ماذا تنظر هذه الأم الشامخة؟ وبماذا تفكر؟
ما الذي يدور في مخيلتها أمام هذه النظرة التأملية الحنينة؟
هل في حبيبها الذي رحل ولم يعد، وتركها تصارع الصحراء وحيدة؟ أم في هذا (الحوار) اللطيف الذي يمتص طعم الحياة من ضرع أمه الحنون؟
يااااااترى.. هل أثقلتها مصاعب الزمن وتكاليف الحياة؟ وباتت خائفة على مستقبل (حوارها).. هل تفكر بطريقة تجمع بها مهر زوجة وحيدها الحبيب؟ أم زادت عليها فواتير الكهرباء.. والجوال.. وقيمة الوقود الذي تقطع به صحراء الألم صباح مساء!!
لله درك أيتها الناقة الباكية، تعانين صنوف العذاب.. وتأكلين الشوك بلا تردد.. وتطئين الرمضاء الحارقة بلا حذاء غالي الثمن.
تعانقين أمواج التراب، وأعاصير العذاب، وتهيمين في عالم من الدوامات المجهولة، ولا تدرين إلى أين تقودك الأقدار!!
إلى متسابق لا يرحم (بطنك وكليتك) بين ركل ورفس، ولا جنبيك من سياط عصاه.. كي يفوز وأنت تذرفين الدمع الغذير؟!
أم تحت (منشار) جزار غاشم، يستمتع بدمائك التي تشق الأرض!!
أم أمام سائق سيارة (طائش) يودي بحياتك، ويدعك فوق الرمال.. لتكوني لنا (بترولاً) مع الأيام!!
ياااااه، ما أقسى هذه الحياة عليك أيتها الطيبة، وعلى حوارك الذي تربينه وترضعينه الألم، لتقدميه هدية غالية لمتسابق أو جزار أو طائش يقود سيارة، أو إلى ساحات الأفراح كي يقول لنا (المعزّب):
«اقلطوا حياكم الله»..!!
وتظل معاناتك ما دامت السماء والأرض..
|