ظل الشعر منذ القدم وما زال يعد أحد أهم الملاحم العظيمة والركائز الكبيرة في بث الكثير من ملامح كيان الأمة الإسلامية على مر العصور وأبرز وأهم معطيات هذه الأمة عقائدياً وهوية وانتماءً، بل ودفع روح الحماس في بُنى - بضم الباء - الأمة بما يرتقي بها نحو الشموخ والعزة.
وفي الأخير فالشعر كأداة مهمة ومؤثرة في الكثير من جوانب الحياة فإلى ذلك يظل الشعر من أحد روافد العلم والثقافة والأدب ومما تستمليه النفوس وتتوق الى سماعه عندما يكون هذا الشعر معبراً عن قضايا الأمة المهمة ودافعاً لرفع رتم الهمة .
وفي هذا السياق ولأن الشعر بهذه المكانة من الأهمية والحفاوة والعناية أصبح الشعر متسيداً لكل الفعاليات الثقافية والأدبية والتراثية فبالأمس القريب ومع مطلع بدء افتتاح مهرجان الجنادرية الثامن عشر لهذا العام كان لشعب هذه المملكة الأبية الشامخة بماضيها وحاضرها - كان لهم موعد مع ملحمة من ملاحم الشعر ممثلاً ذلك - بالقصيدة - الحدث التي نستطيع أو بالأحرى يجوز لنا أن نصفها بالفعالية الرسمية في هذا المهرجان والتي يلقيها - كالمعتاد في كل مهرجان - الشاعر الكبير - بمعنى الكلمة - خلف بن هذال العتيبي حيث كان الكل في ترقب وتلهف لهذه القصيدة، ومع بدء المهرجان لهذا العام وأثناء نقل فعاليات هذا المهرجان عبر الشاشة الفضية جمعتني الصدفة مع بعض الجالسين في أحد المجالس في وقت كان فيه الكل يرتقب صعود الشاعر لمنصة الالقاء وبعد أن أخذ شاعرنا الكبير - بسحنته المعفرة بحب تراب الوطن وملامحه المشحونة بالوطنية الصادقة مكانة للالقاء بدأ الصمت يفرض وقعه على الجالسين الذين ارهفوا الأسماع ترقباً لتشنيف آذانهم بما تفصح عنه القصيدة كالمعتاد من درر منظومة بخيوط حروف الوطن، وعندما بدأ الشاعر في الالقاء ثم استرسل مستطرداً بحماسه المعهود كل ما يكنه في دواخله من مشاعر يلمسها كل مواطن في نفسه تجاه دينه ووطنه وقادته عند هذا الحد انخرط أحد الجالسين بالبكاء حد النشيج ففض ذلك سكون الجلوس ولفت انتباههم واستغرابهم وهم يرون الرجل وقد أسبلت «مآقيه» الدمع الغزير مبرراً ذلك كشعور لا إرادي ومصرحاً بأن الشاعر الكبير خلف بن هذال قد عبر عن الواقع وبصدق يخالج شعور كل مواطن تجاه عقيدته وما يحيكه لها الأعداء.. والحقيقة أن هذا الموقف قد أثر في الجالسين، مما جعلني أنقله إليكم كتعبير صادق عن ولاء مواطني هذا البلد لوطنهم بكل السبل ومنها المشاعر الصادقة والنقية.
محمد بن سند الفهيدي / بريدة
|