احتلت قضية غسيل الأموال أهمية كبيرة في الآونة الأخيرة خاصة مع اتساع هذه الظاهرة عالميا في ظل العولمة والتسارع التكنولوجي في مجال الاتصالات وتزايد حجم التجارة الالكترونية. ويعود مصطلح غسيل الأموال أساسا الى ان تجار المخدرات يقبضون ثمن مخدراتهم عادة بأوراق نقدية من مدمني المخدرات وتكون هذه الأوراق النقدية ملوثة بالمخدرات من متعاطيها وحيث ان السلطات الأمنية تراقب التعاملات النقدية المشبوهة فان تجار المخدرات يقومون بغسل العملات النقدية اما بالبخار وإما بالمواد الكيماوية لازالة اثر المخدرات منها ثم ايداعها في البنوك. وهناك روافد اخرى لعملية غسيل الأموال مثل الاتجار غير المشروع في الأسلحة وتجارة الرقيق والتهرب الجمركي والضريبي والرشوة وتزييف النقود وبطاقات الائتمان. وغسيل الاموال هي عمليات يقوم بها ناشطو الاجرام في محاولة لاخفاء اعمالهم غير القانونية وذلك من خلال اعادة تدوير الاموال الناتجة من الاعمال غير المشروعة في مجالات وقنوات استثمار شرعية بحيث تبدو كما لو كانت قد تولدت من مصدر مشروع. وتعد عمليات غسيل الاموال من الظواهر المستحدثة التي لم يمض على ظهورها سوى عقدين من الزمان، حيث ظهرت أولا في الولايات المتحدة الامريكية على اثر بعض جرائم تهريب الكوكائين ثم انتشرت بعد ذلك في باقي دول العالم وقد اصبحت ظاهرة غسيل الاموال صناعة لها اطقم متكاملة من المهنيين المحاسبين والقانونيين ومهندسي انظمة المعلومات يتم توظيفهم من قبل مجرمي غسيل الاموال من اجل تبييض الاموال وتحويلها الى أموال قانونية.
وعلى الرغم من ان عمليات غسيل الاموال تتم خارج النطاق الاعتيادي للاحصاءات الاقتصادية فان المؤشرات الاحصائية لصندوق النقد الدولي توضح ان حجم عمليات غسيل الاموال ربما تتراوح بين 590 مليارا و5 ،1 ألف مليار دولار امريكي سنويا اي ما يعادل بين 2% و5% من اجمالي الناتج المحلي العالمي. كما يقدر البعض ان اجمالي عائدات المخدرات قد يصل الى 688 مليار دولار امريكي سنويا منها 5 مليارات في بريطانيا و33 مليارا في اوروبا و150 مليارا في الولايات المتحدة الأمريكية و500 مليار دولار امريكي في باقي دول العالم.وتشير الاحصاءات والتقارير الى ضخامة نسبة حجم الأموال غير المشروعة مقارنة بحجم الناتج المحلي حيث تصل النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية الى 5 ،8% وفي ايطاليا 5 ،7% وفي الهند 5 ،16% وفي روسيا 50% وفي البيرو 60%.
وهناك عدد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على عمليات غسيل الاموال ومنها الاضرار بسعر العملة الوطنية واضعاف قوتها الشرائية والتأثير السلبي في الدخل القومي وميزان المدفوعات والميزان التجاري في الدولة وانتشار البطالة والتفاوت الاجتماعي بين طبقات المجتمع.وللحد من عمليات غسيل الاموال على المستويين التشريعي والمالي تم تأسيس اللجنة الدولية لمكافحة عمليات غسيل الاموال «FATF» في باريس عام 1989م وتضم 29 دولة موقعة عليها ومنها دول مجلس التعاون الخليجي من اجل اخذ موقف دولي موحد من عمليات غسيل الاموال. وادراكا من المملكة وباقي دول مجلس التعاون لخطورة عمليات غسيل الأموال على اقتصادياتها الوطنية، فقد بدأت في اتخاذ عدد من الاجراءات بهدف مكافحة هذه الظاهرة العالمية ومنع استفحالها وذلك من خلال تبني عدد من التشريعات والتعليمات التي تساهم في الحيلولة دون حدوث عمليات غسيل الأموال.
|