من الأمور التي سيتوقف عندها التاريخ والمؤرخون ذلك الزعم الذي وصم به رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون عدوه اللدود، رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات بأن رائحة الفساد تنتشر حوله حتى زكمت الأنوف ولم يحرك ساكناً لها أو التصدي للفاسدين.. لذلك ذهب شارون في تشدده إلى أن عرفات لا يصلح للمرحلة القادمة، وعليه ترك السلطة وحزم حقائبه، بل هو يخطط فعلياً في استغلال فرصة الحرب ضد العراق ليقوم بنقله إلى دولة أفريقية.
سيصاب المؤرخون الذين سيتصدون لتلك القضية التاريخية بالدوار، هل هذا حدث بالفعل؟ وهل سمع عرفات تلك التهم التي شنفت أذنيه ولم يدافع عن نفسه وسيتساءلون.. أيصدر هذا الاتهام من غاصب احتل الأرض وطرد السكان، من ناهب للحقوق وقاتل أثيم سفك الدماء وقتل الأبرياء واقترف المجازر البشرية التي اتهمته بها لجان تحقيق دولية، وسيطرح المؤرخون تساؤلاً مهماً، كيف يكون صاحب الأرض بكل هذا الضعف وهو يتهم في ذمته المالية ونزاهته في الحكم.. وكيف يكون مصدر هذا الاتهام نفسه رجل يده مخضبة بالدماء والأشلاء والضحايا.. وذمته المالية نفسها ثار حولها في نفس التوقيت ونفس الزمان لغطاً واتهامات بالفساد والرشوة واستغلال منصبه لتمكين المافيا اليهودية الروسية من فرض سيطرتها على إسرائيل بأكملها لدرجة استفزت الكاتب الأمريكي روبرت فريدمان الذي نشر كتاباً في عام 2000م بعنوان «المافيا الحمراء» فضح فيه سيطرة رجال العصابات على إسرائيل.. مشيراً إلى أن المافيا الروسية نجحت في تحويل إسرائيل إلى دولة صغيرة تابعة لها.
فشارون نفسه متهم بالحصول على تبرعات غير قانونية من شركة اننكس للأبحاث لدعم حملته الانتخابية لرئاسة حزب الليكود عام 1999م.. والاتهامات تلاحق أيضاً عومري شارون الابن الأكبر لشارون الذي يخضع للتحقيقات في قضية الجمعيات الوهمية.. وجلعاد شارون الابن الأصغر لشارون الذي حصل على قرض من بنك لئومي مقابل رهن مزرعة والده في النقب.. ومعهما «سيريل كيرن» صديق شارون منذ حرب 1948م وهو بريطاني الجنسية قدم قرضاً لجلعاد شارون بمبلغ 5 ،1 مليون دولار بفائدة 3%.. و«آرية جنجر» أحد المقربين جداً من شارون ومبعوثه الشخصي لدى الإدارة الأمريكية يحقق الآن معه حول الجمعيات الوهمية. فضلاً عن ذلك تمتلئ أعمدة الصحف الإسرائيلية حالياً بحقيقة أكيدة أن حزب الليكود ورئيسه شارون ومعه نتنياهو وحزب المهاجرين الروس ليس إلا واجهتين للمافيا.. ويعملان لفرض السيطرة الكاملة على الحكومة الإسرائيلية.
فشخص بهذه الأوصاف وهذه الآثام التي تتقيأ النفس البشرية من تحمل واحدة منها، يحاول أن يلصق تهم الفساد بالسلطة الفلسطينية في حالة ينطبق عليها المثل الشائع «رمتني بدائها وانسلت..!!».
ماذا سيكتب المؤرخون عنا نحن المراقبين من أن تتلى تلك الاتهامات ونقف مكتوفي الأيدي لا نستطيع إقامة الدنيا ولا نقعدها من ذلك الجرم الذي اقترفه ذلك السفاح أو حتى نفضحه دولياً بتهم الفساد والاحتيال وتقبل الرشوة للوصول إلى سدة الحكم لدولة قامت على أشلاء الشعب الفلسطيني.. ولعله من البدهي أن يختار شعب استمرأ لنفسه أن يكون مغتصباً لأرض الآخرين ويقطن على تراب ارتوى بدماء الأبرياء الضحايا رجلاً مثلهم مغتصباً سفاحاً نصاباً ومرتشيا يتعاون مع المافيا في غسل الأموال والتجارة السوداء في السلاح.. فكما تكونوا يولّ عليكم!!
فأيتها العير إنكم لسارقون!!
|