** اعرف ان العديدين يعرفون كثيراً عن د. غازي القصيبي شاعراً وروائيا وكاتبا وسفيراً ووزيراً الخ، واعرف ايضاً ان كثيرين سوف يتحدثون عن هذه الجوانب في «الملحق الخاص» الذي يصدره «الملحق الثقافي بالجزيرة» بمناسبة تكريم د. غازي القصيبي في مهرجان القرين الثقافي في الكويت هذا العام!
لكن دعوني اتحدث عن معالي د. غازي القصيبي انسانا.. او بالاحرى اشير الى جوانب محددة من مناحي انسانيته التي عرفتها فيه وعشتها معه.
** اولاً: رهافة قلبه ومشاعره وهذه لا يجسدها شعره فقط بل تجسدها تلك اللمسات الرقيقة في حياته وتعامله، وهو لم يتجاوز الحقيقة عندما قال في بيت شعر ينبض انسانية:
وان سهرت مقلة في الظلام
رأيت المروءة ان اسهرا
|
ولست في حل من ذكر بعض «المواقف الانسانية» التي عرفتها عنه، او كان لي علاقة بها،
** ثانيها: تواصله الحميم مع الآخرين رغم مشاغله الكثيرة، ورغم انه عندما كان سفيراً في لندن كنت تراه معقباً على كاتب أومهئناً لصديق، او زائراً لعزيز.!
ولدي - ولدى الكثيرين ممن يعرفونه ومن لا يعرفونه رسائل جميلة بخط يده المميز، واحياناً تكون ابياتاً جميلة - وآخر ماسعدت به منه رسالة قصيرة مؤثرة وصلتني منه وبقدر ما تحس فيها بحميميته الأخاذة فإنك تحس بين سطورها بذلك الهم الذي تحمَّله بأعباء الوزارة الجديدة.
** ثالثها: سعادته وحرصه علي مشاركة الآخرين افراحهم وسعادتهم - رغم مسؤولياته، واذكر هنا موقفاً جميلاً عشته معه عندما اصطحبته في احدى رحلاته عندما كان وزيراً للكهرباء والصحة. اذ اذكر ان احد الزملاء الاعلاميين معنا - وهو لا يعرفه - جاءته بشرى رزقه بمولود وهو اول مولود له: واخبرت د. غازي بذلك وسألني عن حاله فأفدته وعندما عدنا الى الرياض اذا به يرسل له هدية مادية جيدة لهذا الزميل.
***
** رابعها: ذلك «النبل» الساكن في وجدانه واذكر - هنا - آخر موقف لهذا «النبل» عند افتتاح سمو ولي العهد لتوسعة محطة التحلية بالخبر، في الايام الاولى لتولي د. القصيبي وزارة المياه، فما كان منه الا ان اعتذر من سمو الامير عبدالله عن عدم حضور هذا الحفل، وسافر خارج المملكة قاصداً وأناب معالي وزير الزراعة في وزارة المياه د. عبدالله بن معمر عنه، وقد بين لسمو ولي العهد سبب اعتذاره ودعم حضوره وانابة د. المعمر وزيراً للمياه مشيراً الى ان هذا المشروع الذي اشرف عليه وتابعه واسهم في انجازه هو د. عبدالله المعمر وزير الزراعة والمياه قبل انفصال المياه، ولا يليق به ان يحضر هذا الحفل ويلقي الكلمة عن هذا المشروع، ويعدد فيها خطوات انجاز المشروع المائي واسهامه كوزير - وهو لم يكن له يد فيه - وقد قدر سمو ولي العهد هذا الموقف الاخلاقي «النبيل لغازي»، وهو - حقاً - درس للبعض منا الذين حال ما يرتقون «كرسياً» ينسبون انجاز غيرهم إليهم، رغم انهم لم يضعوا «طوبة» فيه، مع ان الاصدق والاجمل ان يعطي المسؤول الجديد كل مسؤول سابق حقه، ولا يبخسوا الناس اشياءهم.
** خامساً: وآخرها وليس أخيرها - وان كنت سوف اجعله كذلك - لطفه وخفة روحه، ومن يسعده الحظ ويحضر المناسبات الخاصة التي يكون د. غازي مدعواً فيها يرى كيف يكون «انيس المجلس» وكيف يجعل الابتسامات «تغزو» شفاه الحضور من تعليقاته واحاديثه، وكم يحلو المجلس عندما يجتمع د. عبدالعزيز الخويطر و د. غازي القصيبي ويستمع الحاضرون الى ما يدور بينهما من حديث حميم وظريف سداه المحبة، وادخال السرور على قلوب الحاضرين.
** اما قبل: اسأل الله - يا ابا سهيل ويارا.. الا تسرق هموم الوزارة الجديدة تلك الابتسامة التي تضيء وجهك «الطفل».. والا «يصحّر» ظمأ وزارتك رواء احاديثك!.
دمت انساناً كما عهدناك مع «هموم المسؤلية.. وبدونها».
(*) عضو مجلس الشورى
رئيس تحرير المجلة العربية
|