سحب العصب بدون ألم هل هي حقيقة أم خيال؟
للإجابة على هذا السؤال سأبدأ بإعطاء فكرة مبسطة عن علاج جذور الأسنان أو ما يطلق عليه سحب العصب.
إن معالجة الجذور تعني إزالة النسج المريضة والتالفة نتيجة اصابتها بالالتهاب أو التعفن داخل السن. إن هذه النسج التي تسمى لب السن تحتوي على أعصاب وأوعية دموية «أوردة وشرايين» تقوم بمهام تغذية السن والمساعدة على اكتمال نموه وخاصة في السنوات الأولى التي تلي بزوغ الأسنان وحتى السن العشرين تقريباً أو بعد اكتمال ظهور الأسنان في الفم بثلاث إلى أربع سنوات.
بعد ازالة لب السن «العصب» يقوم طبيب الأسنان بتنظيف وتطهير جذور الأسنان وتوسيعها لكي تكون مهيأة لوضع الحشوة النهائية الخاصة بالجذور لسد الفراغ داخل الجذور، بإحكام لمنع حدوث أي نكس في المعالجة.
ومن ثم يتم ترسيم السن من الخارج إما بإجراء حشوة عادية أو حشوة مصبوبة أو تاج للسن «تركيبة السن».
كل هذا يتم بدون ألم وذلك لتوفر الوسائل الحديثة والمتقدمة في مجال التخدير الموضعي.
بل على العكس إن هذا الاجراء العلاجي يزيل ألم السن «العصب» الذي يعتبر من أشد وأعلى درجات الألم والذي غالباً ما يشعر به المريض ليلاً أو عند النوم ويكون هو السبب في أن يهرع إلى عيادة طب الأسنان في صباح اليوم التالي.
قد يتساءل البعض لماذا أقوم بكل هذا العلاج مع ما يتطلبه من وقت ومال حتى يصبح السن متموتا لا حياة فيه ويكون مصيرة للقلع.
الحقيقة أن السن بعد عملية علاج الجذور «سحب العصب» يبقى حياً بسبب التغذية التي يتلقاها عن طريق النسج المحيطة بالسن، ومما لا شك فيه أنه يصبح أضعف قليلاً مما قبل ولكن باختيار الطريقة والوسيلة المناسبة لترميمه والتعويض عن الأجزاء التي فقدت منه، والتي أصبحت متطورة جداً، يستمر السن في الفم مدى الحياة ولا حاجة لقلعه أبداً.
ومهما كانت الأسنان الاصطناعية ثابتة أو متحركة أو حتى زراعة الأسنان والتقدم الذي وصلت إليه فإنه لا يمكن لها أن تعوض عن الناحية الوظيفية للسن الطبيعي ناهيك عن الناحية الجمالية وخاصة في الأسنان الأمامية.
وبما أن الوقاية خير من العلاج فيجب ألا نهمل أسناننا أبداً فأهم أسباب التهاب العصب هو تسوس الأسنان مما يعرض لب السن للإنكشاف ويجعله عرضة للجراثيم التي تحدث التهاب العصب ومن ثم تعفنه وتموته.
ومن الأسباب الأخرى كسور الأسنان نتيجة الصدمات واللكمات التي تصيب الوجه والفم، وأمراض اللثة التي تؤدي إلى تراجعها وانكشاف جذور الأسنان.
وكل هذه الأسباب يمكن تفاديها بتفريش الأسنان بشكل دوري، واستعمال الخيط السني للوقاية من تسوسات الأسنان، ومراجعة طبيب الأسنان كل ستة شهور للكشف عن أي نخور في الأسنان ببدايتها ويتم علاجها بحشوات بسيطة وأيضاً تنظيف الأسنان وإزالة الترسبات الجيرية من حولها للوقاية من أمراض اللثة.
ولتلافي الكدمات على الأسنان خاصة خلال ممارسة الألعاب الرياضية فهناك واقٍ خاص ممكن أن يقوم طبيب الأسنان بتصنيعه ويوضع عند ممارسة تلك الألعاب مما يخفف كثيراً من تلك الاصابات.
ويجب أن أبين هنا أنه هنالك بعض الحالات التي تكون فيها الأسنان قد أهملت إلى حد أصبح علاجها مستحيلاً فعندها نلجأ إلى قلعها وهي حالات نادرة جداً يكون فيها السن قد أصبح متهتكاً إلى درجة يصعب معها ترميمه وإعادة بنائه.
إن آلام الأسنان تبدأ عادة بشكل تدريخي فعند الشعور بألم «لمعان» أثناء تناول المشروبات الباردة أو الحارة أو عند تناول الأطعمة السكرية «حلوى، حلويات، سكاكر، شوكولا» غالباً يكون مصدره بداية تسوس في أحد الأسنان وقد يكون بسيطا في بدايته أي أنه تجاوز منطقة المينا إلى العاج وعلاجه يكون بعمل حشوة بسيطة.
ولكن إذا اهمل فإنه وبخلال فترة وجيزة وبفترة وجيزة يصل إلى لب السن «العصب» حيث يشعر المريض بألم أكثر شدة عند تناول المشروبات الباردة ويستمر الألم لفترة أطول وهذا من أعراض التهاب العصب الذي إذا أهمل يؤدي إلى حدوث ألم عفوي شديد جداً وغالباً ما يحدث أثناء الليل أو النوم ومهما تناول المريض من مسكنات للألم يبقى الألم مستمراً وفي هذه الحالة أنصح باستخدام أعواد القرنفل «المسمار» بوضع عصارتها على السن المصاب لتسكين الألم ريثما يصل المريض إلى عيادة طبيب الأسنان.
وهي تجربة مريرة لمن عانى منها ولكن لها فائدة عظيمة وهي إن الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة أصبحوا أكثر الناس اعتناء بأسنانهم والعاقل من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به غيره.
د. بشار الخجا
أخصائي معالجة الأعصاب وخراجات الأسنان رئيس قسم الأسنان مستشفى المملكة والعيادات الاستشارية
|