ليست مباراة الرائد بداية عقد التفريط الهلالي بالنقاط السهلة.. بل هي حلقة ضمن سلسلة طويلة من هذا الهدر النقطي.. وأتت مباراة الرائد لتعلق الجرس وتكون كالمجهر الذي كشف العلة وبوضوح.. خصوصاً عقب الاستقرار الاداري والتدريبي للفريق.. فهذا التعادل الهلالي مع نادٍ صاعد من الممتاز ليس مفاجأة عندما نعيد استقراءة تاريخ الهلال مع مثل هذه الفرق في المواسم الاخيرة.
عادة هلالية عريقة..
فبعد ان كان الهلال «في عهد النعيمة وما بعده بمواسم قليلة» يتميز بأنه الفريق الذي لا يمكن ان تحدث الفرق الصغيرة امامه اي مفاجأة واعتاد ان يحصد كامل النقاط امامها وبكم ضخم من الاهداف.. نتيجة للعب بجدية وروح عالية والنظر بمساواة للفرق صغيرها وكبيرها.. لتكون هذه احدى اسرار سيطرة الهلال على منافسات الدوري الشاقة..
في المواسم الاخيرة تغير الحال.. فتابع نتائج الهلال في دوري هذا العام فقط.. وكم اهدر من نقاط مع هذه الفرق الصاعدة والمكافحة.. خسر من القادسية وتعادل مع الشعلة وخسر من الطائي وتعادل مع الرياض وتعادل مع الرائد ونجا من النجمة.. بل ان هذه الفرق غدت تصلح من شأنها وتعدل اوضاعها امام الهلال.. فالرياض والرائد تعرضا لسلسلة خسائر توقفت امام الهلال.
فالدخول بثقة زائده واللامبالاة اصبحت سمة لاعبي الفريق في المباريات التي يرون انها سهلة.. بل ان عنوانا صحفيا مخدرا يسقط الفريق على «أم رأسه».. حتى ان الهلال اصبح لا يستفيد من طرد اي لاعب من الفريق الآخر.. بل يهبط مستواه ويتفكك الفريق.. لأن الثقة الزائدة في الفوز تجعل اللاعبين يلعبون ببرود واسترخاء ويميلون للعب الفردي والاستعراضي.. لذا فاز الشعلة بشوط امام الهلال وهو يلعب بعشرة لاعبين..
الثواب والعقاب
ترى الى اين يقود كبار الهلال فريقهم؟ فالادارة اغدقت عليهم الملايين والرواتب الضخمة والمنتظمة السداد في وقتها.. ولكن يبدو ان الرفاهية والتخمة المادية جعلت بعض هؤلاء اللاعبين يتبلد حسه وتفتر همته ويخبو حماسه بعد ان امن مستقبله واطمأن له.
لذا على الادارة محاسبة هؤلاء اللاعبين وبشدة بمبدأ «خذ وهات».. فمن يقبض الملايين فليقدم ما يتناسب مع هذه الملايين.. واذا كان لاعبو الفريق يمنحون مكافأة على الفوز فليعاقبوا بالحسم عند الخسارة او التعادل.. بعض هؤلاء اللاعبين بعد ان تشبع بالملايين اصبح يلعب ببرود عجيب وبأسلوب فردي وخصوصاً في المباراة التي تبدو نظرياً انها سهلة ومضمونة.. وكأن بعضهم يلعب للتسلية وتزجية وقت الفراغ أو هو في مباراة استعراضية.. ونسي انه موظف وعليه واجبات بأن يلعب لمصلحة الفريق وليس لنفسه وأن يقدم بقدر ما يأخذ.
الداهية.. ماذا دهاه؟
لا احد يجادل على ان بلاتشي مدرب متمكن وداهية.. ولكن بلاتشي اختلف كثيراً.. فبعد ان كان يوصف سابقا بأنه مدرب متهور هجومياً.. انقلب الحال الآن الى طرف النقيض.. فغدا مدربا انهزاميا منكمشا في ملعبه باحثا عن التعادل امام كبار الفرق وصغارها!.. وبسبب هذا الاسلوب المتقوقع ورغم القوة الضاربة لدى الهلال.. لم يسجل الفريق خلال الخمس مباريات الاخيرة.. سوى خمسة اهداف.. واحد منها فقط من كرة متحركة.. بل انه تقدم في اربع من هذه المباريات بهدف وعجز عن المحافظة على الهدف بسبب ركونه للدفاع.. متجاهلا ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.. فهل يعقل ان فريقا فيه الجمعان لا يسجل غير هدف وحيد!.
تكتيك بلاتشي جعل الشعلة تفوز بشوط على الهلال وهي بعشرة لاعبين.. وهو تكرار لفوز شيميزو في بطولة السوبر عندما كسب شوطا امام الهلال وهو يلعب ناقصا لاعب!.. وأصبحت الفرق كبيرها وصغيرها تبادر الهلال بالهجمات المتلاحقة بعد ان كانت تصاب بالرعب من اللون الازرق.. فالهلال غدا يلعب كرة بطيئة مملة بألعاب فردية واستعراضية وعقم هجومي..! اين بلاتشي الداهية الذي قاد بدلاء الهلال في موسم 1418هـ الى المربع الذهبي من خلال مباريات الدور الاول فقط.. بعد ان صنع خط وسط رهيب محولا لاعبيه «التمياط وسوزا» الى هدافين يدكون الفرق بالخمسات والاربعات!.. بلاتشي مدرب جيد ومحظوظ.. ولكن لا بد من مساءلته ومحاسبته وتوضيح اخطائه.. وان عليه ان يكيف طريقته مع امكانات الفريق.. لا ان يكيف الفريق على طريقته.
هل ذهب الهلال ليخسر؟
لا احد يخمن بماذا سيعود الهلال من قطر؟ ولكن المؤكد انه لاعذر له في العودة صفر اليدين.. في آخر ثلاث بطولات خليجية شارك فيها الهلال كسب منها واحدة وخسر اثنتين!.. لم يخسر الهلال لقوة الآخرين.. بل اسقط نفسه بنفسه.. عندما توسط مخدة الترشيحات.. خسر بطولتين لم يخسر فيهما اي مباراة.. ليعيد حكاية الارنب والسلحفاة.
في مسقط حاصر الشباب الاماراتي وكأنهما يلعبان «نصف قول» حسب التعبير الشعبي.. وكال له اللكمات ما كال لكنه لم يسقطه.. ليفلت منه الشباب ويقبع في الظل يجمع النقاط بصمت ومثابرة ليجده الهلال يقف على خط النهاية!.. وفي الكويت ورغم فوزه بالمباريات الثلاث الاولى بالاربعات.. لكن في النهاية طارت منه الكأس لفريق استطاع بشكل او بآخر ان ينفد من تحت يده بالتعادل.. فالهلال بحاجة لإعداد نفسي جيد لكل مباراة من مباريات البطولة.. لأن تعادلا واحدا قد ينسف حظوظ الفريق.. وستكون المباراة الاولى مع القطري حاسمه.. والفائز سيقطع نصف المسافة وسيكون الاقرب للكأس.. خصوصاً ان كل فريق سيلعب اربع مباريات فقط.
صفقات ظهر مفعولها مبكراً!
عدد من الصفقات التي ابرمها الهلال مؤخرا بدأت تعطي مفعولها قبل الاوان.. فسمو رئيس نادي النصر قدم شهادة مبكرة لأهمية ونجاح تلك الصفقات الزرقاء.. وان كان تصريحه اعتراضا على عقد تلك الصفقات!.
* فهو شكك بتلك الصفقات بحجة «انهم من لاعبي منتخب الشباب متهما ادارة المنتخب»!..
وبالطبع كونهم ضمن لاعبي منتخب الشباب لا يمنع هذا من انتقالهم من ناد الى آخر.. والهلال وقع عقود الانتقال مع ادارة اندية هؤلاء اللاعبين وليس مع ادارة المنتخب!.. وادارات تلك الاندية ومسؤولوها اناس راشدون وليسوا قصرا.. ووافقوا بملء ارادتهم على انتقالهم وبعقود رسمية ونظامية.
وعندما انتقل للنصر بعض نجوم منتخب الشباب مثل بندر تميم لم يتهم احد علي كميخ او يوسف خميس بحكم مسؤوليتهما بالمنتخب انهما هما من نقلا اللاعبين للنصر.. وهناك اندية اخرى عقدت صفقات وما زالت للاعبين ينتمون لمختلف المنتخبات وحتى المنتخب الاول.. فلماذا الهلال الذي يحظر عليه استقطاب لاعبين ويشكك به،؟!
* كما انتقد «ضم لاعبين من الهلال اكثر من النصر لمنتخب الشباب بحجة ان النصر متقدم على الهلال بجدول الدوري.. وان مدرب المنتخب لم يشاهدهم».. وهنا تظهر المفارقات!..
فرئيس النصر هو من اعترض في الموسم السابق على ضم ثمانية من لاعبي الهلال للمنتخب.. رغم ان الهلال كان افضل الفرق في الموسم.. وكان بطلا للدوري وبطلاً لآسيا.!
كما ان النصر هذا الموسم ضم منه للمنتخب الاول ثمانية لاعبين «تقلصوا لأربعة».. رغم ان النصر تبوأ المركز «قبل الاخير» في مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد وكان مهددا بالهبوط لو طبق في المسابقة.. والمتابعون يعلمون ان مدرب المنتخب لم يضمهم.. لأنه وصل الى المملكة متأخراً ولم يتابع المنافسات ولا يعرف لاعبا واحدا منهم.. ثم لو كان الخوجلي لاعبا هلاليا ونسق من المنتخب الاول بتلك الطريقة المفتعلة لدعم فريقه.. ماذا سيكون تعليقه؟
* الهلال لديه قدرة كبيرة في حسم الصفقات لصالحه اذا رغب.. ولا يمكن الوقوف امامه بوجود صائد الصفقات سمو الأمير بندر بن محمد وسمو الأمير عبدالله بن مساعد.. ولعلنا نتذكر صفقات بشار والهويدي وأشرف قاسم.. فالهلال له اسمه الرنان وزعامته وانجازاته الذهبية وسمعته العطره ومكانته الشهيرة وشعبيته الكبيرة وله مسؤولوه الكبار والامكانات المادية.. ما يجعل الانتساب له يشكل حلما لكل لاعب وخصوصا الصغار منهم.
|