السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تطرق الكاتب الأستاذ عبدالله بن بخيت في زاويته «يارا» في يوم الاثنين 1/11/1423هـ العدد «11064» تحت عنوان «الجمعيات الخيرية» عن اكتشافه للكم الكبير من الجمعيات الخيرية. وتعقيباً على ذلك استغرب من كاتب اجتماعي ألا يكون ملما بالجمعيات الخيرية ودورها المتميز داخليا، رغم اتساع حجم انشطتها.
كما كان بودي قبل كتابته لأسطره ان يقوم بزيارة إلى إحدى الجمعيات الخيرية أو للإدارة العامة للجمعيات والمؤسسات الأهلية بوزارة العمل للاطلاع عن كثب عن نشاط وحجم العمل الذي تقوم به الجمعيات في هذا البلد القارة. وان ما أورده الكاتب في مقاله من أفكار ورواء بعضها جميل وبعضها لا يلامس الحقيقة التي تقوم عليها الجمعيات، فمن الأفكار الجميلة في المقال ان تتولى الدولة المساعدات الخيرية الخارجية وكذلك عدم السماح لكل شخص بجمع اموال مهما كان وعدم السماح بوضع صناديق لجمع المبالغ في الأماكن العامة. أما ما تطرق إليه الأستاذ وهو لا يلامس حقيقة عمل الجمعيات التي لها برامج ومشاريع رائدة متميزة قوله انها تذهب إلى جمعيات وتجمعات وليس للمحتاجين من الفقراء وقوله ان شروط الفقر لدى الجمعيات هو الإطار الثقافي. وتعليقاً على ذلك اقول ان الجمعيات الخيرية التي تعمل تحت مظلة الدولة رعاها الله وتحظى بثقتها وعنايتها ومتابعتها ويقوم عليها رجال متطوعون ثقات هكذا نحسبهم والله حسيبهم لا يقوم عملها على الارتجالية بل على أسس مدروسة ومعروفة وضوابط يعرفها المحتاج وتعرفها الوزارة التي ترعى هذه الجمعيات وان برامجها ومشاريعها الظاهرة للعيان هي خير شاهد على ما وصلت إليه هذه الجمعيات في أداء رسالتها التي انيطت بها.. وان مصاريف هذه الجمعيات محددة بما يتوافق مع ضوابط الشرع المطهر والضوابط والتعليمات المحاسبية لدى الوزارة وان الجمعيات الخيرية تواكب تطورات المجتمع واحتياجاته ولكن نعلم ان الطفرة التي عمت هذه المملكة ومظاهر المباهاة والتقليد والمحاكاة التي أوقعت كثيراً من الأسر في مزالق الفقر والعوز والاستدانة كذلك ارتفاع اسعار الأراضي واقامة المنازل وخاصة في المدن الكبيرة هي التي اوجدت هذه الفجوة الكبيرة وبما شاهدناه عند زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله ورعاه لبعض احياء الرياض.
وإننا لو قسنا ما يصل الجمعيات الخيرية من أموال وما تصرفه في المصاريف الأساسية للأسر المحتاجة لشكرناها على جهودها ونشاطها لأننا لا نستطيع ان نلوم الجمعيات ونشهر بها لأنها لم تستطع اقامة منازل لكل أسرة محتاجة ولو قسنا تكاليف اقامة مبنى داخل المملكة بالمباني التي تقيمها الجمعيات خارج المملكة لظهر لنا اسباب قصور الجمعيات عما يطالب به الكاتب الكريم. ان الجمعيات الخيرية تقوم بواجباتها على قدر مداخيلها وهي تقدم الأهم على المهم وان هناك اولويات يجب ان تقوم بها وقد رأينا بعض الجمعيات التي أفاء الله عليها بمبالغ تفيض عن الاحتياجات الأساسية لها اقامت مساكن نموذجية استفادت منها العشرات بل المئات من الأسر ومازالت على الطريق سائرة. وانني هنا اقترح على مقام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بعض الاقتراحات راجيا ان يكون فيها النفع والفائدة وهي:
أولاً: وضع الجمعيات الخيرية تحت رعاية وكالة الضمان الاجتماعي ودمج أموال الضمان مع أموال الجمعيات لتوحيد الجهود ورفع قيمة الايرادات ولكثرة مكاتب الضمان بالمملكة التي تستطيع ان تشرف على الجمعيات.
ثانياً: تقوم الوزارة بفتح حساب موحد لها لجمع الزكوات والصدقات والتبرعات وتقوم بعد ذلك بتوزيعه على الجمعيات الخيرية كل جمعية حسب نشاطها وبرامجها وعدد المستفيدين منها بدلاً من الحاصل الآن حيث تقوم كل جمعية بجمع الأموال منفردة فنجد جمعية لديها فائض من المال وأخرى لا تجد الكفاف.
ثالثاً: العمل على ايجاد مدخول ثابت للجمعيات بعمل أوقاف ذات ريع متميز والاستفادة من الأوقاف لدى وزارة الشؤون الاجتماعية.
رابعاً: ايجاد طريقة لعدم قيام كل شخص بجمع الأموال وتوزيعها مما يؤثر على أداء الجمعيات ويجعل هناك ازدواجية في أداء العمل «بمعنى ان يكون وعاء العمل الاجتماعي وعاء واحداً».
خامساً: العمل على ايجاد الشفافية بين الجمعيات والمجتمع والإعلام فيما يظهر دور العمل الخيري الداخلي بالوجه الذي يستحقه وما وصل إليه من مستوى متميز.
سادساً: يجب ألا نستحي او نخجل من كشف مستوى الفقر لدينا وعدد الفقراء وما هي احتياجاتهم الأساسية وعجز الجمعيات عن العمل فوق طاقاتها.
سابعاً: العمل على ايجاد طرق ناجعة لمعالجة داء الفقر بتأهيل كل من يستطيع سواء ذكور أم اناث من أفراد الأسر الفقيرة بأعمال أو حرف يقتاتون منها وتهيئة السبل لهم.
ثامناً: استشعار الجميع بأن أيام الطفرة قد مضت وان الاتكال على الدولة في كل شيء غير سليم وان على الجميع التأقلم مع الأوضاع الجديدة والاقتصاد وعدم البذخ والاسراف الزائد.
تاسعاً: على وزارة العمل ان تصدر سنويا ميزانية موحدة للجمعيات الخيرية بايراداتها ومصروفاتها واهم برامجها حتى يعلم الجميع بأن الجمعيات لا تعمل في الظلام وان عملها ونشاطها وبرامجها تزيد وتنقص حسب ما يصلها من المحسنين. هذا وأسأل الله العلي القدير ان يحفظ هذه البلاد من كيد الكائدين وشر الحاسدين وان يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم راجيا للأستاذ عبدالله بن بخيت كل التوفيق والسداد شاكراً له الذي أتاح لي هذه المناسبة للتعليق ومقدراً ل«الجزيرة» هذه المساحة الحرة فلها ولمسؤوليها ومحرريها وقارئيها كل تحية وتقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عبدالرحمن بن محمد السلمان
|