أن تقيم وزارة المعارف ندوة، تعنونها بهذا الطرح المباشر لسؤال مباشر، ولا يترك مجالاً للمواربة أو الالتفات، «ماذا يريد المجتمع من التربويين؟ وماذا يريد التربويون من المجتمع؟» فهذا لا شك يدل على خطورة القضية الكبرى التي يتم النقاش حولها، وهي قضية «التعليم»، ومحاولة جعلها القضية الأهم، لكونها تمثل هماً عاماً للمجتمعات بفئاتها المختلفة، وعناصرها المتعددة فهي قضية لا تخص الأكاديميين والمنظرين وحدهم، إنما هي تهم وفي جانبها الأكبر وهو الجانب العملي التطبيقي اللبنة الرئيسية في المجتمع، ألا وهي «الأسرة» بكل أفرادها على اختلاف الأعباء التي يتحملها كل فرد حيال هذه القضية، خاصة أن الأسرة هي التي تجني ثمار هذا الأمر.
وهو يدل من جهة أخرى على مدى الوعي والنفاذ للموضوع من أقرب الطرق، فالإجابة على هذه التساؤلات وأمثالها ستهيئ مناخاً مناسباً لصانعي القرار في بلادنا للوصول بالتعليم لأقصى درجات الجودة، من خلال اهتمام مباشر بالمواطن، وبناء فكره على أسس تسودها اتجاهات تربوية سليمة، وهذا هو المأمول لدى كل فرد من أفراد هذه الأمة.كما أن هذه المباشرة في الطرح تفتح الباب بقوة لتضييق الفجوة، بين التربويين، وبين فئات المجتمع المختلفة، خاصة مؤسسات المجتمع التي في يدها جعل كلام الأوراق واقعاً ملموساً، مما يخلق مساحات تقارب بين التنظير والتطبيق، حتى لا تكون السياسة المرسومة للعملية التعليمية منفصمة الأواصر عن مؤسسات المجتمع بما لها من مجالات وخطط وأنشطة.
ومن ثم فإن هذه الندوة ومثيلاتها من ندوات تسير في ذات الطريق - تتيح فرصة حقيقية للأصوات المتعددة من الجانبين التربوي والمجتمعي، لصياغة خطة تعليمية محكمة، يسودها التعاون المثمر بين النظرة الأكاديمية والواقع بطل ظروفه ومتطلباته. كما أن هذه الندوة بمحاورها المهمة التي تعتمد في أساسها على عرض المشكلة واقتراح حلولها، تحاول بجهد واضح أن تقوم بعملية «دمج» بين التربويين والمجتمع لجعلهما ينسجمان على منوال واحد، هدفه خدمة عملية التربية والتعليم، ودعمها، وهذا في الحقيقة ما هو إلا إعادة بلورة، تهدف إلى وضع الأمور في نصابها، فيما يخص العلاقة بين القائمين على أمور التعليم والمجتمع، فالكل يعمل في منظومة واحدة، تعمل بجهد على الارتقاء بالمواطن، تحت رعاية قيادة رشيدة حكيمة، توفر كافة السبل والامكانات للهدف ذاته.
|