الاستغلال الإسرائيلي لأجواء الحرب والانتخابات

بدت إسرائيل وكأنها هي التي ستخوض الحرب ضد العراق وانخرطت في أعمال يُفهم منها أنها لا تريد أن يحول عائق دون اندلاع هذه الحرب، فهي علقت كل شيء يتصل بالسلام كما عملت على سد السبل باتجاه كل ما يمكن أن يتيح مخرجاً من الأزمة الراهنة بينها وبين الشعب الفلسطيني.
وفي حسابات إسرائيل أيضاً مسألة الانتخابات العامة المتوقعة بعد أسبوع من الآن، وهذه أيضاً أفرزت سلوكاً إسرائيلياً أكثر تشدداً يتناغم ويتجاوب مع تطلعات غُلاة المتطرفين الصهاينة الذين سيضعون شارون أو غيره في كرسي الحكم لفترة رئاسية قادمة..
وقد تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون مؤخراً بتعالٍ وعنجهية معرباً عن احتقاره للجنة الرباعية وسبق له أن منع وصول الوفد الفلسطيني إلى اجتماع في لندن كان سيضمه مع أعضاء اللجنة الرباعية، حيث موضوع الاجتماع الأساس هو الاصلاحات الفلسطينية وهو عنوان عريض تندرج تحته مطالب أمريكية وإسرائيلية، بصرف النظر عن الرؤية الفلسطينية لتلك المطالب..
وفي ذات الوقت فقد زادت إسرائيل من وتيرة القمع ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة إمعاناً في إجهاض السلام، ومن أجل التصعيد الذي لا يترك مجالاً للحديث عن التسوية..
وفي الجانب الآخر فإن الفلسطينيين الذين يتحملون كل هذه المصاعب التي تدفع بها إسرائيل، وبصفة خاصة الموجة الأخيرة لهدم المنازل، يحاولون بجدٍّ ترتيب صفوفهم من أجل مواجهة استحقاقات السلام، ولعلَّ اجتماعات الحوار في القاهرة تعكس جانباً من ذلك السعي لتوحيد الرؤية وإخضاع أدوات النضال للبحث بغرض توحيد المواقف تجاهها، وفي هذا الشأن فإن المطروح يتجاوز بكثير المسلك العدواني الإسرائيلي من خلال الحديث عن هدنة في العمليات وغير ذلك من الأفكار التي هي في طور التبلور..
إن انشغال الولايات المتحدة بترتيبات الحرب ضد العراق لا يعفيها من مسؤولية الحد من الجموح العسكري الإسرائيلي والممارسات المنفلتة لجيش الاحتلال، كما أن ذلك لا يعفيها من مسؤولية إعادة عربة السلام إلى مسارها من خلال التصدي للتصعيد الإسرائيلي ومن خلال التأمين والتأييد للنهج الفلسطيني السلمي- إن لم نقل الإشادة به..
وهكذا فإن الحرب المرتقبة والانتخابات الإسرائيلية المقبلة عنصران أساسيان تسعى إسرائيل من خلالهما إلى القفز فوق الوقائع والمستحقات، من أجل تكريس ما ترنو إليه، وهو الحفاظ على الأوضاع على ما هي عليه وقتل أي جهود للتسوية، فهي تنظر إلى الحرب باعتبار أنها ستفرز واقعاً جديداً في المنطقة يصعب معه تبيُّن أي أثر للتسوية المنشودة عربياً ودولياً.