* جدة - صالح الخزمري - علي السهيمي:
تسدل الجنادرية مساء اليوم الأربعاء الستار على أنشطتها الثقافية والتراثية لهذا العام والتي انطلقت قبل أسبوعين.
تلك الجنادرية التي تطل علينا في كل عام، فمنذ ثمانية عشر عاماً مضت ونحن على موعد مع هذا العرس الثقافي الكبير، مهرجان الجنادرية هذا المحفل الذي ولد عملاقاً ليجمع الأصالة والتراث بالمعرفة والثقافة ويصل القديم بالجديد والحديث بالتليد في تظاهرة عملاقة يُطلع من خلالها العالم أجمع على ثقافة وتاريخ الصحراء وتفاعل ابن الصحراء مع ماضيه وحاضره ومستقبله.. هنا كان لنا هذه الوقفة مع بعض المثقفين والأدباء وأرباب الفكر في هذا الوطن المعطاء ليحدثونا عما يعنيه لهم هذا العرس الثقافي السنوي الكبير،، فماذا قالوا:
الأستاذ الدكتور راشد الراجح رئيس نادي مكة الأدبي أكد أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة والأدب يعد من الفعاليات الرئيسة في المشهد الثقافي والأدبي للمملكة العربية السعودية، في العهد السعودي الزاهر، هذا المهرجان الذي يحتفل هذا العام بدورته الثامنة عشرة، يشهد نقلات نوعية تجاوزت المحلية إلى العربية بل العالمية، من خلال مشاركات المفكرين والأدباء والشخصيات العربية والإسلامية والعالمية في فعالياته، ومن خلال موضوعاته القيمة وأطروحاته الهادفة، وأنا أعني هنا ما يخص الجانب الثقافي.
وعنوان مهرجان هذا العام «هذا هو الإسلام» يؤكد انسجام الجنادرية مع ما تشهده الأمة العربية والإسلامية من أحداث، ومؤامرات، وتحديات، توجب علينا أن نبين للعالم حقيقة ديننا العظيم، وما فيه من مبادئ سمحة وقيم رفيعة، وأخلاق كريمة.
فالجنادرية إذاً مع ما تحمله من تذكير بتراثنا المجيد، تحاول أن تكون شاهداً على كل جديد.. تناقش الهم العام، من منطلق قيم ومبادئ الإسلام.. فهي نافذة على ماضينا، وتصوير لحاضرنا مع الاهتمام بعقيدتنا السمحة وبشيمنا العربية الكريمة وثوابتنا العظيمة.
وإن شمولية الجنادرية لمختلف أنواع النشاط الفكري والثقافي تؤكد أن هذا المهرجان يسير في الطريق الصحيح الذي يزيده نجاحاً وتألقاً.. وكل ذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل راعي هذا المهرجان الكبير صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني وجهود القائمين على المهرجان وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان، وصاحب السمو الملكي الفريق أول ركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز المشرف على المهرجان، وبقية القائمين على المهرجان.. جزاهم الله عنا كل خير.
ولا بد من التنويه بالسنة الحسنة التي يقوم بها هذا المهرجان في تكريمه كل عام شخصية فكرية وثقافية أدبية، حيث كرم هذا العام الأديب الشاعر الأستاذ أحمد بن علي آل مبارك أحد كبار أدبائنا ومثقفينا.. وهذا التكريم يؤكد اهتمام الجنادرية برواد الفكر والأدب في المملكة تذكيراً بهم، وعرفاناً بجميلهم، وتأكيداً على تقدير الوطن لهم.
لكن الملاحظ أن مهرجان الجنادرية يغفل أحياناً دورالأندية الأدبية والثقافية التي تمثل جانباً مهماً في الواجهة الثقافية للمملكة، ونتطلع أن يكون لهذه الأندية مشاركة أكبر من خلال أعضائها واصداراتها ونشاطاتها.. وكلنا أمل أ يتحقق ذلك في الأعوام القادمة.
تجسيد الثقافة العربية
الأستاذ غالب حمزة أبو الفرج - رئيس تحرير جريدة «البلاد» سابقاً قال: استطاعت الجنادرية أن تجسد للعالم العربي وما وراء هذا العالم قدرة هذه الأرض على منح العالم جميع أوجه الثقافة التي انطلقت من أرضنا وغرفت منها شعوب العالم جميعاً.
فنحن العرب أمة مسلمة منحها الإسلام قدرات كثيرة ظهرت في كافة المجالات الفكرية والأدبية، فكان من وراء ذلك أن أصبحت لنا طرق كثيرة نحاول من خلالها الوصول إلى قلب الانسان وعقله وفهمه وإدراكه.
وإذا كانت الجنادرية قد استطاعت أن يلتئم شملها بكل هذه العناصر الكفؤة التي دعاها الحرس الوطني لتشارك في هذا المهرجان الكبير الذي أخذ يطاول مشارف ما نريد نحن أبناء هذه الأرض الطيبة..
فبلادنا منذ أربعة عشر قرناً وحتى الآن، من ذلك اليوم الذي صدحت فيه دعوة الإسلام من رحاب مكة المكرمة والمدينة المنورة وتاريخنا يتطاول مع الأمم ليضع نبضات كثيرة على حياة الأمم جعلتها تدرك معاني هذا الدين وقدراته وامكانياته وأسلوب عمله.
وأمة الإسلام في هذه الأرض كان لها الشأن الأول في التعريف بهذا الدين من خلال بعوث الخير التي انطلقت من رحاب هذه الأرض لزرع كلمة الحق في قلوب الملايين من ذلك العصر حتى الآن.
وإذا كانت الجنادرية قد ساهمت وبعد ظهورها كمهرجان كبير في تسهيل كلمة هذه الأرض وحياتها وظروفها وطرق معيشتها فهذا هو الذي كنا في حاجة إليه، والتي استطاعت أن تصل إليه بأسلوب يأخذ الحقائق صوب عينيه ليسطر على صفحات التاريخ نماذج كثيرة للكرامة الوطنية، وللأمة والسلام، وللحب والرخاء ولأشياء لا نزال نصنعها.
ستساهم الجنادرية دائماً في التعريف على ما تريد صورة فريدة لحب العربي المسلم الذي يكافح من أجل حياة أفضل في مجتمع جُبلَ على الفضيلة فعاش عليها ونادى بها وتمنى أن يراها في كل مجتمع.
الجنادرية عرس ثقافي
الدكتور يوسف بن حسن العارف مدير إدارة الثقافة والمكتبات - تعليم جدة، قال عن المهرجان: ومن عام إلى عام.. ينتظر المثقفون في بلادنا السعودية وفي عالمنا العربي والإسلامي، وفي خليجنا المعطاء، وفي أرض الجزيرة العربية هذه الثقافة الصحراوية، التي تبث لكل العالم من جنادرية الفكر والمعرفة والفاعلية الثقافية حيث يلتقي فيها التراث بالحداثة والقديم بالجديد والفكر بالمعرفة والشعر بالفنون، الجنادرية: ذلك البعد الصحراوي الذي أصبح اليوم مدينة ثقافية تتزين بكل ألوان الطيف الثقافي تواصلاً مع الآخر، وانفتاحاً على الحضارات، تتخذ هذا العام محوراً جدلياً هاماً تحتاجه ثقافتنا الراهنة لبقاء ثقافة مجدٍ مؤصلة، مستشرفة للمستقبل مع النظر في أحداث عالمنا المعاصر.
الجنادرية تلك الصحراء الفسيحة التي تدشن من خلالها هذه الأيام طرح ثقافي، عربي الملامح، سعودي الخصوصية والانتماء، إسلامي الهوية لنقول لكل العالم إن ثقافة التسامح والسلام هي ثقافتنا وعليها نبني حضارتنا الجديدة التي لها عمق وتاريخ ومجد لا تنفك عراه إن شاء الله، الجنادرية هذا العرس الثقافي البهيج الذي تتواصل فيه الصلات وتبدو المثاقفة من خلاله في أحلى تصوراتها تجدداً وتطويراً نحتفي به كل عام ولنا من خلاله الكثير من التطلعات والأمنيات.
أولها: أن يتنامى هذا العرس ليصبح موسماً نقياً ومعلماً تراثياً يضم إلى خصوصيتنا السعودية، أبعاداً خليجية وعربية وإسلامية إن أمكن وعالمية في المستقبل القريب.
وثانيها: أن يتواءم هذا العرس مع فعاليات سبقته وهي جائزة الملك فيصل العالمية، ومناسبات أخرى وطنية.
وثالثها: أن تعود إلى الجنادرية جائزة الدولة التقديرية التي كانت تقدم للرواد والمبدعين، وفق أسس موضوعية حتى يحتفي الوطن والعالم معنا بهذه الريادات ويتعرف الآخرون على ما لدينا من مكنوز ثقافي وحضارة.
هذه بعض الإلماحات التطويرية التي آمل أن يأخذ بها القائمون على هذا العرس وهم رجال العسكرية في الحرس الوطني الذين أثبتوا أنهم منتمون إلى المحفل الثقافي والتراثي أكثر من المثقفين أنفسهم..
عرس بهيج وكل عام ونحن منتظرون والحمد لله رب العالمين..
عرس الثقافة.. وحوار الحضارات
أما الأستاذ محمد بن علي رضا قدس فقد أكد في مشاركته أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة منذ انطلاقته الأولى في شوال من عام 1405هـ، وهو يُعد ظاهرة ثقافية وملتقى لمثقفي الشرق والغرب طرحت على طاولات ومنابر حوارات ندواتها الكثير من القضايا الفكرية والثقافية التي تهم المثقفين والمفكرين العرب كما أنه كان من أبرز قنوات التواصل مع الآخر فكراً وتحاوراً.
على أرض الثمامة بالجنادرية في بيت العرب، عروس الصحراء، الرياض التم شمل أعلام الفكر ورواد الثقافة العربية منهم من قضى نحبه ومنهم من مازالوا منارات فكر وشموع تنوير، وقد كان لي شرف حضور هذا العرس الثقافي العربي الذي يرأس لجنته الاشرافية العليا ويشمله برعايته واهتمامه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز فارس الجنادرية وموقد شعلة انطلاقتها، وشرفت بلقاءات سموه وأتيح لي العديد من فرص اللقاء والحوار مع العديد من أعلام الأدب العربي وتوطدت علاقتي بالكثير منهم وتكررت لقاءاتي بهم في رحاب الرياض وفي مهرجانات عربية أخرى أذكر منهم: الطيب صالح، بلند الحيدري، عبدالوهاب البياتي، أنيس منصور، يوسف ادريس، عبدالقادر القط، منذر هياشي وغيرهم كثير من أدباء المغرب والخليج، وإذا كان لهذا المهرجان وهو في دورته الثامنة عشرة دور تحققت من خلاله بعض أهدافه فهو لقاء الأشقاء في المشرق والمغرب تحت مظلة واحدة وللوصول إلى حوار له أثره وجدواه وفي اعتقادي أن الدور الذي يمكن أن يؤديه هذا المهرجان في ظل الظروف التي نعيشها في الأحداث المؤلمة التي تؤثر في حضارتنا أن نقيم حواراً مع الآخر من أجل ثقافة الإسلام وما يجب أن يعرفه الغرب عن الإسلام كدين حضارة وتسامح وسلام.
هنيئاً للرياض
وقال الأستاذ عايض بن سعيد القرني رئيس قسم الثقافة بتعليم جدة:كل عام يزداد اسم الجنادرية سمواً بين الأوساط الثقافية العربية والعالمية، وذلك مرده إلى ما تطرحه من فكر ناضج مستمد من مبادئ ثابتة، ورؤى واضحة، وقيم رفيعة، كثيراً ما نسمع عن مهرجانات ثقافية هنا وهناك، تتسم في أغلبها بطروحات أقرب ما تكون بالمؤدلجة، وعلى الرغم من أن كثيراً منها سبق مهرجان الجنادرية، إلا أن الرعاية الكريمة من ولاة الأمر، وتجنيد كافة الكفاءات وتوزيع الأدوار بين المسؤولين عن هذا المهرجان، بل واهتمام أمراء المناطق بالمشاركة في هذه التظاهرة الثقافية جعل لها المكانة التي يتشوق الناس لمشاهدة هذه الاحتفالات والفعاليات والبانوراما الرائعة، بدءاً من الافتتاح وما يتبعه من فقرات رائعة، وحولية شاعرها الرائع خلف بن هذال، ومروراً بهذه الموضوعات الفكرية الرائعة التي يستقطب لها أسماء فكرية وإبداعية من شتى بقاع العالم، وكأن الرياض في احتفالات الجنادرية باقة من زهور الفكر والابداع، ومما يسعد به المتابع للشأن الثقافي حيال هذا المهرجان، أنه يتواءم مع الأحداث، فيطرح ندواته الكبرى حول مستجدات العصر وما يتضمنه من أحداث، إذ نجد فيما مضى أن الندوات كانت عن الإسلام والغرب، ثم عن الإسلام والشرق، ثم هاهي الندوة الكبرى تدور حول محور الإسلام وحقيقته، يشارك في فعالياتها أسماء تشرئب لها الأعناق.
وأقول هنيئاً لأهل الرياض بهذا المهرجان، وبما يدور فيه من الفعاليات المختلفة، من محاضرات وندوات وحوارات وشعر ومسرح وعروض للموروثات الشعبية، وقد أسعدنا كثيراً مشاركة كافة الأطياف الثقافية من المبدعين، والمفكرين لاتاحة الفرصة للجميع، ولخلق حوارٍ ناضج ينم عن عقلية واعية، وقد أحسنت إدارة المهرجان بجعل نصيب وافر من النشاط للمرأة، مما يعزز مكانتها الاجتماعية ويكفل لها حقوقها العقلية والحضارية، وكذلك تفعيل النشاط المسرحي عبر الفرق المكونة في فروع الجمعية الثقافية والفنون مما يساعد على التنافس الحميد وإيجاد الجو الثقافي الصحي في بلادنا.وكم كنت أتمنى أن يحظى الأدباء والمفكرون في جميع أنحاء المملكة بحضور هذا المهرجان، والاسهام فيه، أو على الأقل أن تقوم وسائل الإعلام خاصة المرئية منها بتغطية الفعاليات الفكرية والأدبية بصورة شاملة.
|