في اقتصاد العولمة يعد الوجود المستمر على الساحة الدولية الاقتصادية والتعريف بالذات أمرين غاية الأهمية. ذلك انه في العالم المعاصر لم تعد الحواجز المصطنعة هي العقبة الكؤود أمام النفاذ إلى الأسواق العالمية بقدر ما هي عدم القدرة على التواصل مع الآخرين بكفاءة والتعريف بالإمكانات المتاحة وكسب ثقة المستهلكين الأجانب. ولا شك أن الوجود الفاعل والمؤثر في الساحة الدولية يسهم في توفر مرجعية ذات مصداقية عالية يمكن الرجوع إليها من قبل الآخرين عند الحاجة للحصول على معلومات أو بيانات معينة، كما انه يساعد على بناء جسور الثقة بين الوحدات الاقتصادية المحلية والأجنبية. وتتزايد الحاجة للحضور في الساحة الدولية بالنسبة للدول النامية والتي عادة ما تكون المعلومات المتاحة عنها شحيحة أو غير دقيقة.
ويستلزم الوجود المستمر على الساحة الدولية جهوداً مكثفة تبدأ من توفير المعلومات والإحصاءات الدقيقة وبإتاحتها بسهولة وتدريب الأشخاص ذوي العلاقة على كيفية التعريف بالاقتصاد المحلي وإعطاء الصورة الدقيقة عنه بالحرفية المطلوبة بعيدا عن الدعايات المبالغ فيها والتي لا تخدم الهدف. وتمر هذه الجهود بإقامة المؤتمرات والندوات واللقاءات التعريفية سواء محلياً أو عالمياً والتي يدعى لها أشخاص مؤثرون في مجتمعاتهم يمكن أن يقوموا بإيصال الرسالة إلى الآخرين وإقناعهم بها.
وفي هذا الإطار لا يمكن إغفال دور الإنترنت وما توفره من إمكانات يمكن من خلالها التعريف بالاقتصاد المحلي عالمياً والوصول إلى كافة الشرائح وفي مختلف الأماكن بتكلفة أقل بكثير من تكلفة الأدوات والوسائل الأخرى ولا يقتصر التعريف بالاقتصاد المحلي على الهيئات المتخصصة فهناك مؤسسات أخرى يمكن أن تسهم في هذا الجانب مثل الجامعات والتي بإمكانها بناء أسس تعاون قوية مع الهيئات العلمية في الخارج والتي غالبا ما تكون جهات استشارية للقطاعين الخاص والعام في بلدانها.
وليس من قبيل المبالغة القول بأن الوجود الفاعل والمستمر في ظل الانفتاح الاقتصادي والتخفيف من الحواجز التجارية هو أحد الركائز الرئيسة في النفاذ إلى الأسواق العالمية وتسويق المنتجات المحلية وخاصة في ظل تزايد حدة المنافسة عالمياً والعمل على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص ولو نظرياً. وليس من قبيل المبالغة. أيضا القول بانه في ظل البيئة الاقتصادية المعاصرة يفترض أن لا يغيب عنصر العالمية عن كثير من القدرات المحلية.
ما يحتاجه المجتمع في المرحلة الحالية هو تطوير مجموعة الأدوات المناسبة للتعامل مع البيئة الجديدة والسريعة التغير، والتي ربما تقلل كثيرا من فاعلية العديد من أدوات التحكم المحلية في الاقتصاد المحلي وتجعله أكثر إنكشافاً للمتغيرات الخارجية وتأثراً بها. ولا شك أن إحدى الأدوات الفاعلة هي التواصل مع الآخرين وتنمية أطر للتعاون ولتبادل المعلومات وإعطاء الصورة الجيدة عن الاقتصاد المحلي وكسب ثقة الآخرين.
(*) قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|