لم يكشف الشاعر بعد الأمسية سبب اختياره لقصائده القديمة المعروفة كهدية عتيقة لجمهوره الذي تدفق إلى القاعة من كل فج.
منذ أن عرف غازي القصيبي.. وهو المنطلق.. الراكض في نشاط دائب وجديد.. يأبى أن يطل بوجه مكرر.. وشعر مألوف.. وإبداع عادي.. هكذا عرفناه..
غير أن الشيء الذي لم نعرفه قبل هذه الأمسية الشعرية المقامة على هامش مهرجان الجنادرية 18 أن القصيبي أثار سؤالاً كبيراً لدى المتابعين:
هل توقف الهزار عن التغريد؟
سؤال لم يكن أحد يتوقع أن يقوله يوماً لشاعر ملأ دنيا الشعر غناء وحباً وجمالاً.
لقد مرت ساعة ونصف والجمهور يبحث في لهفة عن قصيدة جديدة من إبداعات القصيبي المميزة.. غير أن شيئا من ذلك لم يحدث فكانت القصائد الست التي اختارها الشاعر قصائد معروفة سلفاً.. موجودة في دواوينه المطبوعة.. في المكتبات وبعض القصائد سبق للشاعر نشرها في مطبوعات صحفية وما زالت ذاكرة القارىء تحفظ أبياتها وتعرفها جيداً هذه ملاحظة أولى جعلت جمهور الشاعر يهمس بعضهم لبعض:
هل أغرقت المياه شاعرية القصيبي أم أن الشعر ما يزال ساكناً أعماق الشاعر وإنما فقط يحتاج إلى دلاء من نوع خاص لإخراجه إلى الحياة لتحيا به الأرض والنبات وعشاق الجمال؟!
أما الملاحظة الثانية فتتعلق بمقدم الأمسية الناقد حسن الهويمل الذي نثر إبداعه الأدبي في أسلوب فريد وجديد مستعرضاً فيه رحلة الشاعر والشعر.. بيد أن هذا الأسلوب هو أسلوب غريب لم نعهده من قبل لدى الهويمل. بل هو يتناقض وأسلوبه المعروف المرتكز على الموضوعية وإعطاء العقل فرصته ليمارس رأيه الجريء ونظرته المنصفة..
فلماذا أفسح الهويمل المجال لعاطفته لتمارس نزوتها في إطلاق الألقاب الرنانة والأوصاف التي كاد بعدها أن ينكر القصيبي نفسه.. قبل أن ينكرها جمهوره العزيز؟!
بدر عمر المطيري/شاعر وكاتب سعودي
|