قبل أن أبدأ في الحديث حول هذا الموضوع أود أن أهنئ وزارة المعارف على هذه النقلة النوعية في نشاطها التعليمي والمتمثل في هذا الاستفتاء الذي قد يبني وثيقة تاريخية تعليمية ويبني قاعدة معلومات عريضة ستكون ذات فائدة كبيرة للمخططين للعملية التعليمية بشكل عام. وهذا ليس بغريب على معالي الوزير الذي حرص على اختيار الكوادر في هيكل الوزارة وإدارات التعليم للبدء في نقلة نوعية في التعليم رغم العديد من الاشكالات المختلفة المتعلقة بالمناهج والمدارس بالذات. ولكن هناك إدراك بإمكانية التغلب على الصعاب مع مرور الوقت واستمرار الإرادة والتصميم على التطوير. وهناك نقطة أخرى قبل البدء في مناقشة الموضوع وهو أنني هنا أناقش بصفتي أكاديمياً شارك في عرض رأيه ضمن الأكاديميين ومن المجتمع ومن التربويين أيضاً الذي يود ابداء رأيه. إنني هنا أحث على المشاركة بفعالية في هذا الاستفتاء وفي فعالية هذه الندوة لكل من يدعي وربما تكون الدعوة عامة لا أدري. عودة إلى سؤال ماذا يريد المجتممع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع. هذان السؤالان هما العنوان للندوة التي تعتزم وزارة المعارف اقامتها ما بين 18 -20 من شهر ذي القعدة 1423هـ تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني. إن سؤال ماذا يريد المجتمع من التربويين يبدو للمتلقي لأول وهلة أنه غريب وقد يراه البعض غريباً جداً. وربما يجاوب عليه البعض باستغراب وبسؤال أو عدة أسئلة مثل: هل وزارة المعارف لا تعرف حتى الآن ماذا يريد المجتمع من التربويين؟ وهل كل السنين التي مرت وأبناؤنا وبناتنا يتعلمون في المدارس على أيدي أناس يجهلون ماذا يريد المجتمع منهم؟ وقد لا تصدر هذه التساؤلات من أناس عاديين في تعليمهم وفهمهم للتربية بل قد تصدر من أناس لديهم قدر واف إلى حد كبير من التعليم وفهم أكبر لدور التربويين وبالذات من الأكاديميين عندما يروا ضعفاً ملحوظاً في مخرجات التعليم العام ممن يلتحقون بالجامعات أو الكليات المختلفة التابعة لوزارة المعارف أو كليات المجتمع الأخرى.
ولكن في اعتقادي أن وزارة المعارف تعي دورها تماماً وتعي ماذا يريد المجتمع من التربويين إلى حد كبير ولكن صعب عليها ربما في نفس الوقت إرضاء المجتمع، بل ربما نسبة قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة من المجتمع لا أعرف. إرضاء كل المجتمع غاية لا ولن تدرك في أي جانب من الجوانب الخدمية ولكن ما لا يدرك كله فلا يترك جله ووزارة المعارف تعي هذا أيضاً. وفي الوقت نفسه ومع صعوبة الإرضاء فربما تهدف وزارة المعارف من خلال معرفة ماذا يريد المجتمع من التربويين عرض وضعها والصعاب التي تواجهها في تنفيذ برامجها التعليمية وبالذات في الجانب المالي وهذا ربما يعني نوعاً من التفهم من قبل الجهات المختصة لتلبية احتياجات وزارة المعارف المالية. وهدف آخر ربما وهو أنه باستفتاء المجتمع سينكشف دور هذا المجتمع بكل شرائحه في العملية التعليمية وسينكشف التقصير من جانب المجتمع في التفاعل في العملية التعليمية وقصوره في التعاون مع وزارة المعارف في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها. وبالتالي فإن التقصير في تحقيق الأهداف التعليمية من العملية التعليمية لن يكون مقصوراً على وزارة المعارف وخاصة عند توضيح ما يريده التربويون من المجتمع. وبالتأكيد لن يكون هدف وزارة المعارف هو اشراك المجتمع في التقصير ليكون هناك مبرر للضعف النسبي للوضع التعليمي العام ولكن لإيجاد حلول ومقترحات للنهوض بالعملية التعليمية بتعاون التربويين والمجتمع.
العملية التعليمية كل متكامل أو نظام تكامل إذا تعطل أو تأثر جانب منه تأثرت باقي أركانه أو أجزائه وبالتالي تأثر وضع هذا الكل سواء كان هذا التأثير سلباً أو ايجاباً. ولكن قبل البدء في مناقشة ماذا يريد المجتمع من التربويين، فإنه قد يكون من الأفضل توضيح منظومة العملية التعليمية أي ركائز العملية التعليمية وقد تسمى بغير هذا الاصطلاح كمتطلبات العملية التعليمية أو أركان العملية التعليمية أو مكونات العملية التعليمية. على كل حال منظومة العملية التعليمية في التعليم العام تتكون من الآتي:
أولاً: السياسة العامة للتعليم.
ثانياً: أهداف العملية التعليمية.
ثالثاً: التربويون.
رابعاً: المدرسة.
خامساً: المناهج.
سادساً: الطلاب.
سابعاً: المجتمع.
إن هذا ما أعتقد أنه منظومة العملية التعليمية بغض النظر عن الترتيب لأركان هذه العملية في الاطار النظري.
وعلى كل حال فإن هذا الطرح العديد من الأسئلة وهي قليل مما سيطرح في هذه الندوة لأن الاستفتاء عام وشامل لكل فئات المجتمع والردود والاقتراحات ستكون كثيرة ومتنوعة ومتعددة. إن سياسة التعليم قد تحددت ووضعت منذ زمن ليس بالقريب وهي تتضمن أكثر من 330 مادة تناولت كل جوانب العملية التعليمية وحددت أهداف التعليم، وهي في الحقيقة سياسة واضحة المعالم والكثير من بنودها إن لم تكن كل بنودها صالحة وجيدة للاستعمال في هذا الوقت ووقت قادم. وكذا الأهداف ولكن هذا لا يمنع وزارة المعارف من المراجعة في هذا الشأن خاصة مع التغيرات والتسارع في التغيرات التي يشهدها عصرنا هذا من التقاء سريع بالثقافات المختلفة وتواصل واطلاع على ما يحدث من تغيرات في هذا العالم وتغير وسائل تعليمه واتصالاته. فهل وزارة المعارف مستعدة لإعادة النظر في بعض السياسات والأهداف؟
أما التربويون فقد ينظر إليهم بأنهم المعلمون فقط وهذا قد يكون صحيحاً إلى حد كبير، ولكن أعتقد أن التربويين هم كل من يشتغل في قطاع التعليم وبالأخص هنا في قطاع التعليم العام وبشكل أدق هم الذين على رأس العمل لأن المجتمع فيه الكثير من التربويين الذين تقاعدوا أو انتقلوا لجهات أخرى. المعلمون والمعلمات يشكلون الركيزة الأساسية للتربويين لأنهم هم من يباشر العملية التعليمية مع الطلاب والطالبات في التعليم العام. هل تم اختيار الطلاب والطالبات عند دخولهم لكليات التربية أو المعلمين على أسس سليمة لكي يقوموا بالعملية التعليمية بعد تخرجهم؟ هل هناك دورات مكثفة للمعلمين وبشكل دوري؟ هل هناك تقويم على أساس الابداع والابتكار للمعلمين في طرق التدريس أم أن التقييم على الحضور والغياب والانضباط؟ هل هناك إعادة نظر بين فترة وأخرى للعبء التدريسي للمعلمين الذي يبدو أنه زائد وبشكل كبير؟ هل هناك حوافز للمعلمين وتكريم للمثاليين وللمبدعين كل عام؟ هل هناك تلبية إلى حد كبير لرغبات التنقلات للمعلمين؟ هل هناك محاولة لجعل المعلمين يطوروا مهاراتهم وقدراتهم من خلال اعتمادهم على أنفسهم في الحصول على دورات في الحاسوب وعدم الانتظار للاعتماد على وزارة المعارف في هذا الشأن وبالتالي أخذ هذا في الاعتبار عند تقييم المعلمين؟ هل هناك عناية في اختيار المرشدين الاجتماعيين؟ هل هناك عناية لمراعاة التخصص في المرشد الاجتماعي؟ هل هناك عناية في مراعاة السن في المرشد الاجتماعي؟
ولا شك ان وزارة المعارف بكل هياكلها التنظيمية وإدارات التعليم للبنين والبنات هي القوة المساندة والمحركة للعملية التعليمية في قطاع التعليم العام وهم تربويون بطبيعة التخصص والعمل. ولا نشك في قدراتهم وفي حرصهم وفي سعيهم الحثيث على تطوير العملية التعليمية ولكن: هل الوزارة على اتصال سريع بكل قطاعات التعليم بمعنى هل الوزارة مرتبطة بشبكة الربط الالكتروني بكل إدارات التعليم؟ أي هل استفادت من الثورة التقنية في هذا الجانب للتواصل السريع مع إدارات التعليم؟ هل إدارات التعليم مربوطة بالمدارس بربط الكتروني؟ وإذا كان هناك ربط هل هناك متابعة فورية وموظفون يتابعون هذه الاتصالات؟ هل هناك لجان مشكلة تجتمع كل أسبوع لمناقشة ما يصل من اقتراحات أو شكوى من المعلمين أو الطلاب وايجاد الحلول السريعة؟ هل هناك تعاميم سريعة تنشر عن التجارب والخبرات الناجحة للمديرين والمعلمين والموجهين لتكون حافزا وذلك من خلال البريد الالكتروني للمدارس؟ هل هناك قاعدة بيانات تحدث بشكل سريع في المدارس لكل الجوانب الاحصائية؟ ومن هذا السؤال الأخير أقول ان الوزارة لديها موقع على الانترنت «www.moe.gov.sa» وفيه احصائيات وفيه بريد الكتروني لكل مسؤولي الوزارة وهذا عمل جيد وخطوة طيبة ولكن لاحظت أن آخر احصائية عن المدارس والمعلمين والطلبة والطالبات كانت في عام «1418 -1419هـ» والموقع تم تحديثه في شهر 10/1423هـ أعتقد أن هذه مدة طويلة.
المدرسة جزء من بيئة التعليم وهي أساس رئيسي في بيئة التعليم. ووزارة المعارف تدرك أن هناك حوالي 60% من المباني مستأجرة. وتعرف أن كثيرا منها ينقصه الكثير لكي يكون مبنى مدرسياً ملائماً. ولكن يبدو أن العين بصيرة واليد قصيرة؟ الأموال المخصصة للبناء في ميزانيات التعليم غير كافية فمعظمها رواتب للعاملين في قطاع التعليم والباقي ربما جزء كبير منه يذهب لصيانة ما هو موجود والبقية الباقية للمشاريع. هل هناك آلية جديدة للتسريع في بناء المدارس الحكومية؟ هل هناك تفقد للمباني المستأجرة ومعرفة مدى صلاحيتها؟ كثير من المباني المستأجرة تم استئجارها قبل أكثر من 10 سنوات ولم يتم استئجار مبنى غيره رغم أن هناك بالتأكيد أصلح وربما يكون أرخص أو أعلى في اجاره قليلاً فلماذا لا يتم التغيير إلى الأفضل؟ لماذا لا يتم اشراك القطاع الخاص في بناء المدارس وخاصة بعد عودة الأموال المهاجرة؟ ما مدى تزويد المدارس بالتقنيات؟ ما مدى التجهيز بالمختبرات؟ ما مدى التطبيق في استخدام المختبرات؟ ندرس الكيماء ويأتي الطالب للجامعة وهو لا يعرف الصوديوم من البوتاسيوم.
يدرس الحاسوب في الثانوية ويأتي الطالب للجامعة وهو لا يعرف يكتب حرفاً على الكمبيوتر.
ندرس الجولوجيا في المدارس ويأتي كثير منهم للجامعة ولا يعرف الصخور الرسوبية من النارية؟ هل يمكن أن تولي المدارس أهمية أكبر للجوانب التطبيقية في كل المقررات دون استثناء من خلال تغيير المختبرات وتفعيلها؟
الطالب هو الأساس في العملية التعليمية فبدونه لا وجود للوزارة ولا للمعلم ولا للمدارس. لدينا بالمملكة ربما قرابة 5 ملايين طالب وطالبة وكل عام يزيد العدد لأكثر من 100 ألف طالب وطالبة. نرغب أن يتعلم كل طالب وطالبة تعليماً جيداً يمكنه من القراءة والكتابة بشكل جيد في المرحلة الابتدائية ويرغب المجتمع في تنمية قدرات الطلاب ومهاراتهم. ويرغب المجتمع في تعليمهم القدرة على التفكير السليم والاستنتاج والفهم والتقليل من التركيز على الحفظ. يرغب المجتمع في تنمية قدرات الطلاب على الحوار والاستعداد للانفتاح على الآخرين واحترام آراء الآخرين وإدراك امكانية الاختلاف في وجهات النظر مع امكانية الاستمرار في الحوار والتعامل مع الآخر.
يرغب المجتمع في تشكيل روح العمل الجماعي لدى الطلاب من خلال الأنشطة والمشاركة في الفعاليات المختلفة التي لا يمكن يحققها المجتمع أو الأسرة. يرغب المجتمع في تقويم السلوك لدى الطلاب من خلال التعامل الطيب مع المعلمين وايجاد القدوة والحث على بر الوالدين وذلك من خلال النظرة الأبوية والأخوية حين التعامل مع الطلاب. يرغب المجتمع في ترسيخ الانتماء والمحافظة على الممتلكات العامة والبيئة من خلال الاهتمام تطبيقياً بنظافة المدرسة لأننا نلاحظ ظاهرة الكتابات على الجدران وبيوت الخلاء والراحة وغيرها وهذا بلا شك يظهر خللاً في التنشئة المدرسية وإن كان المنزل يشارك في ذلك؟
وعند الحديث عن المنهج فإن الهموم والشجون تزداد سواء من قبل المجتمع أم من قبل التربويين. التربويون في وزارة المعارف بلا شك يبذلون جهوداً مكثفة في محاولة التطوير ولكن لا يعني هذا أنهم وصلوا إلى ما يرضي طموحهم ويلبي رغبات المجتمع. أعتقد أن مناهجنا بحاجة إلى مراجعة شاملة وتغييرات كبيرة في الكم الداخلي وفي العدد وفي نوعية ما يدرس؟ عندما يأتي الحديث عن المنهج في وزارة المعارف ربما يكون هناك شعور بالمشي في بيئة مليئة بالأشوك وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. أحداث الحادي عشر من سبتمبر حاولت أن تستثمرها الولايات المتحدة لتضغط بها على دول عديدة وتلقي باللوم على المناهج وبالذات في المملكة وفي مصر. وبدأ الضغط ربما إعلامياً وشفاهياً مع المسؤولين من قبل أطراف مختلفة بعدم المساس بالمناهج وبالذات المناهج الدينية وكأن التغيير والتطوير في المناهج يتعلق بأمريكا.
نحن بحاجة إلى التطوير، والتطوير في المناهج عملية مستمرة في وزارة المعارف منذ أنشئت الوزارة والمراجعة مستمرة ولكن البعض تلقف تلك الضغوطات بحساسية مفرطة. أنا أعتقد أن التطوير في المناهج لا بد أن يشمل كل المقررات سواء الدينية أو اللغة العربية أو الاجتماعيات وكذلك الرياضيات والعلوم الطبيعية. وأن يكون التركيز على الكيف والجوهر وليس على الكم.
لا أحد يطالب بالتغيير في الثوابت الدينية في المناهج ولا في أصولها ولكن نطالب بالتقليل من الشروحات والاطالة لكي لا يضيع الجوهر. هناك في بعض المراحل تجد ربما عشرين حديثاً.
الحديث سطران وشرحه صفحة أو صفحتان وما يستفاد منه في صفحة وأحياناً يكون في عشر نقاط. وهكذا في بقية المواد الدينية. وقس على ذلك اللغة العربية في بعض المراحل تجد النحو وكأنك تود أن يكون الطالب كسيبويه يصعب على الطالب فهم الشرح الوارد في الكتاب لإطالته وعدم وضوحه. يتخرج الطالب وهو لا يعرف الفعل من الفاعل من المفعول به لكثرة المواضيع التي تشملها مناهج النحو. والرياضيات والفيزياء والكيمياء مضخمة يحفظ الطالب القانون ولا يعرف يطبقه. كلنا متفقون على مراعاة ديننا فيما نعلم ليس في المناهج الدينية فحسب وإنما في كل المناهج ولكن وزارة المعارف مطالبة بالتطوير المستمر في مناهجها والتركيز على النوعية التي تقود إلى ممارسة فعلية لما نتعلم.
أما سؤال ماذا يريد التربويون من المجتمع فهو لا يبدو غريباً ولا مستغرباً من التربويين وإن كان الكثير وخاصة من هو في مسؤولية الإدارة يعرف ماذا يريدون من المجتمع. المجتمع في هذا الجانب حسب فهمي هو بالدرجة الأولى يبدأ بالمنزل وبالتحديد الوالدان ولكن لا يمنع أن يكون المجتمع بمفهومه الواسع له دور ودور لا ينكر.
من المعروف ومن المفترض أن الطالب والطالبة يقضيان من الوقت في المنزل أكثر مما يقضيانه في المدرسة. والعملية التعليمية لا تنتهي في المدرسة بل تبدأ في المدرسة وتستكمل في المنزل. تستكمل بالمتابعة لمن يستطيع من الوالدين وأقصد بالاستطاعة هنا المتعلمين الذين يستطيعون مساعدة ابنائهم وبناتهم فيما يشكل عليهم في المواد الدراسية، ليس هذا فحسب بل حثهم على الاجتهاد والقراءة الحرة وتوجيههم للسلوك القويم. كذلك التأكد من قضائهم لأكبر فترة ممكنة من وقتهم في المنزل والتأكد أين يذهبون عند خروجهم والحرص على نومهم مبكراً. التربويون يرغبون من الآباء والأمهات مراجعة المدارس والاستفسار عن ابنائهم وبناتهم في خلال فترات قصيرة ولا يكتفوا بالمراجعة قبل الاختبارات أو بعدها. التربويون يريدون من الآباء والأمهات حضور مجالس الآباء والأمهات والمشاركة الفعالة فيها. التربويون يريدون من الآباء والأمهات عرض بعض الاشكالات التي تواجههم مع أبنائهم وبناتهم على المدرسة لبحث الاشكالات والتعاون في حلها. التربويون يريدون من الآباء والأمهات سرعة تلبية الدعوة الموجهة لهم من المدرسة بشأن ابنائهم وبناتهم. التربويون يريدون توجيه ابنائهم في استخدام الانترنت ومشاهدة القنوات الفضائية وأن يعودوهم على عدم مشاهدة ما يسيء أو البحث فيما يسيء وذلك عن قناعة ودون ارغام وذلك من خلال الممارسة للشيء نفسه من قبل الوالدين وتعوديهم على النوم مبكراً واتباع نفس السلوك للوالدين وعدم إيكال الأمر للعاملين في المنزل أي للخادمات. التربويون يريدون من الوالدين تعويد ابنائهم على النظافة في المظهر والبدن والبعد عن التقليعات ولا يوكلون هذا الأمر للمدرسة فقط. التربويون يريدون من الوالدين تربية ابنائهم وبناتهم على التعامل الحسن مع الآخرين حيث يبدأ التعامل مع الأسرة والعاملين في البيت لأن البعض يطلق العنان لأبنائه وبناته في التعامل بشكل غير لائق مع الخدم في المنزل وهذا بلا شك سلوك سينطلق به إلى خارج المنزل. التربويون يريدون من الوالدين وبالذات ممن أعطاهم الله بسطة في الرزق ألا يمكنوا ابناءهم من قيادة السيارات في وقت مبكر من سنهم حتى لا يذهب أفراد من المجتمع ضحية لهم أو يضحوا بأبنائهم. التربويون يريدون أسرة مترابطة تقلل من الضغوط النفسية على الطلاب والطالبات لكي لا يكون هناك تعثر في العملية التعليمية.
وإذا انتقلنا إلى المجتمع الأوسع وبدأناها من الحي فإن التربويين يريدون اهتماماً بالجار وتطبيقاً فعلياً قدر المستطاع لأهمية ذلك من ناحية دينية وناحية أمنية. التربويون يريدون من المجتمع الواسع أن يكون هناك تغيير جذري في نظام الأسواق أي في مواعيد فتحها وقفلها. لأن ذلك سيقلل من الوقت المهدر للتجوال في الأسواق وبالذات للطلاب والطالبات ويجعل الأسر تقضى وقتاً أكثر مع بعض وتدفع إلى النوم المبكر. لماذا لا تقفل الأسواق الساعة التاسعة بدلاً من جعلها مفتوحة حيث إن بعضها ربما تجاوز الساعة الثانية عشرة ليلاً. أعتقد أن هذا مطلب ليس للتربويين وحدهم وإن كان يساعدهم كثيراً بل إن ذلك مطلب أمني واقتصادي.
ربما يرغب التربويون في جود نظام نقل يخفف على الوزارة تكاليف النقل وبالذات في المدن وينشط شركة النقل الجماعي أو شركات النقل الأخرى مع امكانية دراسة ذوي الحاجة وغير المقتدرين. يريد التربويون من الإعلام عدم التركيز على مواطن النقص الذي قد يعتري العملية التعليمية وإغفال الجوانب الايجابية. أعتقد أن التربويين ربما يطمحون ويريدون من القطاع الخاص المشاركة الفعالة في الأنشطة الطلابية وتقديم الحوافز للمتميزين والأوائل سواء كان على شكل برامج صيفية تدريبية أو بعثات بالاضافة إلى مشاركة القطاع الخاص في الأعمال الانشائية للمدارس. يرغب التربويون من رجال الأمن بزيارات توعوية للمدارس للتنبيه بمخاطر المخدرات والمنشطات والمنبهات وتسهيل الزيارات للمعارض الأمنية وكذلك التوعية بالسلوك المروري ومتطلباته.
ولا شك ان هناك تمنيات للتربويين عديدة على المجتمع بقطاعاته المختلفة ستظهرها الندوة وكذلك تمنيات من المجتمع على التربويين. إن المجتمع سيشعر من خلال هذا الاستفتاء بأن له تأثيراً مباشراً في العملية التعليمية، وهذا التأثير ليس اختيارياً وإنما من المفترض أن يكون من خلال دور الأسرة. ويطمح المجتمع أن يكون له دور من خلال صلاحيات تخول لمجلس الآباء ومجلس الأمهات بحيث لا يكون دوراً اسمياً دون تفعيل. إن هذه الندوة ربما تكون نوعاً من النقد الذاتي لوزارة المعارف بلسان المجتمع، ولديها الاستعداد للسماع وتنفيذ ما يمكن تنفيذه وما يخدم العملية التعليمية فهل المجتمع بكل أطيافه لديه الاستعداد لتقبل النقد والاستماع لكي يتم توجيه التعليم بنجاح لما فيه خدمة هذا الوطن وعزته ومنعته في ظل ظروف فيها الكثير من التحديات والمتغيرات. نسأل الله أن يكتب النجاح لهذه الندوة.
|