تحقيق عبدالرحمن المصيبيح
ويتواصل الحديث عن ندوة «ماذا يريد المجتمع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع» والتي سيرعاها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني اليوم الثلاثاء في مركز الملك فهد الثقافي.
حيث تحدث الأستاذ عبدالحميد السيجرية من مدارس التربية النموذجية فقال: التربويون بناة الإنسان والأجيال عليهم تقع مسؤولية تربية النشء، ورفع مستواه لأن ذلك تقدم للمجتمع ورفع لمستواه ولا تتقدم أمة من الأمم إلا بالعلم وللعلم عناصر متعددة منها المربي والطالب والمجتمع وعلى كل واحد منهم واجب، عليه أن يؤديه وأن يقوم كل واحد منهم بدوره كاملاً ليزدهر مجتمعنا ويتطور ويتقدم.
ما يجب على المربي:
أن يغرس المربي في نفوس طلابه محبة الله تعالى ومحبة رسوله والأخلاق الإسلامية وأن يكون المربي ذا خبرة واسعة ويعمل على زيادة خبرته، وأن يكون المربي منضبطاً حريصاً على الوقت وعدم إضاعته، وأن يتحلى المربي بالخلق الطيب والسيرة الحميدة لأنه قدوة لطلابه وأن يقوم بواجبه تجاه أبنائه الطلاب وذلك بإعداد الدروس والعمل على إيصال المعلومات إليهم وبذل الجهد إلى ما يؤدي إلى تطورهم وتقدمهم وبالتالي تقدم المجتمع وتطوره، وأن يحثهم على العمل الجاد البناء.
ما يجب على المجتمع تجاه المربي:
أن يحترم المربي لأنه يصنع أبناءه ورجال مستقبله بين يدي المربي، وأن يقوم المجتمع بدوره في تهيئة أبنائه لتلقي العلم النافع والمعرفة وأن يعمل على رفع مستوى المربي المادي ليكون قادراً على التفرغ التام للإعداد والاطلاع، وأن يزور أولياء الأمور معاهد التربية ليشعر الطالب بالمتابعة الجادة وأن تكون نظرة المجتمع إلى المربي نظرة احترام لا نظرة احتقار.
هذا وإن تم إعداد الجيل إعداداً صحيحاً ومن ثم إعداد المربي الإعداد اللازم تحقق للمجتمع ما يصبو إليه من تقدم وازدهار ورقي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه» لذا يجب التعاون بين المربي والمجتمع من أجل النهوض ببناة الأجيال ورجال المستقبل.
كما تحدث الأستاذ سمير الجارح من مدارس التربية النموذجية فقال: ما أكثر ما تكلم الناس في التربية فماذا تطلب التربية من المربين؟
إنها تريد منهم أن يكونوا أسوة حسنة وقدوة صالحة لمن يقومون على تربيتهم وبالمقابل فإن المربين يتمنون بل يرجون أن يجدوا من المجتمع من يكون عوناً لهم على أداء رسالتهم في التربية.
فإذا تساند الاثنان في هذه الرسالة العظيمة كان في ذلك الخير العميم بإذن الله تعالى القائل: {وّتّعّاوّنٍوا عّلّى البٌرٌَ وّالتَّقًوّى" وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ} ولا يتم ذلك إلا بالرجوع الصحيح إلى تعاليم الدين السمحة الذي رسم للمجتمع سعادة الدنيا والآخرة.
كما تحدث للجزيرة الأستاذ عطاء رشاد أحمد من مدارس التربية النموذجية قال: قال تعالى:{وّتّعّاوّنٍوا عّلّى البرٌَ وّالتَّقًوّى" وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ} هكذا أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتعاون فيما بيننا وعليه يجب أن يحسن المجتمع الظن بالتربويين والعكس فليجتهد كل طرف من أجل تنشئة فرد سوي في المجتمع فيكون مواطناً صالحاً يعتمد عليه بعد الله في بناء مستقبل هذه الأمة ولذلك ينبغي للتربويين أن ينظروا في حاجات المجتمع لتلبيتها وعلى المجتمع أن يكون سنداً لهم في تطبيق ما يرونه مناسباً من نظريات حتى نبني سوياً مجتمعاً ينطبق عليه قوله تعالى:{كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ}.
ويواصل عدد من مدرسي مدارس التربية النموذجية حديثهم فيقول الأستاذ خالد كروم إن عملية تربية النشء وتعليمه لا شك تقع على عاتق التربويين متمثلة بوزارة المعارف ومؤسساتها التي تعنى بحقلي التربية والتعليم من معاهد وكليات كما لا ننسى الجامعات والمؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها من إذاعة وصحف ومجلات وغير ذلك.
فإن المعلم في مدرسته والمشرف التربوي في مكتبه بوزارة المعارف والصحفي في جريدته وكل من يعمل في أي مؤسسة مما سبق ذكرها آنفاً كل واحد من هؤلاء عليه مسؤولية النهوض بهذا الجيل وتربيته التربية الإسلامية على خلق القرآن وتزويد الأبناء بسلاح العلم والمعرفة لمواجهة هذا العالم الذي صار التحدي لا بد منه لإثبات الوجود ولا شك في أننا جميعاً ندرك أهمية هذا الأمر وضرورته لنا ولأبنائنا في المستقبل القريب ولكياننا بل ووجودنا. من هنا فإن المجتمع إن قصدنا الأسرة والآخرين من أفراد المجتمع الذين لا يعملون في حقل التربية والتعليم والمؤسسات إعلامية وغيرها التي تكون معنية بالأمر ومسؤولة بشكل مباشر عن تربية النشء وخلقه وسلوكه، إن المجتمع يريد من التربويين ممثلين بهذه المؤسسات أن يقوموا بدورهم في إيجاد جيل مؤمن مخلص صادق العزيمة مدرك لما حوله قادر على تحقيق مواكبة التقدم في هذا العصر في المجالات كافة وحتى يتم للتربويين ذلك بعد عون الله تعالى فلا بد من أن يقوم المجتمع أيضاً بدوره فيكون ولي أمر الطالب على اتصال دائم بالمدرسة ليتابع أحوال ابنه في خلقه وسلوكه وتحصيله العلمي فلا يكون من هؤلاء الذين لا يعرف أحدهم اسم مدرسة ابنه ولا في أي صف هو.
كما أن على الوالدين متابعة ابنهما فيما يترتب عليه من أداء واجبات منزلية وحفظ ودراسة مواد علمية تتطلب منه إعطاء وقت كاف لمذاكرتها، فلا شك أن على الوالدين واجب توفير الجو المناسب لابنهما في المنزل وعلى الأسرة حتى تكون معيناً للمؤسسات التربوية في الوصول إلى أهدافها وإيجاد الجيل الصالح عليها أن تنتقي لابنها الرفقة الصالحة، فلا تدعه يتسكع في الشوارع ومع من يذهب، وإلى أي مكان، فلا بد من أن تتابع الأسرة وتراقب سلوك ابنها في كل وقت وفي كل مكان وفي كل شيء. فيم يطالع من كتب؟ وعلام يسهر من أفلام وبرامج ويشاهد؟ وألفاظه وسلوكه مع أفراد الأسرة... كل هذه عوامل ومؤشرات على تكوين الابن الخلقي وغير ذلك كثير مما لا يمكن حصره في هذا العصر الذي يأتي في كل يوم بجديد.
كما تحدث للجزيرة الأستاذ فاروق سبسبي من مدارس التربية النموذجية فقال: سؤال في غاية الأهمية والدقة يجب أن يجاب عنه وخاصة في هذه الأيام التي اختلطت فيها الأمور بين القائمين على العمل في الميدان التربوي والمجتمع العريض الذي نعيش فيه جميعاً وللإجابة عن الشق الأول من السؤال أقول إن التربويين بكل فئاتهم ومراحل عملهم في المدارس والجامعات يريدون من المجتمع أن يهيئوا هذا الطالب «ولا أقول الطفل بل أقول هذا الطالب» في سني حياته المختلفة حتى التخرج من الجامعة لتقبل العلم والأخلاق في مختلف المراحل الدراسية ثم ليكون بعد ذلك من الناجحين الذين يشار لهم بالبنان وأما الإجابة عن الشق الثاني من السؤال فإن المجتمع يريد من التربويين في كل مراحلهم أن يحسنوا العمل ويخلصوا النية ويخافوا الله تعالى في أبنائنا الطلاب جميعاً فيقدموا لهم كل طيب غال وثمين وأن يكونوا لهم قدوة صالحين لأن الطالب ولو كان في مرحلة متقدمة من دراسته فإن معلميه هم القدوة الأولى له فالله الله أيها المربون في الإخلاص بالعمل والله الله أيها المعلمون في السير على هدى وخطى سيد المعلمين محمد صلى الله عليه وسلم وأرجو للجميع دوام التوفيق والسداد والحمد لله رب العالمين.
كما تحدث الأستاذ نبيل العطار من مدارس التربية النموذجية فقال: كان التربويون وما زالوا لدى الأمم كلها يجتهدون لتحقيق هدف مشترك هو البحث عن كل ما من شأنه أن يؤثر في نمو الفرد وتطوير استعداده ووظائفه النفسية والجسمية والعقلية والروحية.. وغيرها؛ ليكون فرداً قادراً على أن يحيا حياة صحيحة، وليكون مع غيره المجتمع المنشود؛ مجتمع الإنتاج والتقدم، والقوة.. ولهذا فعجلة البحث التربوي لم تتوقف في يوم من الأيام، وما زال التربويون يصدرون كل يوم عن جديد في مجال التربية وعلم النفس، والفرد هو شغلهم الشاغل، منذ أن يكون جنيناً إلى أن يشب ويهرم من بعد ويموت، يريدونه طفلاً يتربى في بيئة الأسرة سليماً معافى، صحيح النفس والجسم، ثم تلميذاً يتمثل مناهج الدرس ونظم التربية وقوانينها؛ ليكون قادراً على قبولها والاستفادة منها، فيتخرج وأهدافه أمام عينيه واضحة، وقدراته ومهاراته وحصيلته من العلوم والثقافة ملموسة ذات أثر، ثم يكون بعد هذا عضواً نافعاً منتجاً في المجتمع، قادراً على العطاء، لا عبئاً على كاهل الأسرة والدولة هذا ما يجتهد التربويون لدى الأمم كلها لتحقيقه، ولئن كان التربويون الإسلاميون يقفون على الصعيد نفسه، فإنهم يسعون بالفرد للوصول إلى ما هو أبعد من ذلك، هو ما أراده الله جل وعلا لعباده، وأرسل الرسول من أجله، ووضعت له المناهج في الوحيين: القرآن الكريم والسنّة المطهرة، وهو الكمال التربوي لكل إنسان بحسبه.
إن هذين المصدرين ليفتقر إليهما تربويو العالم من غير المسلمين وإننا مع اهتمامنا بالأبحاث التربوية التي تهدف إلى الارتقاء بالفرد فنحن لا نبتغي بدلاً بالمناهج الإلهية في التنشئة والتربية، وإن كان هذا لا يمنع التربويين الإسلاميين من الحوار وتبادل الرأي والفكر، لأنه مما يثري الجهود التربوية ويفتح فيها المزيد من الآفاق.
ولعل مما ينبغي على التربويين أن يتنبهوا له هو التوصل إلى المناهج التربوية التي تكفل الكمال التربوي للمسلم العربي في ظل المتغيرات الاجتماعية الحادة والتيارات الفكرية الغازية، والهجمات الشرسة على الشخصية الإسلامية إن من أبرز ما يهدد مجتمعاتنا في حاضرها ومستقبلها هو الخواء الثقافي والروحي، وضعف القدرات والمهارات لدى الشباب، وعلى التربويين أن يتداركوا هذا الخطر قبل فوات الأوان، وأن يشحذوا الهمم لإنقاذ الشباب من عثرة الفراغ في العقل والقلب واليد، وعلى جميع القوى التربوية أن تقف وقفة الرجل الواحد: الأب والأم أولاً، والمعلم ووسائل الإعلام ثانياً.
كما تحدث الأستاذ خالد غراب من مدارس التربية النموذجية فقال: يعتبر المجتمع الأسرة هي المنطلق في استثمار سائر طاقته وأن العناية بهذه الطاقة يتم عن طريق التربية والتعليم لأنهما أساس التنمية العامة.
لا شك أن هذه الأسرة تضم عدة شرائح في بوتقة المجتمع تتفاعل فيما بينها لتكون جيلاً قادراً على المساهمة في بناء مجتمع متحضر ودفع مسيرته الفكرية والحضارية حتى يجيد أداء رسالته مصداقاً لقوله تبارك وتعالى:{ثٍمَّ جّعّلًنّاكٍمً خّلائٌفّ فٌي الأّرًضٌ مٌنً بّعًدٌهٌمً لٌنّنظٍرّ كّيًفّ تّعًمّلٍونّ }.
لقد قيل إن الإصبع الواحد لا يرج البحر وأن اليد الواحدة لا تصفق والهدف من وراء ذلك تكاتف الجهود وتضافرها للوصول بالمجتمع إلى أسمى مراتب الرقي والازدهار.
من هنا نتساءل ماذا يريد التربويون من المجتمع؟
إن البذرة إذا هيأنا لها المناخ المناسب دون شك سوف تؤتي أكلها كما قال الشاعر:
العلم كالغيث والأخلاق تربته
إن تفسد الأرض تذهب نعمة المطر
فهم يريدون من المجتمع أن يكون التربة الصالحة التي تتفاعل وبذور التربية والتعليم حتى تنمو وتترعرع في ظل الأخلاق والمكارم الفاضلة.
وفي المقابل ماذا يريد المجتمع من التربويين؟
لا شك أن اختيار القائمين على التربية والتعليم من ذوي الكفاءة العلمية والتربوية والخلق الإسلامي النبيل مطلب أساسي للمجتمع حتى يتم إيصال المعلومات والمهارات الجديدة وترسيخ الخبرات في جميع الميادين بشتى الطرق والوسائل التربوية والتعليمية المعاصرة.
كما يطلب المجتمع من التربويين المساهمة الفاعلة في تثقيف جميع طبقات المجتمع على اختلاف أعمارهم غير مهملين من فاتهم قطار التعليم في صغرهم لمكافحة الأمية وتعليم الكبار وتعليم المعوقين ذهنياً وجسدياً ورعاية المتعثرين والمتفوقين وذلك تحقيقاً لرفع مستوى الأمة لتعميم الثقافة بين أفرادها.
وأخيراً فإن التربويين والمجتمع هما حجر الزاوية في العملية التعليمية والتربوية ولا بد أن يسيرا جنباً إلى جنب للوصول إلى هدفهما المنشود المتمثل في بناء مجتمع عصري يواكب التقدم ويحقق لأبنائه السعادة والرخاء.
كما تحدث الأستاذ عبدالله محمد آل شيبان من مدارس التربية النموذجية فقال: أعتقد في بداية الأمر أن ما يريده التربويون من المجتمع يتمثل في ناحيتين الأولى تكمن في ديننا الإسلامي وتعاليمه وكيف وجه الدين الإسلامي رسالته الخالدة التي أثرت موضوع مكارم الأخلاق وكذلك الترابط الديني والاجتماعي حتى يظهر الفرد المسلم على قدر كبير من الخلق والتعامل الحسن مع كافة البشر.
من الناحية الأخرى أن يكون ذلك المجتمع صالحاً بكافة طبقاته في التعامل وكذلك الإنتاجية التي لا يشوبها أي نوع من الوهن. ويرى التربويون أن المجتمع إذا أصبح على قدر كبير من الخلق والأدب والعلم فإنه سوف يحقق طموحات تلك الأمة من رُقي وتقدم.
أما ما يريده المجتمع من التربويين:
يتمحورحول المساهمة الفعالة في إكمال وتحسين وتوجيه اتجاهات الفرد بغرض تحقيق هدف أسمى ألا وهو إيجاد جيل على قدر كبير من العلم والأخلاق وكذلك تحمل المسؤولية بكافة أشكالها.
كما تحدث للجزيرة الأستاذ عصام عبدالصمد المدرس بمدارس التربية النموذجية فقال: إن مما يسعدني أن أضع بين أيديكم هذا البحث البسيط والذي يتناول تعريف التربية ومفهومها وما تقدمه للمجتمع أملاً في أن أجد من خلال ذلك إجابة شافية عن سؤال يشغل بال كلّ حريص ألا وهو «ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين؟».
والحقيقة ان هذا الموضوع يحتاج إلى كثير من المراجع ودراسة آراء الباحثين من التربويين ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ومن هذا المنطلق اسمحوا لي أن أبدأ أولاً بتعريف كلمة «تربية» ثم أثني بتوضيح لمعنى «التربية» كما أورده كثير من العلماء والمتخصصين ثم أتبع ذلك بذكر لبعض الخبرات التي تستطيع التربية أن توفرها للطفل.
أولاً: تعريف كلمة «تربية»:
ورد عند أصحاب المعاجم اللغوية أن كلمة تربية أصلها «ربه» أي «ملكه» ومن هنا كان وصف الله عز وجل بالرب فهو مالك كل شيء. وقال بعضهم «ربّى الولد» أي وليه وتعهده بما يغذيه وينميه ويؤدبه. وقال آخرون إنها جاءت من «ربا» أي زاد ونما.
ثانياً: تفسير المراد بالتربية:
اجتهد بعض علماء المسلمين القدامى في تفسير المراد بالتربية؛ يقول أحدهم: «التربية تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً». ويقول آخر: «التربية هي إبلاغ الذات إلى كمالها الذي خلقت له». ومن ذلك يخلص الباحثون إلى أن معنى التربية بوجه عام يراد به: تعويد الأبناء جميل الخصال وحميد الفعال بملاحظة أخطائهم لإصلاحها وحركات اندفاعهم لضبطها وكبح جماحها، وبتعليمهم القواعد الأساسية للدين، وآداب الأكل والجلوس والحديث والتحية وغيرها.
وهناك من مفكري التربية من يرى أن التربية هي عملية تتفتح بها قدرات المتعلم الكامنة. وهناك وجهة نظر أخرى سميت بالترويض العقلي يرى أصحابها أن عقل الإنسان يربى مثلما يُربّى جسمه، فكما أن عضلات الجسم تتقوى بالحركات الرياضية فإن للعقل ملكات تتقوى بدراسة المواد العلمية المختلفة.
ومنذ أن كثرت الدراسات في مجال علم الحياة شاعت في التربية فكرة أن التربية هي عملية «تكيف» للإنسان مع الظروف القائمة. ويظهر مما تقدم أن التربية هي عملية إحداث تغيير في الجسم والقدرات والتفكير والعادات والميول والاتجاهات بحيث يصبح المتعلم بعد هذا التغيير غير ما كان عليه أولاً.
ويشترط في هذا التغيير أن يكون محققاً لما تتفق عليه الجماعة من قيم ومعايير وما تتطلع إليه من آمال وطموحات ومثل عليا، ومن هنا تبرز أهمية العقيدة الدينية الصحيحة.
ثالثاً: بعض الخبرات التي تستطيع التربية أن توفرها للتلميذ:
هناك خبرات كثيرة ومتنوعة وأشهر وأهم تلك الخبرات:
«خبرات جسمية» تتعلق بصحة التلميذ ونمو بدنه.
«خبرات عقلية» تتعلق بما يتعلمه التلميذ من معارف وما يتعوده من عادات التفكير المنطقي المنظم.
«خبرات خلقية» تتعلق بما يحب وما يكره من الأشياء والأفكار والأشخاص.
«خبرات عاطفية» تتعلق بقدرة التلميذ على التمييز بين ما هو جميل وما هو قبيح، وما هو خير وما هو شر، وما هو حق وما هو باطل.
* ومما سبق تبرز الإجابة عن سؤال ماذا يريد المجتمع من التربويين؟
إن ما يريده المجتمع من التربويين هو العمل على تحقيق الخبرات السابقة «جسمية وعقلية وخلقية وعاطفية» في مستقبله ويأمل تحقيق آماله وطموحاته من خلالهم، فالمجتمع ينظر إلى كل جيل من أبنائه على أنه سوف يحقق وينجز ما أخفق الآباء من الجيل السابق في تحقيقه وإنجازه.
* أما الإجابة عن السؤال الثاني وهو ماذا يريد التربويون من المجتمع؟
فإن الإجابة عليه تكمن في التعرف على وسائط التربية والتعرف على الدور الذي يقوم به كل وسيط من هذه الوسائط حتى يتحقق الأرب ويجد التربويون ما يساعدهم على أداء دورهم بل ونجاحه.
وسائط التربية:
أولاً: الأسرة:
وهي عبارة عن نظام اجتماعي تربوي ينبعث عن ظروف الحياة والطبيعة التلقائية للنظم الاجتماعية، وقد أوجب التشريع الإسلامي أن تسود الأسرة التربية الدينية الصحيحة التي تغرس في النفوس العقائد السليمة الراسخة فإذا كانت الأسرة في مجتمع ما فاسدة فإن هذا الفساد يتردد صداه في الوضع السياسي والاقتصادي والأخلاقي.
وتؤثر الأسرة تربوياً على الأطفال فهي المرحلة الأولى من مراحل التربية والتنشئة الاجتماعية يتم فيها اكتساب اللغة والعادات والاتجاهات.
ثانياً: المدرسة:
وهي بيئة تربوية مُطهِّرة، فمع تطور الحياة تعقدت المجتمعات وأصبح يتخللها شيء من الفساد بحيث يعيش فيها الخير مع الشر والفضيلة مع الرذيلة ولما كانت المدرسة حريصة على ألا تنقل إلى الجيل الجديد غير الخير والجمال والفضيلة فإنها تسعى إلى أن تقدم للأبناء بيئة مُطهَّرة من عوامل الفساد والانحلال.
ثالثاً: المسجد:
عندما أنزل الله عز وجل رسالته السماوية على رسله الكرام يبشرون بها بني الإنسان كان يستهدف من ذلك هداية البشر في تفكيرهم وسلوكهم وإبعادهم عن مهاوي الضلال والانحراف. ويعد المسجد من المؤسسات الإسلامية العبادية والتعليمية المهمة في تربية الصغار والكبار، فالمسجد مصدر خصب للمعرفة الدينية والدنيوية.
ومما يساعد عليه المسجد ما يبعثه في نفوس مرتاديه من روح الجماعة التي تغرس معاني التآزر والتعاون بين المسلمين، كما يعوّد المصلين على وحدة الصف والنظام والطاعة وحسن التعامل مع الناس.
رابعاً: أجهزة الإعلام:
شهد القرن العشرون وما بعده ما يمكن أن نسميه بثورة في وسائل الاتصال الجماهيري حيث برز الإعلام كأهم وأخطر قنوات هذا الاتصال، حيث تقوم أجهزة الإعلام بوظائف خطيرة تتمثل في التوجيه والتثقيف والتعارف الاجتماعي وغير ذلك، وعليه فإن لأجهزة الإعلام دوراً هاماً وخطيراً يتمنى التربويون أن تقوم به على خير وجه كعامل مساعد من وسائط التربية.
وختاماً: أتمنى أن أكون بذلك قد تمكنت من إلقاء الضوء على ما يريده التربويون من المجتمع وما يريده المجتمع منهم آملاً أن يوفق الله الجميع لما فيه خير البلاد والعباد.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
كما تحدث الطالب هيثم شيرة من مدارس الرياض فقال: الذي يريده المجتمع من التربويين تقديم النصح والإرشاد لما فيه صالحهم وتوجيههم للطريق الصحيح، وحتى يكون مجتمعاً نافعاً متعلماً لا بد من إصلاح الجيل الجديد وإنشاء فيه ما لم يكن موجوداً في المجتمع السابق، وإنشائه على الطريق الصحيح مع العبرة من الأخطاء السابقة حتى لا يتكرر ما حدث في الأجيال السابقة، فينفعون أنفسهم ووطنهم وينموه بما تعلموا ويعلموا الأجيال الآتية.
فمن واجب التربويين إيضاح الهدف والغاية للناشئ للوصول للهدف الذي يطمع للوصول إليه بصورة صحيحة لما فيه إصلاح لدينه ودنياه.
المجتمع هو ثمرة إنجاز التربويين التي زرعوها في الناشئة
فعلى المجتمع إيضاح الغاية والهدف للناشئة حتى يسهل عمل التربويين وعليهم إرشاد الناشئة على طرق استغلال الوقت بتعريفهم على ما ينبغي عليهم أن ينشغلوا به، وعلى المجتمع التقليل من الملهيات والمغريات فإذا انشغل بها الفرد ضاع وقته وخسر عمره.
ولا ننسى دور الأسرة الذي ينشأ عليه شخصية الفرد، فهم الذين يختارون الصديق فلا يختارون له من يضيع مجهود والتربويين باللهو والتسكع، وعليهم مساعدة الأبناء ومؤازرتهم بتفقد أحوالهم وشؤونهم.
فلذلك يجب على التربويين والمجتمع التعاون حتى لا ينشأ الفساد في الناشئة منذ الصغر لأن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر.
|