قال الشاب يحادث قرينه: بلا مقدمات وجدنا أنَّنا نغرق في موجات من الأحداث، والكلام، والأنباء، بحيث لا أدري كيف يمكننا أن نستوعب كلّ الذي يحدث، دون أن نعيد فتح «المظاريف» المغلقة لما قبل مرحلتنا...، حيث لا أتخيَّل أنَّ أمراً يحدث على وجه الأرض حيث يحتلُّ الإنسان هذه الأرض ولا يكون نتيجةً لما قبله!!... هذا بالتحليل المنطقي الذي علَّمنا أساتذتنا أن نلجأ إليه عند مآزق التفكير حين تحلُّ بنا!!...
أمَّا صديقه فقال: وما يعنيك، ألست بعيداً عن الذي يجري فوق ساحة الأرض؛ ألست تأكل ما تريد، وتلبس ما يحلو لك، وتنام وقتما تشاء، وتذهب وتعود ولا ما يعكر صفوك...، ألست ترى العالم كلَّه ب«ضغطة» زر، وتسمع العالم كله عند إدارة محرِّك جهاز لا يزيد حجمه ولا سعته عن جزء من كفَّك؟
دع الخلق للخالق!!... لكنَّ الآخر قال له: لا أتخيل
أن نبقى على هامش الحياة كما تقول... إنَّ الغول الذي شمَّر عن ساعديه، وكشف عنه اللثَّام، ولم يعد يرعوي لا لمنطق العقل ولا الإنسانية، ولا الحكمة البشرية، ولا... ولا... يحتلُّ المساحة الكبرى من تفكيري... لأنَّه هو ذاته الغول الذي دخل فطمس بقدميه على تراثي، فلم أعد أعرف هوية أكلي، ولا كسائي، ولا عمارة داري، ولا وجه مدينتي، اختفت معالم قديمي، وطمست تحت حافريه.. وحلَّت معالمه هو... قل لي كيف أجاب أبوك أمس عن سؤالي: قل لي يا عم هل وجه مدينتي هو وجه مدينتك؟
قال أبوك:إنِّي يابني غريب أبحث عن مديني؟... وعندما أزحت القبعة التي كنت تعتمرها كخوذة الجندي ماذا قال لك أبي؟... من؟ أهذا أنت؟ لم أكن استبين معالمك؟
كانا... يتحدثان على مقربة مني...
وكنت أسجل ما قالاه...
مادة خام ولكنَّها السؤال الصعب لتركيبة ما سيكون.
|