* تحقيق - عبدالرحمن المصيبيح:
يشكل تعليم البنات في المملكة العربية السعودية نقلة حضارية متميزة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أصبحت - والحمدلله - المرأة السعودية هي الأم المعلمة والمدرسة ومربية الأجيال ومسؤولياتها كبيرة. واستمراراً لمشاركة منسوبات تعليم البنات في الحديث عن هذه الندوة التقت الجزيرة بمديرة المرحلة المتوسطة والثانوية في مدارس المملكة الاستاذة وفاء الباز فقالت: الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله. أولاً وبادئ ذي بدء أشكر الله سبحانه وتعالى ثم قيادتنا الرشيدة على عنايتها واهتمامها بالعلم وطلابه ويأتي لقاء سمو ولي العهد بالتربويين تأكيدا لهذا الحرص والاهتمام كما ان موضوع هذا اللقاء موضوع مهم للغاية أقول وبالله التوفيق:
أعتقد ان مايجب ان نرتكز عليه هو: ماذا يريد المجتمع من التربويين؟!!
فهذه الفئة من المجتمع هي المؤهلة بأن يقع على عاتقها عبء تلمس نقاط الضعف لدى المجتمع من خلال عملها الذي يفرض عليها الاحتكاك بالنشء بشكليه المباشر وغير المباشر..
في اعتقادي ان صياغة الإنسان قضية توليها العديد من الدول الحديثة أهمية قصوى وتجعلها على رأس أولياتها الاستراتيجية.
وكل حضارة تنطلق في هذه الصياغة من قيمها ومثلها وأهدافها الخاصة بها لتصل بذلك إلى إعداد اللبنة الأساس في كيانها: الإنسان الفاعل المنتج، المنتمي لحضارته، المناضل من أجلها.
وللإنصاف فقد أجاد الغرب تلك الصناعة بمعطياتها ونتائجها المادية لكنه يتخبط فيما يتعلق بالجانب الأهم من الإنسان والمجتمع بصورته الأشمل، رغم نظرياته وتطبيقاته المتعددة فيما يخص ذلك.
وعلى الرغم من ان المسلمين هم حملة هذه الرسالة، إلا أنهم في واقعهم المدني أقل الأمم إبداعاً وإسهاماً في هذا المجال.
كما وضع أفرادها في آخر سلم التقدم بمعايير التنمية البشرية.
لذا فإن على هذه الفئة من المجتمع النظر في القصور الذي تعانيه في سلوك الأفراد.. وبالذات الأجيال الجديدة.. التي تفتقد غالباً إلى أيسر مهارات التفاعل والتعامل الاجتماعي.. فكما هو معلوم لدينا بأنه لايوجد لها مناهج تدرس (أخص البنات) ولم يتم دمجها ضمن خطط الأكاديميين.
والطريق لتلمس بدايات الخروج من هذا الواقع هو وضع خطط قابلة للتنفيذ بحيث تهدف إلى رفع مستوى الحس العام لدى الأفراد ودعم العمل التعاوني والمصالح العامة ضد الفردية والأنانية في التفكير والسلوك.
وقالت الطالبة نجلاء ابراهيم الخميس من كلية البنات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لاشك ان هذا اللقاء مهم للغاية وتابع الجميع اللقاء الذي عقده سمو ولي العهد في شهر رجب الماضي في جدة مع لجنة من التربويين واستعرض سموه كل شيء يخص العلم وطلابه وفي هذه المرة يتجدد اللقاء أسأل الله للجميع التوفيق.
وقالت الطالبة إيمان بنت محمد بن عبدالله الشرفي من مدارس التربية النموذجية المرحلة المتوسطة:
لقد أبحر المسلمون على ظهر سفينة عظيمة.. شقت مياه البحر، وصارعت أمواجه.. ولكنها الآن قد بدأت تغرق.. فهل من منقذ؟!!
ما نحتاجه حاليا هو مجتمع قوي، أو بالأحرى مجتمع إسلامي قوي، يحقق دينه ليتحقق له مطلبه.. مطلبه في الرقي والتقدم.. في إعادة تشييد أمة قد غطت الرمال آثارها.. فكيف لنا ان ننقذ تلك السفينة الموشكة على الغرق ما لم نكن جسدا واحدا ويدا واحدة!! نعمل معاً بجلد وقوة لنكون مجتمعا أقوى، ولن يكون هذا إلا بتمسكنا بديننا لرفع رايته عالياً.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) فيجب أولاً النظر إلى الناحية الروحية، إلى علاقة الإنسان بربه، إلى توعيته دينياً ودعمه معنوياً، وتهذيبه سلوكياً ومن ثم النظر إلى دعمه عقلياً واجتماعياً وهذا يتم عن طريق التوسع في التعليم استجابة للطموحات الاجتماعية في البلدان المتقدمة وإعطاء الأولوية إلى التعليم الأساسي وإلى محو الأمية، وبالنسبة للانفجار المعرفي فإن ذلك يتطلب مايلي:
-إعادة نظر مستمرة في محتوى التعليم.
- وإعداد المعلمين في إطار مفهوم التربية المستمرة.
- وتحسين طرق التعليم، ومما يجب مراعاته أيضا النظر إلى بطالة الخريجين وعرض وظائف تلائم إعدادهم، أما بالنسبة لمن وقف الفقر حائلا في سبيل تعلمهم فيجب على التربويين إعطاء منح للفئات الاجتماعية المحرومة بالإضافة إلى الاهتمام بتعليم ما قبل المرحلة الابتدائية واتخاذ حلول أخرى استدراكية لإنصاف أبناء الفئات المحرومة مع مراعاة تطبيق التربية المستمرة. أما الأساليب التي يجب تطبيقها في المدارس فهي:
- ربط التعليم داخل المدرسة بالتعليم خارجها.
- تغيير دور المعلم من معلم متسلط إلى معلم مرشد وموجه.
- مراعاة استعمال أوسع التقنيات التعليمية الجديدة وإعطاء مكان أكبر للحاسب الآلي في جدول المدرسة فهو لغة العصر.
- تفريد التعليم وتكثيف التعليم الذاتي.
- تعزيز جانب الانتماء الوطني.
أما بالنسبة للمجتمع فيجب عليه الاستجابة الفعالة، وتكوين يد واحدة تتعاون مع المدرسة في بناء الطفل ودعم الشباب وتهيئة الجو لتعليمهم، وإعانتهم على اكتساب المهارات المختلفة وذلك بدعمهم من الناحية النفسية والعملية، ليساهم كل فرد في المجتمع في بناء جيل متعلم واع، كفيل بتحمل المسؤولية، فلسنا بحاجة إلى شباب ذوي عقل جاهل وخلق سافل وترف زائل، بل نحتاج إلى عقولهم الجبارة وسواعدهم المفتولة فهم ركن قويم من أركان الأمم وقلب نابض يبث الحياة والقوة في جسد أمته.. فهم عمادها الذي تقوم عليه، وسلاحها الذي تلجأ إليه عند الشدائد، وسندها الذي ترتكز عليه لتقوي أصولها وتدعم قواعدها، فهم قواد هذه الأمة الذين يحملونها إلى بر الأمان.
كما تحدثت نعيمة الحمزة فقالت: بداية أشكر صحيفة الجزيرة والقائمين عليها لحرصهم على مجتمعهم بطرحهم مثل هذه المواضيع الهامة والهادفة لخدمة الأمة والرقي بها إلى مصاف الأمم المتقدمة علميا وثقافيا ومثل هذه المواضيع لابد من طرحها في ظل الظروف الحالية التي يمر بها مجتمعنا وما يوجه إليه من غزو فكري يستهدف البنية الأساسية لنهضة الأمة ألا وهي عقول أبنائنا.
فماذا يريد التربويون من المجتمع؟ وماذا يريد المجتمع من التربويين؟
السؤال يبدو في ظاهره أنه ذو شقين والحقيقة انه لا يتجزأ لأن المجتمع الأصل الذي تخرج منه هذا التربوي والتربوي نواة لهذا المجتمع لأنه فرد من أفراده، فمن هم التربويون؟
أعتقد أنها كلمة عامة تطلق على كل مربٍ، فالأب والأم والمعلم والمعلمة والأخ والجار والصديق والصاحب والقريب، كل منهم مربٍ في مجاله ولكن حديثنا هنا بشكل خاص عن التربوي الذي يعمل في مجال التربية والتعليم، في رأيي ان المربي الحقيقي في هذا المجال من استقى علمه وفكره من مربي البشرية وقدوتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن، وهذا ما يريده المجتمع أن يكون للمربي أهداف وأسس يسعى لتحقيقها منها:
- تربيته لأبنائه بغرس وترسيخ العقيدة الصحيحة وتنقيتها من الشوائب.
- تثبيت أصول وأسس الأخلاق بربط أفراد المجتمع بالسلف الصالح والقدوة الحسنة ولا أقوى أثراً من ان يكون المعلم عنوانا وقدوة لما يربي أبناءه عليه من سلوكيات.
- أن يستشعر المربي أنه يحمل أمانة التربية والتعليم وهي جزء من الدعوة والأمانة التي حملها الإنسان وإن كان ظالماً لنفسه ولكن لاشك ان حملها وتحملها وتبليغها على أكمل وجه سعادة له ولمجتمعه في الدارين.
- تربية وتعليم الأبناء القدرة على حسن الاختيار والتخصيص وأخذ ما يناسبهم انطلاقا من صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.
- تحقيق قاعدة «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» بكل ما يتضمنه هذا الأصل ولابد من تحقيق ذلك مع الذات أولاً ومع من تحمل مسؤوليتهم ليتسنى له تحقيق ما يسعى إليه من أهداف.
فنحن نعلم ان الإدارة التربوية تضع الأهداف والخطط للرقي بمجتمعاتها ولن يتحقق ذلك إلا بالتعاون من قبل هذه المجتمعات فالمربي يحتاج إلى مجتمع متعاون معه لتحقيق أهدافه وأغراضه التربوية.
والمجتمع بحاجة إلى اهتمام ورعاية وعناية التربوي لتصحيح مفاهيمه وتعديل سلوكياته الخاطئة وتقويم وتطوير بعض عاداته ولن يكون ذلك إلا عن طريق التعليم بجميع وسائله.
وقالت الطالبة مريم الغامدي:
يريد المجتمع من التربويين تقديم جيل مؤمن، متعلم، مثقف، واع، طموح.. جيل يدرك متطلبات العصر الحديث، ويتقن من العلوم والمهارات مايجعله قادرا على مواكبة التطور المذهل لهذا العصر دون الخروج عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.
ويريد التربويون من المجتمع تقديم العون.. كل في مجاله.. فلكل من المنزل، والمسجد، والمدرسة ، والجامعة، والهيئات والمؤسسات دور ينبغي القيام به لتهيئة البيئة المناسبة، والمكان المناسب للنشء.. ليجد المربي ثمرة ما يغرسه فيهم.
وبتضافر الجهود يتم الوصول إلى إعداد جيل متميز في جميع المجالات.
وقالت الطالبة سارة ابو الأسرار: يهتم التربويون بغرس القيم الإسلامية النبيلة التي نادى بها الدين الإسلامي وهم يعملون بدأب لارتقاء المجتمع من الناحية العقلية والاجتماعية وتحسين سلوكيات الفرد.
وتساهم الإدارة التربوية في صد المشكلات والعوائق التي تقف عثرة في طريق تطوير التعليم وتنمية الكفاءات البشرية. ومن أهم أهدافها:
تخريج أفراد مؤهلين للمساهمة في سوق العمل والانتاج والاهتمام بمحو الأمية.
أما المجتمع فهو مجموعة من الأفراد لهم هدف معين ويسعون لغاية محدودة تخدم الغرض التربوي.
وهو يريد الرعاية والاهتمام والعناية من التربويين لتصحيح عاداتهم ومفاهيمهم الخاطئة ويمكن تشبيه تلك الصورة بالتعليم:
فالتعليم هو مجرد مجهود شخص لمعونة آخر على التعلم.
فالتربويون يؤلفون جزءاً من المجتمع، والمجتمع في حاجة ماسة إلى التربويون.
وقالت الأستاذة ليلى أبو شاويش من مدارس التربية النموذجية يهدف التربويون إلى خلق:
1- جيل بنّاء قادر على حمل المسؤولية النابعة من ثقته بنفسه وقدراته.
2- جيل لديه القدرة على التحليل والبحث والعطاء.
3- جيل يعرف واجباته جيدا قبل المطالبة بحقوقه.
4- جيل يملك القدرة على تنفيذ القرارات وليس صياغتها.
5- جيل يتفانى في خدمة مجتمع قادر على الابتكار وإبداء الرأي والمشاركة في أمور تخصه والوصول إلى حلول نابعة عن اقتناعه بقضاياه وحاجته للتغلب على مشاكله.
6- جيل يميز بين الصح والخطأ وبين الصالح والطالح والاستفادة من خير ما وصل إليه اسلافه وتطويره والأخذ من الحضارات الأخرى مايفيده وما يعينه على التطور ويبتعد عن أسلوب التقليد وما يسيء لمجتمعه ودينه.
7- يسعى التربويون إلى الوصول بالمواطن لمستوى يستطيع فيه الأخذ بزمام الأمور والعمل في جميع المجالات التي يحتاج إليها مجتمعه والعمل كبر أو صغر، ذهني كان أم يدوي يحتاج إلى الاخلاص والأمانة والضمير الحي والحماس لهذا العمل عاملا بالحديث الشريف «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فالكل في مجاله مسؤول.. المعلم في مدرسته والطبيب في عمله، والطالب في دراسته، والجندي في الذود عن هذه الأمة.. {وّقٍلٌ اعًمّلٍوا فّسّيّرّى اللّهٍ عّمّلّكٍمً وّرّسٍولٍهٍ وّالًمٍؤًمٌنٍونّ} ولذلك يتوقع التربويون من المواطن ان يتقي الله في عمله ويخلص فيه.
أما ما يريده المجتمع من التربويين:
1- النزول إلى أرض الواقع ودراسة حاجة المجتمع ومتطلباته ثم يُسن القانون القابل للتنفيذ واضعين في الاعتبار امكانية التنفيذ.. الهدف من هذا القانون.. جدواه.. متطلبات تنفيذه.. قدرة القادرين على التنفيذ من الإيفاء به.. ومتابعته.
2- إعادة النظر في المناهج الدراسية بما يتمشى وحاجة المجتمع، لا بد ان تراعي المناهج حاجة الفرد والمجتمع وقدرات الطالب وتوجيهه الوجهة الصحيحة بحيث تزيد من قدرته على اعتماده على نفسه.. بحيث تراعى فيها تنمية قدرته على التحليل وابداء الرأي والمشاركة فيه والمناقشة.
3- التأكد من ان كل معلومة يدرسها الطالب تضيف جديداً إلى رصيده من المعلومات وتصعد به خطوة إلى الأمام من نمو شخصية حيث ان كثيرا من الطلبة والطالبات ينهون المرحلة الثانوية وعقولهم خاوية لأن كل ما عليهم هو حفظ معلومات ليس لها داع حتى يفرغوها على ورقة الإجابة لينسوها بعد ذلك.
4- تبنِّي القدرات والمواهب وتوجيهها الوجهة الصحيحة فمثلا من يرغب في ان يصبح طبيبا لماذا لا تكون دراسته منذ المرحلة المتوسطة تنصب في هذا الاتجاه وتطويره مع دراسة مواد أخرى تخدم هذا الاتجاه.
وطالب الهندسة الذي يبرز نبوغه وقدرته على التفكير والتحليل والاستنتاج نوجهه لنوع الدراسة التي تناسبه وتتبناه الدولة وترعاه بحيث كل عام دراسي ينتهي يضيف لقدراته جديدا في هذا المجال وهكذا.. بحيث يمكن فيها تقليل الهوة بين ما يدرس في المدارس وما يدرس في الجامعات.
- التركيز على تعليم الطالب كيف يتعلم منذ أيامه الأولى وذلك باكتساب طرق جديدة للتعلم.
- ان تخصص حصة يوميا بعيدا عن الكتب والروتين والواجبات بل تكون فقط لمناقشة قضايا تخص الطالب وما يتعلق بمشاكله يكون قائدها الطالب وموضوعها الطالب وهم أنفسهم يضعون هذه الموضوعات ويتاح لهم الفرصة للمناقشة وطرح قضاياهم بأسلوب منطقي ووضع حلول لها والأخذ بها واحترامها مهما اختلفت الآراء مع القائمين على الدراسة لأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ولكن يجب ان يكون لدهيم القدرة على اقناع المسؤولين بهذه الآراء لأن ابداء الرأي ليس درسا يُحفظ ويُسمَّع بل ناتج عن قدرة على المناقشة والإقناع.
- الاهتمام بتأهيل الطالب وإعداده لأن يكون قادراً على اكتشاف المعرفة والتعلم خارج الأطر الرسمية بحيث يستطيع ان يحدد ويقيم النشاطات التعليمية بدون معلم بحيث تكون لديه قدرة للبحث عن المعلومة واستخدامها بشكل فعال أينما وجدت.
وقالت الطالبة الجوهرة التويجري من مدارس التربية النموذجية:
منذ بدء الخليقة والإنسان يعيش في تجمعات تحمي أفراده وتدافع عن مصالحهم وذواتهم لذا يمكن القول بان المجتمع عبارة عن «مجموعة من الناس فوق تراب أرض واحدة، تربطهم آمال واحدة، وتسودهم أنماط من العلاقات الاجتماعية مقيدة بنظم اجتماعية من أجل مستقبل يتطلعون إليه وأهداف تحقق لهم ولأبنائهم العزة والكرامة والخير». وبما ان المجتمع يتكون من أفراد لذا يمكن تعريف التربية على أنها تلك الجهود التي تتعلق بتعليم أفراد المجتمع من الجيل الجديد كيف يسلكون في المواقف الاجتماعية المختلفة على أساس ما يتوقعه منهم المجتمع الذي ينشأون فيه.
وبما ان العلاقة الوثيقة بين المجتمع وبين التربية هي علاقة تبادلية أي علاقة السبب والنتيجة فهذا يقودنا إلى القول بأن علاقة التربويين بالمجتمع علاقة وثيقة متداخلة. لنبدأ بما يريده (يتوقعه) التربويون من المجتمع:
في مجال الأسرة يتم التعاون فيما بينها من أجل تنشئة الوليد البشري (الطفل) فيكتسب اللغة والمفاهيم والقيم والعادات والتقاليد وقبل ذلك كله الدين والعقيدة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه» أي ان التنشئة الاجتماعية للطفل تتم أول ما تتم من خلال البيت وتعاون أفراده فيما بينهم كل بحسب دوره وإمكاناته. وبما ان العامل الديني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي من العوامل المؤثرة على وظيفة الأسرة تربويا لذا من المهم جدا الاهتمام بهذه العوامل لتنشئة الطفل تنشئة حديثة.
بما ان المسجد أحد أهم المؤسسات التربوية المؤثرة في تربية وتنشئة الأفراد وتشكيل شخصياتهم لذا يجب الاهتمام بدوره وتقوية العلاقة بينه وبين أفراد المجتمع ليكون ليس فقط مكانا للصلاة والعبادة بل ليكون أشمل من ذلك.
بما ان المدرسة هي إحدى وسائط أو مؤسسات التنشئة الاجتماعية وهي مؤسسة اجتماعية تربوية متميزة لذا يجب ان يتم التعاون بين جميع أطراف العملية التعليمية داخل المدرسة من إدارة مدرسية متمثلة في المديرة والوكيلة وهيئة تعليمية متمثلة في المعلمات.
تقوية العلاقة بين البيت والمدرسة الأمر الذي ينعكس أثره على المتعلم (الطالبة).
ان يمد المجتمع المؤسسات التربوية بكل ما تحتاج إليه من إمكانات بشرية ومادية كما لا يبخل في الإنفاق عليها.
تعاون وتضافر جهود كل مؤسسات المجتمع ومكوناته الدينية والثقافية والأدبية والرياضية والترفيهية والإعلامية (المقروءة أو المكتوبة أو المسموعة أو المرئية) كل هذه المؤسسات والهيئات ينبغي ان يكون هدفها مشتركا فيما بينها ويتمثل ذلك في تنشئة الفرد تنشئة صالحة.
* أما مايريده (يتوقعه) المجتمع من التربويين فهو الكثير ومنه:
- ألاّ تكون التربية في معناها الضيق المحدود الذي يفهمه البعض باعتبار التربية تتعلق فقط بالمدرسة أو الجامعة وبالدرس والمدرس، إنها تكون بمعناها الواسع، ذلك المعنى الذي يجعل مؤسسات المجتمع كله - بلا استثناء- مؤسسات تربوية تسهم أو ينبغي ان تسهم في تربية المواطن وفي توسيع دائرة خبراته ومداركه ومعارفه، كما تسهم في شحذ عزيمته.
التوصل إلى أنواع من التربيات التي تجعل أفراد المجتمع متماسكين متعاونين إيجابيين يقدم كل منهم لمجتمعه أقصى ما يستطيع ويؤدي ماعليه من واجبات قبل ان يسأل عما له من حقوق وامتيازات، فهو إيجابي في كل نشاط يشعر ان كل نجاح لمجتمعه نجاح شخصي له كما ان كل فشل يصيب ذلك المجتمع يصيبه هو شخصيا أيضاً.
إعداد خطة تربوية محددة المعالم واضحة الحدود وهي في نفس الوقت تربية واقعية لا تعلق في الفضاء بحثا عن الأمل وذلك بإعداد أفراد المجتمع للحياة داخل المجتمع بحيث يعرف كل منهم حدود أدواره التي عليه ان يلعبها والذي يعرف في نفس الوقت حدود أدوار الآخرين.
كما ذكرنا سابقا يجب على المجتمع ان يمد المؤسسات التربوية بكل ما تحتاج لذا ينتظر من هذه المؤسسات والقائمين عليها من التربويين ان يقوموا بإعداد أفراده وتوعيتهم وتدريبهم ويصبح دعم المجتمع للمؤسسات التربوية مرهوناً بأدائها لوظائفها.
بما ان العلاقة المتبادلة بين المجتمع والتربية هي علاقة السبب والنتيجة إذ ان ملامح المجتمع تحدد وتبين ملامح النظام التربوي فيه من خلال المخرجات التعليمية التي تنتجها أو تعمل على اعدادها لذا فإن المجتمع يتوقع من التربويين ان يقوموا بواجبهم نحو الارتقاء بهذه المخرجات التعليمية.
على التربويين ان يستغلوا التفاعل المتنامي بين أي مجتمع وبين التربية فيه ليصبح مصدرا خصبا لا ينضب للطاقة الخلاقة، فالتربية تعطي المجتمع وفي نفس الوقت تأخذ منه وكذا المجتمع يعطي ويأخذ من التربية.
على التربويين تسخير نظم التربية لتلعب دورا حيويا وخطيرا بالنسبة لنشر قيم المجتمع وعاداته وتقاليده وخاصة في المجتمعات التي تركز على جانب القيم وتعتبرها أساساً من أسس وجودها مثل مجتمعاتنا الإسلامية.
ويمكن القول ان العلاقة بين التربية (التربويين) والمجتمع علاقة وثيقة ومتشابكة هدفها إعداد وتخريج أفراد للمجتمع ذوي شخصيات إنسانية اجتماعية طيبة تؤثر في المجتمع وتتأثر به وتتوافق مع طبيعة هذا المجتمع وتستثمر إمكانياته لتطويره.. وتعمل على سد حاجاته وحل مشكلاته.
وقالت الطالبة يارا القاسم:
للتربية والتعليم دور في بناء المجتمع فلهما أهمية في رفع أخلاق المجتمع.. فالتربية كانت موجودة منذ الأزل.. فقد تربى الرسول صلى الله عليه وسلم على القرآن، وخلفه الصحابة من بعده على القرآن والسنة.. فكانت تربيتهم تربية إسلامية استمرت إلى عهدنا الحاضر وستستمر إلى أجيالنا من بعدنا «إن شاء الله» فالتربويون هم أساس المجتمع ومن المجتمع خرج التربويون الذين لهم دور فعال في تقدم ورقي المجتمعات.
فالمجتمع يطلب ويرغب من التربويين ويحتاج إلى تكاتفهم وتآزرهم لتطوير المجتمع وجعله مجتمعا صالحا يسوده التقدم والرقي.
وليصبح المجتمع متطوراً حضارياً وفكريا ويكون مجتمعا نافعا يخرج منه الأطباء والعلماء والمثقفون الذين يخدمون هذا البلد.. فالمربي هو أساس المجتمع وهو المسؤول عن تقدم ذلك المجتمع. فبنصائحه وتجاربه التربوية التي يقدمها لأبناء مجتمعه، يستفيد منها المجتمع ويعمل بها مما يؤدي إلى مواكبته للحضارات المتقدمة ويكسب الأفراد أنماط سلوكه العقلي والاجتماعي والنفسي والخلقي.
فالتربويون يربون الإنسان في جميع جوانب نموه، من الصغر إلى الكبر.. ومنها العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي والخلقي..
فالأب مربٍ.. وكذلك المعلم والعالم أيضا مربٍ والطبيب وغيرهم وذلك من توجيهاتهم وسلوكهم ومعاملاتهم مع الناس.. فالأسرة هي مكان تربية وكذلك المسجد وأيضاً المدرسة.
ومع ذلك فالتربويون يحتاجون الكثير من ذلك المجتمع وأهمها تشجيعه وتأييده وإعطاؤه بعض النصائح والتوجيهات التي تعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة.
كما يحتاج التربوي إلى أذن صاغية وجوارح عاملة.. لتسمع وتعمل مايقول وبما ينصح به ذلك المربي.. فمن مسمى تخصصه «التربية» يدل على أنه سخر كل جهده وطاقاته ودراساته وتجاربه في الحياة لذلك المجتمع وللمجتمعات عموماً وأيضاً لتربيتهم وللوصول بهم إلى أرقى المستويات.
وكذلك توفير الطاقات والأدوات التي تمكن المربي من أداء دوره على أكمل وجه.. مثل الأسرة.. فيجب ان يكون الأبوان على خلق ودين وكذلك وجود الأبناء لممارسة عملية التربية عليهم. وان يكونا على معرفة بأصول التربية والعمل الدائم على تربية الأسرة.
أما دور المسجد في التربية ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلوم والخطب وتعلم القرآن وتعليمه ففيه الشعور بالأخوة والمساواة والعدالة وحبه للخير وكذلك الابتعاد عن الغيبة والنميمة والتحاسد والتباغض وغيرها.
أما المدرسة فهي تتابع مظاهر التربية الموجودة لدى الطفل التي تبدأ من الأسرة وتقوم المدرسة بمتابعة هذا الاتجاه من خلال تنفيذ المناهج التعليمية وتقويم الطالب وسلوكه ويقوم بذلك المعلم الذي له الدور الأكبر في التعليم وكذلك أصحاب التربية والتعليم في وطننا الغالي.
في ذلك تظهر أهمية التربية والتربويين وحاجة المجتمع لهم وكذلك احتياج التربويين لذلك المجتمع الذي هم خرجوا منه والذين هم يقومون بالتربية ليخرجوا أجيالاً مربية تسير على نهجهم في التربية بما يحقق التقدم والتطور بإذن الله.
وتقول الطالبة سلطانة السديري:
يريد التربويون من المجتمع ان يكون مجتمعا متوازناً نفسياً وعقلياً وقادراً على الإنتاج والتطور ويكون هناك التعاون المتبادل بين الأسرة والتربويين وان يحثوهم على التمسك بالدين والتقاليد والأعراف بطرق غير منفرة محببة.
أما ما يريده المجتمع من التربويين ان يكونوا على علم بثوابته الدينية والتاريخية ومراحل تطوره وحاجاته ويرسخون قيم العدل والصدق والكرامة وان يكون لهم دور هام في إصلاح وتوجيه المجتمع، وألا يدعوا المسؤولية كاملة على الأهل والمجتمع بل يكون تعاونا متبادلا بين التربويين والمجتمع وان يكون منهج تواصل.
وقالت الطالبة منى الواوي:
يريد المجتمع من التربويين ان يكونوا الصرح الذي يتطلع إليه الجيل الجديد الذي هو عماد المستقبل إذ يقع على كاهلهم تربية الصغار وتعليمهم وتقديم النصح والارشاد لهم في سبيل خدمة أنفسهم ووطنهم ومجتمعهم.
والتربويون بدورهم يطلبون من المجتمع ان يزودهم بأجيال على قدر كبير من الوعي والفهم والتربية لكي يستطيعوا بناء هؤلاء الأطفال الذين هم عدة المستقبل وعصب الأمة فكلما صلح الأطفال في بيئتهم الصغيرة وهي البيت أمكن للتربويين ان يزودوهم بالعلم والمعرفة خدمة لأمتهم ووطنهم.
وعلقت الطالبة نجلاء البالي آمالاً كبيرة على هذه الندوة وقالت ان التربويين أساس المجتمع والمجتمع يتكون من التربويين.
** إذن لاشك ان لقاء صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز سيكون مثمراً وبنّاءً.. أتمنى للجميع التوفيق.
|