يستقطب عمل المفتشين في العراق الاهتمام وبدا أنه في الأيام الأخيرة يكتسب إثارة بسبب نوعية ما يتم العثور عليه، غير أن الخبراء سرعان ما يقللون من أهمية المعدات التي تم اكتشافها باعتبارها لا تشكل دليلاً دامغاً لضرب العراق.
الاهتمام بهذا العمل يتزايد أيضاً بسبب اقتراب موعد تقديم التقرير من قبل المفتشين عن عملهم إلى مجلس الأمن الدولي، وربما أن من ضمن ما يقولونه شهادتهم بأن العراق يحوي أو لا يحوي أسلحة دمار شامل وهو أمر يفترض أنه سيؤثر في القرارات اللاحقة تجاه بغداد..
ومع كل هذه الأهمية التي تصاحب عمل المفتشين فإنهم ليسوا وحدهم من يحكم على العراق، وحتى لو جاءت شهادتهم لصالح العراق، فإن الولايات المتحدة ترى أن ذلك ليس كافياً لمنع الضربة العسكرية، وقد انضمت بريطانيا مؤخراً إلى الرأي الأمريكي.
ومع ذلك فإن الولايات المتحدة ستأخذ بعين الاعتبار ما يقوله المفتشون إذا اشتمل تقريرهم على أي إشارة الى أن العراق قد يكون يخفي أسلحة للدمار الشامل.
وربما لذلك تكتسب الوقائع الأخيرة في مهمة المفتشين تلك الإثارة، وخصوصاً ما يتعلق بالعثور على رؤوس للصواريخ لا تحتوي على شحنات أو ذلك التقرير العلمي الذي عثر عليه المفتشون في منزل عالم عراقي، وفي الحالتين فقد اعتبر الخبراء أن الواقعتين لا تكفيان لإقامة دليل ضد العراق مشيرين الى ان العراق لا يملك إمكانية تصنيع أسلحة نووية..
إن مهمة المفتشين تكتسب قدراً أكبر من الصدقية إذ توقف الآخرون عن التدخل فيها من جهة التقليل من أهميتها بين الحين والآخر كما تفعل الولايات المتحدة أو بريطانيا أو من جهة تحليل نتائج ما يتم العثور عليه استباقاً لما يقوله المفتشون أنفسهم.
إن الثقة في عمل المفتشين تعني في ذات الوقت، الوثوق في عمل الأمم المتحدة التي يتبع لها هؤلاء المفتشون.
ومن الممكن أن تصبح هذه الآلية «التفتيش» أداة دولية مهمة في فض الكثير من النزاعات بصرف النظر عن طبيعتها التي قد لا تحتاج إلى ذات الفرق الفنية، إذا نجح هذا العمل في العراق، ونعني بذلك أن يؤثر ما يقوله المفتشون أو ما يرفعونه من تقارير على القرارات اللاحقة وأن تكون تلك القرارات انعكاساً لنتائج أعمالهم.
ومن المؤكد أن العالم في أشد الحاجة إلى كيان فني، سياسي أو تقني أو عسكري، يستطيع أن يكتسب ثقة جميع الدول ورضاها لكي يحل النزاعات بطريقة محايدة، ولهذا فإن إعطاء الفرصة للمفتشين يمكن أن يعزز مثل هذه الصيغة في تسوية النزاعات.
|