Monday 20th January,2003 11071العدد الأثنين 17 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أمين عام رابطة العالم الإسلامي د. التركي: أمين عام رابطة العالم الإسلامي د. التركي:
الاستنساخ يعد اعتداء على سنة الله في خلق الإنسان وتكوينه عن طريق الزواج

* مكة المكرمة عبيدالله الحازمي:
أعلنت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة تحريم الإسلام استنساخ البشر، ودعت إلى وضع ضوابط للبحث العلمي، بحيث لا يتصادم مع شريعة الله، ودعت المجتمع الدولي إلى مواجهة فتنة الاستنساخ البشري الذي يضر بالإنسان، ويخالف ناموس الحياة التي أرادها الله سبحانه وتعالى للإنسان.
جاء ذلك في رسالة وجهها معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام للرابطة، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة إلى حكومات العالم ومؤسساته ومراجعه الدينية، والمجامع الثقافية فيه، فيما يلي نصها:
تابعت رابطة العالم الإسلامي النبأ المتضمن ادعاء استنساخ طفلة، أطلق عليها اسم حواء، وأنباء عن عمليات استنساخ أخرى، وولادات مرتقبة لأطفال مستنسخين باستخدام خلية بشرية وبويضة، تمت معالجتها علمياً، ونقلت إلى رحم امرأة لتتحول بعد مدة من الزمن إلى جنين ثم مولود، وقد أثارت الجهة التي ادعت هذه الدعوى، وما سبق أن كانت تدعيه من أن أصل الإنسان كائن منسوخ من عالم آخر أسئلة حول أصل الإنسان، وأصل الخليقة، حيث زعمت أن الحياة على الأرض، بدأتها مخلوقات من الفضاء، وصلت قبل خمسة وعشرين ألف سنة، وخلقت البشر عن طريق الاستنساخ، وروجت أفكاراً باطلة تصطدم مع الاعتقاد الذي نزلت به الكتب، من الله وبعث به الرسل، وخاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وإن رابطة العالم الإسلامي إذ تستشعر خطراً كبيراً بالاجتراء على التدخل في كينونة الإنسان، وكرامته والعبث بها، وإذ تستنكر الأفكار الإلحادية التي تروجها فرقة الرائيليين التي ادعت أنها نفذت عمليات الاستنساخ وهي من الفرق التي لا تعترف بوجود الله سبحانه وتعالى لتدعو العالم إلى الانتباه إلى ما يحدث من تلبيس وتدليس.
الاستنساخ ليس خلقاً جديداً
الاستنساخ عمل علمي، يعتمد أساساً على خلايا ومورثات، خلقها الله سبحانه وتعالى تتم معالجتها بطريقة انتقائية، مع بويضة خلقها الله بقدرته، وخص بها النساء، وقد ينتج عن معالجة الخلايا مع البويضة جنين، ولا يتصل هذا العمل العلمي بالخلق، الذي هو الإيجاد من العدم وإنما هو معالجة لمخلوق.
وبذلك يمكن القول: إن الاستنساخ هو استعمال لمواد خلقها الله سبحانه وتعالى بوجوه غير سليمة، مخالفة لما شرعه الله من اتخاذ التزاوج بين الذكر والأنثى طريقة للتناسل البشري، مما ينشأ عنه نتائج وخيمة على المجتمع.
لقد انفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق، فهو وحده خالق كل شيء، وهو خالق السموات والأرض وما فيهن: {اللهٍ خّالٌقٍ كٍلٌَ شّيًءُ وّهٍوّ عّلّى" كٍلٌَ شّيًءُ وّكٌيلِ} .
وقد خلق الله سبحانه وتعالى جميع مخلوقاته بما فيها الإنسان من عدم: {وّقّدً خّلّقًتٍكّ مٌن قّبًلٍ وّلّمً تّكٍ شّيًئْا} *مريم: 9* .
والله هو خلق الإنسان، وخلق خلاياه، وخلق بويضة المرأة التي يتم الاستنساخ بواسطتها، ويختلف أمر الاستنساخ عن هذا، فهو ليس إلا معالجة علمية، تجمع بين الأصول المخلوقة، وهي الخلية الجسدية والبويضة المنزوعة النواة، وهو وفق ما عرفه مجمع الفقه الإسلامي: «توليد كائن حي أو أكثر، إما بنقل النواة من خلية جسدية، إلى بويضة منزوعة النواة وإما بتشطير بويضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء» وعليه فالاستنساخ ليس خلقاً جديداً، وإنما هو عمل طارئ على هذا الخلق، الذي أوجده الخالق سبحانه: {ثٍمَّ كّانّ عّلّقّةْ فّخّلّقّ فّسّوَّى". فّجّعّلّ مٌنًهٍ الزَّوًجّيًنٌ الذَّكّرّ وّالأٍنثّى"} *القيامة: 38 - 39* .
{وّفٌي الأّرًضٌ آيّاتِ لٌَلًمٍوقٌنٌينّ. وّفٌي أّنفٍسٌكٍمً أّفّلا تٍبًصٌرٍونّ } *الذاريات: 20 - 21* والله سبحانه وتعالى تحدى البشر بعظمة إعجازه، وبين عجز المخلوق عن الخلق، فقال تعالى: {هّذّا خّلًقٍ اللّهٌ فّأّرٍونٌي مّاذّا خّلّقّ الذٌينّ مٌن دٍونٌهٌ بّلٌ الظَّالٌمٍونّ فٌي ضّلالُ مٍَبٌينُ} *لقمان: 11*، {إنَّ پَّذٌينّ تّدًعٍونّ مٌن دٍونٌ پلَّهٌ لّن يّخًلٍقٍوا ذٍبّابْا وّلّوٌ اجًتّمّعٍوا لّهٍ وّإن يّسًلٍبًهٍمٍ الذٍَبّابٍ شّيًئْا لاَّ يّسًتّنقٌذٍوهٍ مٌنًهٍ ضّعٍفّ الطَّالٌبٍ وّالًمّطًلٍوبٍ} *الحج: 73* .
تحريم الاستنساخ البشري:
لقد تابعت رابطة العالم الإسلامي والمجتمع الفقهي الإسلامي فيها برامج الاستنساخ البشري التي تسعى للوصول إلى مواليد، تتشابه مع الأصل المنسوخ عنه، عبر وسائل لا تتفق مع الفطرة البشرية، يما يفضي إلى التشكيك في الأصل الديني حول خلق الإنسان، فأصدر المجمع الفقهي الإسلامي بالرابطة قراراً بتحريمه، وتجريم فاعله، وذلك في دورته الخامسة عشرة، المنعقدة في شهر رجب 1419ه الذي يوافقه 31 أكتوبر تشرين الأول 1998م وإن تحريم الإستنساخ البشري يأتي من وجوه عدة:
أولا:
إن الاستنساخ يعتبر اعتداء على سنة الله في خلق الإنسان وتكوينه عن طريق الزواج بين الذكر والأنثى، كما في قوله تعالى: {يّا أّيٍَهّا النَّاسٍ إنَّا خّلّقًنّاكٍم مٌَن ذّكّرُ وّأٍنثّى" وّجّعّلًنّاكٍمً شٍعٍوبْا وّقّبّائٌلّ لٌتّعّارّفٍوا} [الحجرات: 13] .
ثانيا:
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، ونفخ فيه من روحه وكرمه وخلقه «في أحسن تقويم» ولا يجوز العبث بأي مرحلة من مراحل خلقه، سواء أكان خلية، أم نطفة، أم علقة، أم مضغة، أم جنيناً.
ثالثاً:
الاستنساخ معرض لإيجاد أشكال بشرية مشوهة وغير سوية، وهذا يتعارض مع قول الله سبحانه وتعالى: {خّلّقّ السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضّ بٌالًحّقٌَ وّصّوَّرّكٍمً فّأّحًسّنّ صٍوّرّكٍمً وّإلّيًهٌ المّصٌيرٍ} [التغابن: 3] .
رابعاً:
* وتغيير للطريق المشروع للنسل: {ثٍمَّ جّعّلّ نّسًلّهٍ مٌن سٍلالّةُ مٌَن مَّاءُ مَّهٌينُ} *السجدة: 8* وعمليات الاستنساخ تعتمد على التلاعب في المورثات الجينية للإنسان، من أجل الوصول إلى المنسوخ المشابه، وهذا يدخل في المحظور، وهو تغيير خلق الله، وهذا من عمل الشيطان: {وّلآمٍرّنَّهٍمً فّلّيٍغّيٌَرٍنَّ خّلًقّ اللهٌ} *النساء: 119* .
خامساً:
* وكيف سيعامل المنسوخ في الميراث وغيره من أحكام القرابة؟.
سادساً:
* أما الاستنساخ فهو سعي للتكاثر بطرق مغايرة لسنة الله في خلقه، وسنته في قصر التوالد عن طريق الزواج، ووضوح الأنساب والقرابة:{وّهٍوّ الذٌي خّلّقّ مٌنّ المّاءٌ بّشّرْا فّجّعّلّهٍ نّسّبْا وّصٌهًرْا وّكّانّ رّبٍَكّ قّدٌيرْا} *الفرقان: 54*.
سابعاً:
إن في الاستنساخ هدم للأسرة التي هي أساس المجتمع الذي يتكون من أسر، يحمل الفرد منها اسمها ومكارمها وسمعتها، ويحظى برعايتها وحمايتها، وبالاستنساخ لا يتحقق ذلك كله.
ثامناً:
* فضلا عن أن التشابه الجسدي يمنع التمييز بين المجرم وشبيهه.
الحاجة إلى قانون عالمي
إن استنساخ البشر عمل تحرمه الشرائع، وتنبذه الأخلاق، وإن أصحاب التجربة الرائيليين، يريدون دفع الناس إلى الإلحاد والتخلي عن مبادئ الدين، والتحول عن الزواج.
* تعد رابطة العالم الإسلامي الاستنساخ البشري إعلاناً للخصومة مع الله الذي: {خّلّقّ الإنسّانّ مٌن نٍَطًفّةُ فّإذّا هٍوّ خّصٌيمِ مٍَبٌينِ} *النحل: 4* كما تعده من الفتن الكبرى، التي توجب على المؤمنين بالله التصدي لها ومنعها، ولذلك فان الرابطة تدعو حكومات العالم ومنظماته ومراجعه الدينية والمجامع الثقافية الدولية إلى ما يلي:
أولا:
الإعلان عن حرمة عمليات الاستنساخ البشري، لتعارضها مع الأسس التي جاءت بها الرسالات الإلهية، مما يتعلق بحياة الناس وتزاوجهم وتكاثرهم.
ثانياً:
التأكيد على أن الزواج الشرعي المعروف بين الرجل والمرأة هو الطريق الوحيد للإنجاب، والتكاثر بين البشر.
ثالثاً:
إيجاد ضوابط للبحث العلمي في مجالات الهندسة الوراثية، تحمي الإنسان من عبث العابثين، ومقاصد المغرضين.
رابعاً:
إيجاد مواثيق دولية بشأن حرية البحث العلمي، تشجع العلم النافع، وتمنع العلم الضار، وفق القاعدة الشرعية درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
خامساً:
حظر التجارب المتعلقة باستنساخ البشر، وإصدار قوانين عالمية تجرّم كل صوره، وتجرّم المشتغلين فيه، والمشجعين عليه، وتوقع عليهم عقوبات مناسبة.
سادساً:
عقد مؤتمر عالمي يضم نخبة من أهل الطب والعلم والدين، لوضع دستور أخلاقي دولي، خاص بعلوم الهندسة الوراثية،، لا يتعارض مع رسالات الله، تتفق عليه الأمم، على أن يصبح قانوناً عالمياً تشرف على تنفيذه هيئة الأمم المتحدة، وتخضع له الحكومات والمؤسسات والشعوب في العالم، حرصاً على مستقبل الإنسان في الأرض.
سابعاً:
منع مناشط الشركات والجهات التي ترعى عمليات الاستنساخ البشري ودعوة المسؤولين عن هذه العمليات إلى الحق، الذي نزلت به رسالات الله في شأن التكاثر الإنساني.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved