Monday 20th January,2003 11071العدد الأثنين 17 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
الإقبال على التَّأليف!!
خيرية إبراهيم السقاف

لن أتطرَّق إلى ما قاله العرب عن الإكثار من التأليف، كما لا أغفل مدى ما كان عليه العربيُّ في التأنِّي، والتَّدقيق، والعناية بمصنَّفاته، وحرصه التام على أمانة الأخذ، وكذلك على الفصل بين ما هو له وما هو لسواه، حتى أنَّنا نجد الصفحات المحبَّرة بالإسناد، تطول سطورها وليس فيها إلاَّ تسلسل..، وتوالٍ في الآخذ عن، والمأخوذ منه، سواء في كتب الأحاديث حرصاً على صحَّتها وثبوتها وتوثيقها، وانتقالاً بهذه الأمانة إلى كتب الأدب، والعلوم، والمعارف المختلفة...، حتى إنَّ هناك من المصنَّفات ما وضعت في «النحَّالين»، وفي السرقات بما فيها سرقات «المعاني»، فكيف يكون الحال بإغفال «المعلومات» العلميَّة أو الفكريَّة، أوحتى التطاول على أفكار الآخرين دون إسناد...
إنَّ التَّأليف ليس فرحة، فهو إثبات بصمة لكلمة، لخطوة، لقول، لفكر، لموقف، لتوجُّه، بل حتى لمشاعر الإنسان ومواقفه النفسيَّة...
التَّأليف شاهد صدقٍ أو شاهد تزوير...
والعربيُّ كان يغرف من معينه، ولا يرضى أن يمتح من معين غيره، فإن هو فعل لتعزيز موقف، فإنَّه يحرص على جعله واضحاً صريحاً...، وأذكر أنَّ التعليق على موضوع في كتاب ما كان العربيُّ يخرجه بطريقة تليق بتوثيقه، فهو يشترط وضعه في الأعلى بالإشارة إلى موقع التعليق أو الإضافة في حاشية جانبيَّة إلى أعلى الصفحة ضماناً لعدم خلط الحواشي والتهميشات من قارئ ذي تعليق إلى قارئ آخر لكي يتيح في الصفحة الواحدة فرصة لسواه إن عنَّ لهذا الآخر أن يعلِّق أو يضيف.
غير أنَّ الإقبال على التَّأليف في عصرنا أصبح تظاهرة...
ما حسن منها فهو إضافة..
وما غثَّ منها فهو عناء...
وما صدق منها فهو شاهد لصاحبه، ومرحلته،
وما زُيِّف فيها فهو شاهد على صاحبه... وتزوير لحقائق مرحلته...
فكم وجدنا من يؤلِّف فيما لا يدري، يمتح من نهر غيره، ويصبُّ في زوَّادته...
فكيف إذن تأخذنا وقائع على ألسنة أقلام من لا يعيشها...، وكيف إذن نسجِّل للمؤلفات الكثيرة والكثيرة شواهد الصِّدق في زمن يكتب فيه الفقير عن الِغنَى، ويتناول فيه الجبان عن البطولة، ويدِّعي فيه الحقيقة من تغيب عنه؟ وتأخذنا طيور الأحلام إلى مدن لم يرتد مجرد الخيال فيها من يرسمها؟!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved