* القاهرة - مكتب الجزيرة - ريم الحسيني - عثمان أنور:
يجمع المحللون السياسيون وخبراء الاستراتيجية على ان اية ضربة اميركية قد توجه الى العراق سيكون لها الكثير من التداعيات والتأثيرات ويؤكد هؤلاء ان المشهد الراهن للشرق الاوسط لابد ان يتغير بصورة جذرية حتى ان البعض بدأ يتحدث «منذ الآن» عن شرق اوسط جديد سيكون من نتاج هذه الحرب التي تعدلها الولايات المتحدة.
هذه الاجواء والاستعدادات لشن الهجوم على العراق جعلت الجميع في حالة بحث دائم حول تداعيات هذه الحرب، ويؤكد المراقبون ان المنطقة ستدخل مرحلة جديدة من التوازنات الدولية والاقليمية وحول التأثير والتداعيات على مستقبل المنطقة و الصراع العربي الاسرائيلي، وانعكاسها على العلاقات العربية الأميركية، استطلعت الجزيرة اراء نخبة من المحللين والمفكرين وخبراء الاستراتيجية.
مخاطر عديدة
يؤكد د. أحمد يوسف عميد معهد البحوث والدراسات العربية ان السيطرة الأميركية المحتملة على العراق حربا أو سلما تحمل في طياتها العديد من المخاطر الأمنية على دول المنطقة والمتمثلة فى امكانية تكرار ما يحدث للعراق لدول اخرى كما ان السيطرة الأميركية على العراق، ستكون نتيجتها أن الدول العربية جميعها وليس العراق وحده هي الطرف المهزوم، الذي عليه أن يدفع استحقاقات الهزيمة، فهذا قانون من قوانين السياسة الثابتة، كما ان السيطرة من شأنها ا أن تثير القلاقل في دول المنطقة، خاصة مع حالة العداء الشعبي الواضحة في الشارع السياسي العربي ضد الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يخرج عن نطاق سيطرة الحكومات ولاشك في أن هذه المخاطر من شأنها اضعاف عناصر قوة دول المنطقة، خاصة الدول العربية، وهو ما يساعد على اعادة رسم خريطة للتوازنات الاقليمية الجديدة وفقا لمعطيات القوة لأطراف المنطقة وحسبما يرى د محمد ابو عامود رئيس قسم العلوم السياسية جامعة حلوان أن الهدف الاستراتيجي الأميركي واضح، وهو اعادة رسم خريطة التوازنات الاقليمية بالمنطقة، وقد يتلاقى هذا الهدف جزئيا أو كليا مع مصالح بعض دول المنطقة وخاصة تركيا وايران الأمر الذي يساعد على تحقيق هذا الهدف، وبالتالي تراجع موضع الدول الاخرى في اطار هذا التوازن، ويضيف ان الولايات المتحدة وهي تسعى الى تحقيق استراتيجيتها، فانها لا تلتزم بأي تحالفات تاريخية سابقة، وانما تقوم باعادة بناء تحالفاتها، بما يتواءم مع مصالحها وحساباتها، ومن ثم فلا مجال للحديث اليوم عن«تحالفات تقليدية» خاصة وأن الرئيس الأميركي نفسه أعلن أكثر من مرة أن الولايات المتحدة ستعيد بناء تحالفاتها الاقليمية لتكون نتائج المحصلة النهائية للسياسة الأمريكية فتح الباب أمام ترتيبات اقليمية جديدة لملء الفراغ الناتج عن انهيار هذه الأطر التنظيمية العربية، وللولايات المتحدة واسرائيل مشروعهما الشرق أوسطي الجاهز للتطبيق، وهو مشروع يقوم على أساس أن اسرائيل هي القوة الاقليمية المهيمنة، أو القوة الاقليمية العظمى، التي تمثل محور كافة التفاعلات في المنطقة، وهو الأمر الذي يدخل عنصرا جديدا في سياق التفاعلات الاقليمية في المنطقة، ويفتح الباب أمام المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في ظل التعارض القائم بين المصالح العربية والاسرائيلية، وعن التداعيات المباشرة لانلاع حرب تقودها الولايات المتحدة لغزو العراق يقول د عبدالله الاشعل مساعد وزير الخارجية المصري والباحث السياسي ان هناك مخاطر عديدة ستتولد عن مثل هذه الحرب، تؤدي الى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة فالحرب ستصاحبها قوة تدميرية هائلة للبنى الاساسية والبشر كما ان الاجتياح الأميركي للعراق، سيؤدي الى خروج مئات الآلاف من اللاجئين الذين سيخترقون حتما حدود دول المنطقة هربا من جحيم الحرب، مع ما يحمله هذا من أعباء ومسؤوليات خطيرة على دول المنطقة، كما سيؤدي الغزو الأميركي للعراق وانهيار الدولة العراقية الى تنامي الاتجاهات السياسية الراديكالية خاصة الاسلامية، واكتسابها المزيد من الأرضية الشعبية والشرعية السياسية، فها هي الولايات المتحدة بنظر هذه الاتجاهات تحطم دولة اسلامية على رؤوس الأشهاد، الأمر الذي يعطي لأطروحات هذه الاتجاهات المزيد من القبول والمصداقية لدى قطاعات شعبية كبيرة، ويقود المنطقة الى المزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
ويرى د عماد جاد الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان مايهم الادارة الامريكية فى حربها ضد العراق هو المصالح الاستراتيجية في المنطقة وخاصة موضوع النفط، وهي إن استطاعت تأمين هذه المصالح دون حدوث تقسيم للعراق فلن تمانع، أما اذا تطلب تأمين هذه المصالح اعادة تنظيم الخارطة العراقية باقتطاع اجزاء منها فلن تتردد الادارة الاميركية في ذلك، أي أن المصلحة الأميركية هي التي ستحدد مستقبل العراق في حالة حدوث الضربة، ومن هنا يمكن أن نقول ان التقسيم في حد ذاته ليس هو هدف الولايات المتحدة ولكن تأمين المصالح الأميركية والسيطرة على منابع النفط.
وحول تداعيات ضرب العراق يقول د.عمرو الشوبكي:الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان هناك تخوفات من غالبية دول المنطقة من تداعيات هذه الحرب وضرب العراق، فهذه الدول تشعر أنها هي بدورها مهددة وأن العراق ما هو الا خطوة أولى في مخطط يعد للمنطقة سوف يشمل عدة دول أخرى، كما أن هذه الدول لا تحبذ الاطاحة بأنظمة بالقوة لأنها ستكون سابقة خطيرة ستغري الأميركيين بتكرارها، في الوقت نفسه تتخوف دول المنطقة من النظام الموالي الذي تنوي الولايات المتحدة تنصيبه في العراق، فما الذي يضمن لهذه الدول أن يكون هذا النظام على درجة من التوافق معهم، أيضا هناك تخوفات لدى دول المنطقة من قيام الولايات المتحدة بالسيطرة على منابع النفط في العراق، وبالتالي التحكم في سوقه كما ان الجميع يعلم أن كل ما تنوي الولايات المتحدة فعله سيصب في النهاية في صالح اسرائيل وعلى حساب القوة العربية.
ويضيف الدكتور عمرو الشوبكي ان من المتوقع ان تشهد الفترة المقبلة مزيدا من الاحتقان والتدهور في العلاقات العربية الاميركية وخاصة في ظل التوجه الجديد في السياسة الخارجية الأميركية والتي لم تعد تلتزم بتعهداتها مع حلفائها في المنطقة وضربها بعرض الحائط للعلاقات المتميزة مع دول مثل السعودية ومصر،وتأكيدها على أن كل من ليس مع الولايات المتحدة، هو ضدها.
|