هذه الرُّؤوس اليانعة كالقطاف...
تنكفىء على أوراقها...، تمسك بين أصابعها أقلامها...، تكتب... وتستدر ما في رأسها من الخبرات التي تلقَّتها خلال فصل دراسي كامل...
هذه رؤوس طالبات الدِّراسات العليا، اختطلت أعدادهن في قاعة واحدة، وتداخلت مقاعدهن... وأمام الصف الأول تقف أستاذاتهن... كلُّ منَّا تحدِّب بعينيها على طالباتها... كلٌّ منهن يعمّر خاطرها أمل أن تكون قد أوفت العطاء، كيف تثمر هذه الرؤوس فوق الورق بذور ما أعطت، وثمار ما نمت به هذه الخبرات...، أستاذات العلوم الاجتماعية، والفيزياء والرياضيات، والدِّراسات الفنية، وعلوم اللغة العربية، وعلوم اللغة الإنجليزية،... وطالبات هذه التخصصات... ينكفئن يجبن عن عبارات استفهام رسمت أمام أعينهن، تحفز خبراتهن، تستور استيعابهن، تحرض شغبهن مع كل ذلك على الورق... وكأنَّهن في هذه اللحظات في سبق من يفوز: هن.. أم أستاذاتهن...
وكلَّما كانت الواحدة منهن صامتة تتحدَّث فقط للورق، كلَّما وضعت كلٌّ منَّا يدها على صدرها اطمئناناً إلى سكينة النتيجة... ذلك يعني أنَّ الخبرات استقرَّت، وأنَّها تتسابق تطلُّ من رؤوسهن إلى أعمدة الورق، تتقاطر كلُّ منها في سبق الظُّهور كي تحصد وردة جوريَّة تزين بها فرحة العبور... من مأزق ناجح وكيف هوالنجاح... أو متعثِّر وما سبب التعثُّر؟
ولأنَّ الاختبار في مادة «طرائق التَّدريس الخاصة».. فإنَّه ليس فقط لهذه الرؤوس الغضَّة كي تتبارى في الوصول لهدف الفلاح، أو تتسابق لاعتلاء قمة جذع شجرة النجاح... بل لعلَّه في الواقع هو اختبار لنا نحن... من قدَّم لهن الخبرات، وعلمهنَّ الطَّرائق، وأخذ بهن إلى طرق التَّحصيل... فهل ترانا بلغنا؟...
ذلك هو السُّؤال...
فأين الإجابة؟!...
تخيَّلت لو أنَّ كلَّ واحدة منَّا ونحن نقف أمام طالباتنا في الجامعة وهنَّ يقدمن الاختبار فيما وجَّهناه إليهن من أسئلة، تجلس إلى مقعد الاختبار ذاته وتجيب عن السُّؤال: ألا هل بَلّغتُ وبَلَغْت؟!...
ذلك هو المحك...
فمتى يمكننا أن نضع قبَّعة الدرجة العلمية بجوار حقائب الطالبات... ونقتعد بجوارهن مقاعد السؤال؟!...
|