Sunday 19th January,2003 11070العدد الأحد 16 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في حلاوة «كل شيء في وقته» !!
د. فارس محمد الغزي

أذكر أن قرأت في «الطب الروحاني» لابن الجوزي قوله «إياك وفضول التفكير»، وحسبما أتذكر أيضاً فقد عنى بقوله هذا ضرورة الوعي بالقدرات والامكانات.. تقريباً المضامين نفسها التي يشي بها قولنا الشعبي:«مد رجلينك على قدر لحافك» وفضول التفكير أحلام يقظة واهمة تبتعد بالفرد عن أساسيات وأسس الحقيقة، فالطموح بعيد النظر على سبيل المثال أمره بالغ الايجابية غير أن الحقيقة التي تحذرنا عن «ألا نؤجل عمل اليوم إلى الغد» تهمس لنا كذلك بالتحذير عن القفز على عمل الغد انشغالاً في عمل ما بعد غد. عليه فالنقطة الرئيسية هنا هي أن للأشياء تراتبية زمنية يتوجب دائماً أخذها في الحسبان بحيث لا نؤجل ما لا يحتمل التأجيل كما لا نقدم فنبكر فيما يضره التبكير.. وذلك في حال تم انتزاعه من لدن زمنيته المناسبة فرميه بعد اختطافه في أحضان زمنية لا تتناسب معه في السياقات والحيثيات وأهم من هذا وذاك في العقليات.
فكل شيء خلق بقدر زمني يناسبه بقدر، ولهذا فقد يكون تأجيل وقت شيء ما إلى وقت لا يناسب أوقاته المجدولة وظروف أوانه الزمني المناسب مدعاة للإخلال في طبيعة نموه الطبيعي، وبكل صراحة فأفضل عبارة «سامجة» لتوضيح ما أعنيه هنا هو «كل شيء في وقته حلو.. يا حلو!»، وباختلال هذه المعادلة فقد يختل المذاق فتتحول الحلاوة المسيلة للعاب إلى مرارة تسيل الدموع «وتفقع!» المرارة.
إذن ففي التأجيل المخل أو التبكير المضر خلط الحابل الأول بنابل التالي وخلط كذلك لأوراق الجوهري بكربونية الهامشيات، بل إن الاخلال بمواقع الأشياء الزمنية الأصلية كالرمي بهما على قارعة طريق مجهولة.. فالنتيجة: التوهان.
بل إن الخلط المخل في توقيت الأشياء كالخلط بين أوقات الوجبات الذي يؤكد العلم أنه من مسببات العديد من الأمراض التي منها «السمنة المفرطة»، فلا غرو أن يحذر أوائلنا عن «ادخال الطعام على الطعام» من حيث إن ادخال الطعام على الطعام قد يترتب عليه مغبات قيام الطعام اللاحق بحرمان الطعام السابق من حقوقه الزمنية اللازمة لهضمه، وما ذلك إلا كما ذكرت سابقاً: فقد يكون في تأجيل الشيء عن زمنه المناسب فوات مناسبة كما أن التبكير في هذا الشيء إخلال بمقومات ضرورات التناسب بل اقتراع جذور واجتثاث عناصر تجذر.
في الختام مراجعة مختزلة: الخلط بين مقومات شيئين زمنياً صهر أو مزج لمعوقاتهما في قالب واحد وهذا يعني توحيد هذه المعوقات في جبهة واحدة بالعدد.. موحدة بالعدة.. الأمر الذي من شأنه مضاعفة تأثيرهما لتصمد في طريق النجاح المأمول.. وهنا يموت النجاح ليدفن في مقبرة الاحباط تسجيه أردية الفشل تلفه أسمال الخيبة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved