* الرياض الجزيرة:
تعتبر السياحة مصدراً من مصادر الدخل الرئيسية للعديد من الدول ويسعى الكثير منها لاستقطاب السياح بتوفير أماكن الإقامة المربحة ووسائل الترفيه وإعداد البرامج السياحية الجذابة للسياح. وأصبحنا نسمع عن اماكن سياحية لم تكن معروفة من قبل لأن بعد المسافات بات لا يشكل عائقاً أمام السائح بفضل توافر خطوط الطيران لكل أنحاء المعمورة علاوة على العروض المغرية التي دأبت خطوط الطيران لكل أنحاء المعمورة علاوة على العروض المغرية التي دأبت خطوط الطيران في الدول السياحية على تقديمها للسائح شاملة التذاكر والنقل الداخلي والإقامة وتأجير السيارات بأسعار مناسبة، وصدور الأمر السامي الكريم بتأسيس الهيئة العليا للسياحة ما هو إلا أمنية كان ينتظرها كل مواطن غيور على وطنه وهو يسمع بالأعداد الكبيرة من المواطنين الذين يغادرون أفواجاً وجماعات لقضاء اجازاتهم خارج المملكة والمبالغ الكبيرة التي تتجاوز عشرات المليارات التي ينفقونها، والمخاطر الكثيرة التي يتعرضون لها اضافة الى ما يتبع ذلك من أمور سلبية أخرى. وما اختيار سمو النائب الثاني لرئاسة مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة إلا دليل على اهتمام حكومة المملكة بقطاع السياحة والرغبة الجادة للارتقاء بها وتطويرها لأهميتها الاقتصادية باعتبارها تمثل ثالث أكبر قطاع يساهم في الناتج المحلي الإجمالي كما جاء بتصريح سمو الأمين العام للهيئة لصحيفة الاقتصادية وكذلك لأهميتها للمواطن والمستثمر السعودي بتوفير وتسهيل فرص الاستثمار السياحي وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل في مجالات جديدة وكذلك توجيه بعض الانفاق الى السياحة الداخلية ودعماً للاقتصاد الوطني.
ولقد سبقني الكثيرون في الكتابة عن السياحة وهمومها ووسائل تطويرها إلا انني اود ان اركز على موضوع مهم لم يجد حظه من التناول ألا وهو موضوع العلاقة بين السياحة والتوزيع السكاني.
قامت الهيئة بدراسة تجارب 40 دولة في السياحة، وهذا عمل تشكر عليه لاستفادتها من تجارب الآخرين وعدم تعريض صناعة السياحة لأي مخاطر، وارجو ان يسمح لي بالتطرق لبعض التجارب التي عايشتها في بعض الدول وما نتج منها من فائدة غير مباشرة تمثلت في إعادة توزيع الخريطة السكانية من خلال السياحة. فقبل مدة 30 عاماً لم يكن هناك مناطق سياحية في مصر على الساحل الشمالي او على البحر الاحمر، إنما كانت هناك قرى متباعدة تعيش على صيد الاسماك وكانت هذه المناطق موحشة وقاحلة ولكن بعد ان تبنت الحكومة المصرية السياحة كمصدر دخل وطني اهتمت بالمناطق الساحلية وتم توزيع أعداد كبيرة من الاراضي لاستثمارها في مشاريع سياحية وساهمت الدولة في توفير البنية الأساسية وقدمت للمستثمرين التسهيلات التي تمكنهم من إقامة هذه المشاريع وتحولت هذه المناطق تدريجياً من قرى سياحية بسيطة الى مدن سياحية تتوافر بها جميع الخدمات والمرافق والمدارس والدوائر الحكومية، بل انشئت فيها المطارات وأصبحت مع زيادة الحركة السياحية مطارات دولية. وبهذا تكون المناطق السياحية ساهمت في إعادة توزيع الخريطة السكانية في عدة مدن سياحية حديثة، وكانت ماليزيا قبل 30 عاماً غير معروفة سياحياً، ومع اهتمامها بالسياحة تم انشاء القرى السياحية المتناثرة على السواحل التي أصبحت من أهم المناطق السياحية في آسيا، وبسؤال أي مواطن في هذه القرى السياحية عن تاريخها يفيدك بأنها حديثة العهد. واعتقد ان دولاً كثيرة اتجهت لتحويل السائح من المناطق السياحية المزدحمة الى قرى ومدن سياحية حديثة تتوافر فيها جميع المرافق والخدمات اللازمة للسائح بغرض إعادة التوزيع السكاني لفك الاختناق في المدن الكبيرة وتوفير مصادر دخل عالية في المناطق الجديدة لجذب أكبر عدد من السكان للإقامة الدائمة بها.
واعتقد ان الفرصة مواتية في المملكة لبناء صناعة سياحية اقتصادية متطورة بإقامة قرى سياحية على البحر حيث يبلغ طول الشواطئ قرابة 2700 كلم وكذلك هناك مساحات كبيرة في المناطق الجبلية والمرتفعات التي تتميز باعتدال مناخها لم تستغل وتخصيص مواقع معينة على الشواطئ وفي المناطق الأخرى لهيئة السياحة يعتبر دعماً كبيراً لتطوير السياحة ويساهم في إنشاء قرى سياحية وتوفير سكن للعاملين والموظفين مما يساعد على إعادة التوزيع السكاني. وتخصيص المواقع ليس غريباً على حكومة المملكة حيث ساهمت مساهمة كبيرة في تطوير الصناعة بتخصيص مواقع لإقامة أحدث المدن الصناعية كما ساهمت في تطوير الزراعة بمنح الأراضي الزراعية.
ويمكن تطوير السياحة إذا توافرت العناصر الآتية:
1- توفير البنية الأساسية اللازمة للقرى السياحية.
2- تحديد المخصصات المالية اللازمة لانتعاش السياحة..
3- تخصيص مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للسياحة وتزويدها بالمرافق والبنيات الأساسية.
4- رسم استراتيجية واضحة تحدد أهداف الهيئة والشرائح المستهدفة والفترات الزمنية التي يمكن ان تظهر فيها المشاريع السياحية.
5- تأسيس جهة تمويلية على غرار الصندوق الصناعي والعقاري والبنك الزراعي للاستفادة من القروض التي تقدم لصغار المستفيدين من المواقع السياحية. ووضع برامج لمتابعة التنفيذ وتقديم تسهيلات اضافية للمستثمرين الجادين.
6- تعاون الجهات المعنية من دوائر حكومية وخطوط طيران وفنادق بعقد اجتماعات تنسيقية دورية لمناقشة المعوقات وتوفير التسهيلات والوسائل التي من شأنها المساهمة في انسياب التدفق السياحي.
|