أكد مجلس الشورى خلال الأيام الماضية على ضرورة تخفيض الدَّيْن العام للدولة، والذي وصل الى ما يقارب الناتج المحلي الوطني ويزيد عنه، ويصل مجمل الدين الحكومي الى 650 بليون ريال، ويتزايد سنويا بما يقارب 30 ملياراً كفائدة على هذا الدين، ومع التأكيد ان الدين الحكومي يتزايد مع استمرار العجز بالموازنة العامة للدولة وهذا يعني ان الوضع الاقتصادي الحالي لا يشير الى أي توقف للدين الحكومي او ثباته.
حين يطالب مجلس الشورى بضرورة خفض الدين الحكومي فهو يؤكد على الأهمية الكبرى لخفض الدين، لما في ذلك من الأثر الايجابي على الاقتصاد الوطني، وبالقدر نفسه حجم الضرر والبطء الاقتصادي الناتج عن استمرار هذا الدين وتزايده، والذي يحد من أي عامل تحفيز او نمو يمكن تحقيقه اقتصاديا، وأيضا الى عدم الاستثمار الإنفاقي في الاقتصاد الوطني بسبب حجم التزامات الدولة التي يجب الإيفاء بها والالتزام بها امام الكثير من القطاعات، كذلك يؤثر الدين الحكومي المتضخم والمتنامي في عدم الاستفادة من أي فائض بالموازنة ان تم توجيهه في مشاريع استثمارية تنموية بل تمتصها جميع التزامات الدولة وديونها.
إن الدعوة لخفض الدين الحكومي لا يُكتفى بها من خلال المطالبة والتأكيد، بل الاكثر ضرورة هو طرح الحلول والكيفية التي ستتم بها المعالجة، وليس أي حلول بل تكون حلولاً ثابتة وطويلة المدى وليس مؤقتة، وليس لمرة واحدة كما هو التخصيص الذي يتم بيعه وطرحه لمرة واحدة للقطاع الخاص، ولعل أبرز الخطوات التي يمكن لها ان تحقق خفضاً حقيقياً للدين العام للدولة كما يطالب به مجلس الشورى وخلال عشر سنوات هي، ان تتم بعدة اجراءات ولعل أبرز هذه الخطوات من وجهة نظري هي التالي:
* الالتزام ببنود الميزانية كما تصدر وعدم تجاوز المصاريف عن المحدد لها بأقصى درجة ممكنة.
* تنويع مصادر الدخل غير النفطية، سواء من خلال الاستثمار المحلي او الاجنبي بأنواعه من سلع وخدمات، والسياحة، بناء قاعدة صناعية حقيقة متنوعة تستفيد من الثروة المحلية، الاستفادة من مواسم الحج والعمرة خلال السنة بأقصى درجاته.
* تجنيب أي فائض بالميزانية لسداد الدين الحكومي، وعدم عكسه كمصروف اضافي.
* العمل قدر الامكان على إصدار ميزانية «صفرية» وعدم تجاوزها للاستفادة من أي فوائض بالميزانية.
* الاستفادة من الثروة المعدنية غير المستثمرة حتى الآن، وتسريع دخول الشركات الدولية النفطية لاستثمار هذه المعادن وضخ رؤوس الاموال اللازمة لهذه الصناعة الهامة وما لها من انعكاسات.
* استمرار بيع القطاعات والمساهمات الحكومية المزمع تخصيصها وتسريعها، وبيعها في السوق المالي، لتخفيف العبء عن الحكومة.
* تخفيض اليد العاملة غير السعودية «وهناك بطالة اجنبية حقيقية» لكي يتم الحد من الاستنزاف المالي للاقتصاد الوطني والذي يصل سنويا الى 45 مليار ريال، مع ضرورة الإحلال للمواطن بنفس الوقت.
* تحسين مخرجات التعليم والتركيز على الجوانب العلمية، للاستفادة من اليد العاملة الوطنية في عملية الإحلال، وذلك للحد من البطالة المتنامية، في ظل وجود 7 ملايين عامل غير سعودي.
* الاهتمام بصناعة تقنية المعلومات خاصة اذا علمنا ان دولاً تصنف نامية «كالهند» تعتمد اعتمادا كبيرا على هذه التقنية في تنمية ايراداتها وبرقم كبير جدا يتجاوز 20 مليار دولار سنويا.
أخيراً، بتصوري ان تطبيق هذه الخطوات ستكون عاملاً مهماً في تخفيض الدين الحكومي، وهي لن تكون سهلة التطبيق للمعطيات الحالية للاقتصاد الوطني وما يواجهه من تحديات خاصة باعتماده على مورد واحد ويشكل 80% من الايرادات واسعار متذبذبة شبه يومية. والاقتصاد الوطني يتطلب مزيدا من الإنفاق بصورة متنامية لا تتوقف، والذي يفرضه واقع النمو السكاني الكبير والتوسع الكبير والتطوير المستمر، وتوفير فرص عمل سنوية لا تقل عن 200 ألف وظيفة من الجنسين.
|